السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ألمانيا الجديدة.. وفرحة كأس العالم

21 يوليو 2014 13:22
أنطوني فايولا وآن هول برلين عند بوابة براندنبورج ببرلين، حلت اللحظة النهائية في كأس العالم لكرة القدم 2014 لتنطلق معها صيحة الفخر الألماني في إحساس كان نادراً ما يتم التعبير عنه في العاصمة الألمانية. وقد شقت الألعاب النارية سماء المدينة ودوت أبواق السيارات وراح المواطنون يتعانقون عناقاً حاراً، وانهالت دموع الفرح. وفي «ميل المشجعين» في وسط برلين احتفل عشرات الآلاف في جو برد غير طبيعي في الصيف، وأيضاً على رغم سقوط أمطار في غير أوانها. وقد أشار «ألكسندر نولته» وهو طالب يدرس الهندسة، إلى أن الفوز يعتبر بشارة عصر جديد. وقال «نولته» البالغ من العمر 24 عاماً: «إن شعوري رائع ولا يصدق. إنها نشوة خالصة. آمل ألا أستيقظ غداً وأكتشف أنه كان حلماً... هذا الفوز سيمثل مكسباً كبيراً لألمانيا، وقد يؤثر على مجالات أخرى تتجاوز الرياضة مثل السياسة والاقتصاد». وهذه هي المرة الرابعة التي تفوز فيها ألمانيا باللقب، والمرة الأولى التي تفوز فيها بكأس العالم بعد توحيد شطريها. وسيجري تذكر الفوز الذي تحقق يوم الأحد الماضي على الأرجنتين باعتباره لحظة اختبار للأمة الألمانية التي تقف على مفترق طرق في تاريخها بعد الحرب العالمية الثانية. وفي السنوات الخمس الماضية، ظهرت ألمانيا باعتبارها زعيماً متردداً لأوروبا، وقوة اقتصادية كبيرة، ونموذجاً للتصدي بفاعلية لتحديات العولمة. وكان الحق في الفخر الوطني قد