الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحلمُ جالسٌ بين جلّادَيْن.. وهما يَشحُبان

الحلمُ جالسٌ بين جلّادَيْن.. وهما يَشحُبان
14 ديسمبر 2016 20:25
ترجمة وتقديم أحمد عثمان إدمون جابيس (1912 - 1991) شاعر يكتب بالفرنسية. نزحت أسرته من إسبانيا إلى مصر، قبل ثلاثمئة عام. كانت تربيته فرنسية: درس بدايةً في مدرسة الفرير (كوليج سان جون باتيست)، ثم مدرسة الليسيه (التابعة للبعثة التعليمية العلمانية الفرنسية). في أواخر العشرينيات، نشر بعض مقالاته ضد موسوليني ونزعته الفاشية في صحيفة «لا ليبرتيه» (الحرية)، وبعض قصائده الرومانسية والرمزية قبل أن يسافر إلى فرنسا للإقامة والدراسة في كلية الآداب في باريس التي أصدر فيها مجلة «المختارات الشهرية» لتقديم وعرض النشاط الثقافي المصري المكتوب بالفرنسية. في منتصف الثلاثينيات، سافر إلى باريس والتقى ماكس جاكوب، الشاعر الفرنسي الشهير، الذي قرأ عليه بعض نصوصه الشعرية، فما كان منه إلا أن أرشده إلى متابعة نتاجات شعراء الفرنسية المعاصرين، ودفعه إلى مصادقة بول إلوار وأندريه بروتون ورونيه شار، ونصحه بعدم الالتفات إلى كتاباته القديمة في آن معاً. في العام 1936، في باريس، نشر «الرغبة الصالحة للشرب»، وهو اتجاه جديد يقارب السوريالية. اقترب جابيس إلى حد كبير من الحركة السوريالية، ومع ذلك لم يشاركها دعواها السياسية. قام بمعاونة من «جماعة الصداقة الفرنسية» التي أسسها في العام 1944، بطبع ديوانيه «حصة الرمال» و«طريق الينابيع» على نفقته الخاصة. وفي العام 1947 نشر ديوان «أغاني لوجبة الغول» (1943 -1945)، ومنذ ذاك أسهم مع جورج حنين في العديد من الأنشطة السوريالية: إصدار مجلة، معارض فنية وخلافه. وفي العام 1952 تقلد وسام الشرف الفرنسي اعترافاً بدوره الثقافي ومكانته الأدبية الراقية. أسس دار نشر قدمت نتاجات عدة تحت اسم «حصة الرمال»، قبل أن يصدر ديوانه الشهير «قشرة العالم» في دار «سيجيرس» العام 1955. بعد أحداث السويس 1956 هاجر إلى باريس في 19 يونيو 1957، يقول: «سافرت إلى فرنسا لأنها بلد اللغة التي أتقنها»، وأضاف في حديث صحفي معه: «تركت بلدي، وكان عليَّ أن أبحث عن صحراء أخرى، غير أنني لم أجد صحرائي أبداً. الصحراء أملي الكبير في حياتي كلها. في القاهرة، كنت أسير مسافات طويلة، ولوقت لا أعرف له حدّاً في الصحراء. أعلاي السماء زرقاء وأمامي الصحراء ممتدة. هناك في الصحراء يبدو الهدوء بلا نهاية، والصمت ملهماً، ساعداني على الكتابة، وبعد أن تركت مصر تُقت طويلاً إلى هذه المشاعر والحالات». (مجلة: «لا كسبرسو» الإيطالية، 15 ديسمبر/‏‏ كانون الأول 1985). مع ذلك، لم تدفعه مشاعره المضطرمة الجامحة للعودة إلى صحرائه ثانية، أثناء تصوير فيلم تسجيلي عن حياته في العام 1988. أصدر «أُشيد مثواي» في العام 1959، بعد أن استقر نهائياً في باريس. بعد ذلك كتب قصيدة مطولة «سرد»، جمعها وقصائد أخرى في ديوان واحد «الذاكرة واليد» (1974 - 1979)، ثم أخذ يعيد إصدار دواوينه، حتى صدرت أعماله الشعرية الكاملة في ديوان واحد «العتبة - الرمل» (1943 - 1988)، عن دار «جاليمار»، بعد وفاته بأشهر قليلة. «لم يبق كثير من الوقت لبلوغ الذاكرة.. قبلاً كانت المياه، ومن بعد كانت المياه، ودوماً المياه... أبداً مياه على مياه، أبداً مياه لأجل مياه، وإنما مياه حيثما لا توجد مياه، وكذا مياه في الذاكرة الميتة للمياه. العيش في الموت الحي، بين ذكرى ونسيان المياه، بين الظمأ والظمأ»... هكذا قال صوت جابيس العميق والهادئ، ذاك الصوت القادم من أعماق الصحراء، الصوت الرائق لكل القوافل وكل الهيروغليفيات والحكمة، وعلى وجه الخصوص كل صور الذاكرة. نتاجه، من دون شك، الوجه الواضح للشكوك والتساؤلات. إنه شاعر كبير، يتبدى جلياً في جوهر الكتابة والحياة. الصمت والرمال يمضيان عبر كلماته. المنفى مملكته، المتاهة والخلاء هما صحراؤه المنيرة. شذرات، كتابات قبرية محتومة، عن كونها بناءً للأحلام. الكتابة، بالنسبة إليه، فعل مؤسسي، بعيداً عن أي جمالية: «الكتابة، الآن، لكي أعرف أنني في يوم ما سأكف عن الوجود، وأن كل شيء أعلاي وحولي، أصبح أزرق، رحباً، ممتداً، خالياً...». عنيد.. قال مراراً وتكراراً الكلمات نفسها والجمل نفسها. جابيس رجل الجواهر، رجل الكامن، رجل مقتطفات الأبدية المرتبطة بالزمن والموت الكائن بداخله. ولذا يمد يده إلينا بكتاب، فنجد صفحاته بيضاء، مرايا مهشمة إلى مئات القطع. كتابته نداء، تأكيد، وليست فضاءً للسلوى والتعزية. جعلته هاويته عن الغياب والفراغ مزعجاً، غير مريح، ولكنها أيضاً من الممكن اعتبارها نوعاً من الضيافة والأخوية: «القدوم إلى الحياة كشاعر، أي الوجود في العالم بصورة مختلفة». جابيس، رجل الواجب، يستعير الكلام من عرَّافات دلف، وهن عرَّافات يجترحن المعجزات باسم أبولو في معبد دلف، والحكماء... يسائل الدقيق عن الوصف. يجذب ظله الكبير من أخلاقياته وإنسانيته. «هناك الكلمة الصبور الكلمة القلقة الكلمة التي تتهم روح النهار الليل هناك الكلمة التي تقتحم». (...) الشاعر قصيدته. يجسد المغامرة الممنوحة للغة. إنه، في قوقعة العالم الكبرى، مسعى المحارة العبثي والمتجدد دوماً، يرصع اللانهاية باللؤلؤ. هناك الكلمة – الزوج الكلمة التكوين هناك الكلمة – الغصن الحروف المقدرة سلفاً الشفافية الكتابية. (...) هناك كلمة إزاء كلمة حوار المرايا. (عن: «سهرات الحفل الموسيقي أو الكلمات الغريبة») خارج الأمكنة وخارج الزمن، كلماته تهجم علينا واحدة إثر الأخرى، تباغتنا، توترنا وتثير دهشتنا. تقول لنا إن هذا الشيء، مثلاً، احتل موقعاً بخفية وبطريقة معتمة، إذ إن الذاكرة تستحقه، وعين حادة تنظر إلينا. لا يمكن أن نكون إلا رحالة في كتبه. نرى كل شيء كالسراب، وبالأخص الآن في زمننا. في تعرضه للحركة السوريالية المصرية، يؤكد جون - جاك لوتي: «من بين خبرات هذه الحركة الشابة الناهضة، يذكر اسم إدمون جابيس في أفضل مكانة، وهذا يوضح إلى من ضللتهم القصيدة تناقض مانفيستو الحلم الخالد تجاه اليقظة، وفي سعاداتها وخيباتها. في قصائده خفة شفاهية وألاعيب طفولية، فيما خلّف ذلك رغبة هائلة للتحرر من كل القيود العروضية. هذا الفكر المتمرد يقترب إلى حد ما من فكر جاكوب (ماكس جاكوب، الشاعر الفرنسي) الذي صاحبه قبلاً. نكتشف أن للشاعر رؤية أحادية للكينونة والأشياء، تهتم بالفانتازيا من الواقعية، وأكثر من ذلك، تعد سذاجة غير عادية لمواجهة العالم الجديد، قصارى القول: «استغل جابيس في قصائده أدنى حنايا الحياة الباطنية». قراءة جابيس هي الاقتراب من التجاوز، من المستتر، من الممنوع. وهذا الرجل الذي كتب قصائد قصيرة عن أيام المطر للأطفال، هو نفسه رجل الأيام الصعبة. كتابنا، ذاكرتنا: «أهديكم كتاباً داخل كتاب للقراءة، وكلمة داخل أخرى أيضاً»... هنا ترجمة لبعض قصائده. قناع الموت قناع الموت يكتشف أصوله حجر محفور حيثما نرحل القانون حطم حواجز الفظاظة القوية، الطرق تتلاقى في قلب المياه الجاحظ القانون قاعدة النسبة بسيط أيضاً كسحر المصابيح في المساء في غرفة المؤامرة سوف تنامين طويلاً قبل أن تدركي النهار سوف أفصل عنك أحلامك كما البحر عن جَزْره سوف تنامين مع خريطة مسالك المبادلات المختارة غير أن عينيك لا تمتلكان سوى نظرة واحدة قناع الموت وجد خطوطه المستعارة من الأسطورة الرسام جثا أمام ظل ذي سهام متقنة الصنع كي يصنع منها ريشات للموت سوف تنامين مع النسيان ينبوع ليالي الإنسان على الأماكن المنيرة سوف تنامين، المجذافان سقطا، وانقلب القارب رأساً على عقب. قصيدتان عن صداقة في حداد `(إلى بول إيلوار في الذاكرة) 1 اتشحت الطرق بالحداد المصباح وعي الليل صور حيث واريت المرآة مجوس مسرحون مفتاح العشب المفتون الشمس محمولة على الأيدي الموعودة هبة الزوبعة المهزومة أسهم متفرقة أرى الوجه المذهول لآلات أرغن ملطفة على عتبة الكنائس آفة الخطوات المحسوبة الطحلب الكسول على طول الأسقف اتشحت الطرق بالحداد المصباح وعي الليل صور مستردة من بقاع مغمورة من أحلام منحوتة الأصوات لون الفصل لم يعتقدها الناس غير أنهم ماتوا من أجلها صور أيام الأجرة أيام الأرق اتشحت الطرق بالحداد المصباح وعي الليل أرى الهاوية التي ينجذب النمل إليها العائد إلى النور شبكة الكلابات المبللة الرقاد يصنع تاريخها الأسطورة التي سيرددونها من نهشة إلى نهشة أرى جمعاً يقلقل الحوائط من الجحر طرق الروح لا تعد ولا تحصى يحفظها الحجر في الثلج خشب ملقى على نار المعجزة أصبح ناراً بدوره أرى عينيَّ تولدان وتموتان في مصباحي البحيرتان التوأمتان اللتان تضيئهما ثم تطفئهما الساعات الصمت في قاعهما نفسه يتنفس كامرأة وينثني فيفوح السوسن اتشحت الطرق بالحداد المصباح وعي الليل 2 الليل اختبأ في ليلة موتك النجمة تكرر النجمة والأرض لصوتنا الفجر بلا وجه منحناه وجهنا كي يحب ويموت الليل اختبأ في ليلة الغزليات منتصف الظهيرة سيضحك على الأحجار التي تشبهك الآن وسوف نحفر عليها اسمك، ورقيات جميلة عليها ووسط الرياح التي تهدهدها بالكاد اسمك، براعم خضراء حيث ينبعث عصفور خدرته القيلولة اعتقدت أنك فقدت الكلمات فاتحاً لها الفضاء في الشتاء، تدفئ قلبك بوفاء أجنحتها الكلمات والكنوز التي اكتشفتها بأصابعك، أصابع الإنسان إنها من تقربنا حينما تعرفنا الشجرة العارية العشب الرطب هم وحدهم من شهدوا الزوبعة مع أول خيوط الشمس ندوبنا على أعيننا الزمن الثقيل على الجفون لا يردنا عميانا. تحول العالم بالإلحاح وضعت الشعلات النقاط على الحروف الانطلاق مؤكد في غد السباق نُحي الأقزام الذين بلغوا بأصابعهم سرة الفصول العصافير تنتسب إلى تحول العالم تطير حتى تمكن النجمة أخيراً من الطيران الرأس إلى الأسفل، الأقدام لا تمتلك حجة وجودها وإلا ثقبت السحب اشتعلت النيران في البيوت والإنسان، لأجله، لا يعترض على الحرارة العالية ولكن... على عمود البحار (إلى فيليب ريبيرول) على عمود البحار الصخب يخفف الدم امرأة عارية ذات حركات ممنوحة للموجة امرأة عارية ذات حركات متوجة بالزبد ثائرات كن سيدات الجزر ذات أشجار الصنوبر الجرانيتية الناعمة ومع ذلك لها أوراق وثمار محيط حيث تنتهي تردداتنا وجروحنا مرة وسمت حياتي للأبد في معسكر العبيد الجلاجل يسيل لعابها كما المولودين الجدد من اللازم توفر صبر الحوائط لحجز المساجين، ثقة الرصاص والنار، من اللازم أيضاً توفر الموت ذي طوق المجرى الضائع على عمود البحار الشمس عقاب تثير الرياح نشوته نهائياً سوف تنبت الدموع على مياه الحقول نهائياً لن يلازم التمرد الممرات الخائنة الطريق مرسومة كما قلت لكم وخطوات الشعراء واثقة هم العيش زهرة تستشعر شكلها، والعطر، هما مكانا المنفى المؤكد الحلم جالس بين جلادين وهما يشحبان. نحن محجوبون حينما تكونين بعيدة لا ظل في الليل هناك لا صمت النجوم تتآمر في خلاياها تبحث عن الهرب بيد أنها لا تستطيع نارها تجرح لا تقتل أحياناً ترفع البومة نحوه رأسها ثم تنعب نجمة لي في الرقاد وفي السماء البعيدة الغائبة سجينة مذعورة بطلة منفية حينما تكونين بعيدة لا يوجد أبداً رماد في النار لا دخان الرياح تبدد البيوت كافة الحوائط تتطابق مع الثلج في ذاك الوقت لا أتخيلك لا يلاحقني وجهك أتتبعك في الشوارع تمضين مندهشة بالكاد كنت ظلك في الشمس أجهل الحديقة الصموت التي قابلتني فيها فقط نحن الاثنين المرتبطين بحلمنا على مدار كلامنا العفوي أنام في عالم الرقاد فيه نادر عالم يرعبني كغول طفولتي تظهرين خلف جفوني كما جرى من قبل حينما أنشأت أعريك حجبت المصباح الذي يخجلك نمنا جنباً إلى جنب في الليل الذي يكوننا بالحب منحتك يديك اللتين سقطتا بين يدي وصوتك أنت متغيرة الملامح الزهرة قدمت إلى ركبتك لائقة، تويجة لضفيرتك زهرة الدم تعتقد فاقدة الحس وسط الحصوات الخيالية حيث الموتى يهلكون بآخر قوة يقطعون حزام الغبار الذي يرتدونه في ذاك الوقت حيث جسدك يفتح الطرق تمتزجين مع الأفق لا أرى أبداً أين تتنفسين تقاومين عيناي حملتا عينيك ساقاي أطلقتا ساقيك وفمي حرر شفتيك أمنحك الاسم الذي تتهجاه حواسك أنت صدى اللحم والعظم الصورة الوفية لتغيري في ذاك الوقت حيث أصبتِني بالدهشة حيث وجدتك يلزمني أن أقاوم التعب/‏‏ المكائد في ومضة قبلاتنا تنبجس القارات كانت شريكتنا وتنكشف لأجلنا بالمربعات بالسكان اشتعلت النيران بالأرض مذّاك غرقت نتحرك في الفضاء متعلقين بالمياه معلقين بالشعلات محترقين غرقى انتظرت حتى تجاوزتك كي تتبعيني لم تخونيني أنام في عالم أحياؤه أقروا بأخطائهم أعلى الخرائب المعرشة على أعمدة القلق والسكاكين الليل يواجهنا بأشباهنا في ذاك الوقت لكي أعتقد بالبهجة أحتاج إلى ضحكاتك النهار في دواخلي ترحلين فيه عارية قطعت روابطنا من دون أن أحمرَّ وجهاً ثعابين حيث كنا الفاتنين الساذجين أنت حرة كما نذرتك تدعمينني نزعت جذورنا المعوقة عن الأرض التي تثور المستعدة كي تخدشنا الشجرة خارت تشير إلينا وإلى آخرين خدعنا الفراغ نحن محجوبون. أسلحة النظرة مجرفة الكسل تؤرق النسيان الرأس إلى الأرض لا نملك شهوداً آخرين عن قسمنا ووجوهنا المستقبل يقود خرافه للقهقرى يبني مدينة طريق والأمل مملكة يصطادون الناس من أماكنهم يحطمون زجاج الأعين وواجهات متاحف المجد يقلبون عربات نبات الستارية فجر مايو جميل جميل جميل يعتقدون في الشقاء وأكثر في الفرح في العليق وأكثر في الزنبق يعتقدون في القذيفة أكثر من الوضوح يغترّون الحجر يتفتت كالضحكة في النهر كما خنجر في الحلق فقدت حافة النهر اسمها والسماء ضفادعها المدينة مفتوحة كما جزيرة موتى مجهولون حيث صدورهم مهيأة سلفاً لكي تغسل الذاكرة منارة في كل ميناء فصل مايو جميل جميل جميل خلف الرايات المرفوعة تنهار البيوت صامتة الأشجار تغوص مثنية يروون التاريخ في منبع الجريمة يكتشفون اللازورد مع قذيفة مدفع غريقة مايو جميلة جميلة جميلة ذات ذراعين رشيقين كالشادن ذات قدمي العطش التي تنتعلها المياه مشعثة نهائياً عارية تكذب على الرغبة أنها أيضاً قاسية مثل الموقعة المحيط يؤلف نشيداً للشمس الصرخة العالمية لخرائب الرصاص المنشور خطابات ممزقة كحسكات عن الأسماك محبوبة مايو جميلة جميلة جميلة الحراشف ملتصقة بالخريف والحنطة بإكليل الصيف القصدير ينشر رائحته المتموجة الشتاء يرتكن على الدرابزين ينظر إلى تجمد جروحه طريق والصخور العنيدة الصغيرات سدت فروجهن بالرغوة العين القنفذ مكور يرفض الخافية القلب يلون قواقعه حصاد مايو جميل جميل جميل النور يعني في القصب الشاطئ أضفى لون الصدف على قممه حيث كل ظل تضاعف عشرة أمثاله غداً وبعد غد سترحلين بذارة النهار حقول صهباء موعودة للناس يجزها البوم /‏‏/‏‏ إليكِ، أتكلم إليكِ، أتكلم. الصدى طواف ألعاب الحجلة النقالة. اليوم، يلمع الخبر الجديد. إليكِ، أعلن هبة الرغبة، البحر بلا مسافة، الفم. إليكِ، عصيان قمة رأس الفرس حمحمة الثلج، هناك، على سبيل المثال. إليكِ، حب ملتهب الحقائق الأولى المهلة الممنوحة للأحجار الساكنة. إليكِ، ولأجلك فقط، حداد الشموع العسلية نشيد الصخر الخارطة غير المنتهكة للرموز. /‏‏/‏‏ الفتاة ذات عيني الحفل يكشف الباب للصباح تعب الطريق. ... ممرات الجبل بغال الذاكرة ... الحدقات تبين الضفيرة الإيماءة الجسور للأهداب حيث النية مشؤومة، القدر داخلي ... اقتلوا نظرة ربابنة الورقة ذات الجذور ... تبقى السحب حينما السموات الضائعة تموت. ... مصممة، كل مسافة ملغاة الحجر يعد طلب العفو. ... غطى النور على سرِّه الليل فرصة جديدة ... يحمل الشيء في داخله أثر مخالب العين الطويلة المنظر المؤثر يثأر. ... أبيض كي يثبت شاشة مغسولة ... عين كي تزرر عين كي تبادل عين كي تنشر، تجمع تحصي، تعنون، توحد تسخط ... عين الضفتين ... قلادة مزيفة سعفة تمت مكافأتها في الحميمية ... الكلام عين الصمت يراقبه ... ساقا العين للمشي ذراع العين للنوم ... والأيدي تتخيل ... جميلة للغاية واقفة السر محفوظ. ... أغنية لأجل نهار ضائع النهار سقط كما صرخة ثملة. لا أحب الصرخات. النهار سقط كما شمس يانعة. لا أحب الليل. هذا النهار الذي يشتعل في ألمي. النهار سقط كطائر عجوز. لا أحب الأرض. النهار سقط كحلم قديم. لا أحب البحر. هذا النهار الذي يموت في النظرات. النهار سقط وسط الطريق. لم يلتقطه أحد. /‏‏/‏‏ أغنية لأجلك لن أكف عن أن أغني لأجراس اللقاءات الصامتة، أذرع الدواوين المعطرة، السقطات الكبيرة للعصافير المتماثلة، المرايا الخالدة المترجرجة. لن أكف عن أن أغني العضة الحمراء للشفاه، الذراع المتمرد، الإبط المذهول، الصدر القادم دوماً في موعده الليلي. لن أكف عن أن أغني وجهك المطلي بالرماد الغرق الأخير في فجر المصابيح المبهور، قفاك الهارب من العناق، خطواتك التي لا يخذلها شيء. لن أكف عن أن أغني حقويك الكبيرين، كعبيك الغاطسين في السحب، كم من أفكار متسكعة، كم من دخان رائع. لن أكف عن أن أغني شعرك السائل على قدمي الأشجار المنعزلة التي جرحتها الأوراق والغمامات. لن أكف عن أن أغني الشارع، الحديقة، البحر، إذ أعرفك، إذ أحبك وأعرفك. لن أكف عن أن أتعلم الضحك، أرسم وأضحك، في قلب القصور، إذ أخشى، إذ أحبك وأخشى. لن أكف عن أن أصنع الأقفال، الأقفال والأحزمة، على امتداد السماء، إذ أحرسك، إذ أحبك وأحرسك. لن أكف عن أن أقطع يديك، ذراعيك وقبضتيك، لئلا يطفو الوداع للأبد على المياه. أغنية لأجل مساء البدر تغير الشوارع. المدينة متاهة. أبلغ، دوماً، شارعك. تغير الاسم. الشوارع درجاتي. نافذتك عالية للغاية. أفقد الرؤية. على بابك، لص يتعارك والقفل. تحيط بأحلامي. تهرب إلى الأرض، إلى الشتاء، إلى الدموع. أغنية إلى قارئي لن تجد، أيا قارئي، في هذا الديوان من الأغاني، حبيبتي. تختفي في مكان آخر، في الرياح التي تطلي بالذهب أهدابك. هذه النظرة التي تهوي... من اللازم بالأحرى أن تسمع أغنيتي لما تكون، ذات مرة، نائماً... لست مغني الليل. أكون حيثما تضحك، ضحكتك، أينما تبكي، خيط دموعك المذهول. كل نسخ العالم على شفتيك. من اللازم، ذات مرة وأنت يقظ، أن تغني أغنيتي... أغنية صورة ممزقة خلف النافذة، نافذة النسيان الحزينة، كان هناك، كان هناك، كان هناك أحد ما يرنو إلى البعيد. خلف النافذة، نافذة الطريق الحزينة، كان هناك، كان هناك، كان هناك وجه ما يقضي على الصور. لا تنظري إليّ لم تريْنِي من قبل ومع ذلك تعرفين أنك تعجبينني خلف النافذة، نافذة القبلات الحزينة، كانت هناك، كانت هناك، كانت هناك أمة تجدل السنوات. لديك ضحكة عشيقتي. عطرك عطر الفجر. أرسم فمك. خلف النافذة، نافذة الحديقة الحزينة، كانت هناك، كانت هناك، كانت هناك ميتة تتوج الصباح. ................................................................. * المنتخبات الشعرية من ديوانه: Edmond Jabès، Le Seuil Le Sable، Poésies complètes 1943-1988، Poésie-Gallimard، 1990.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©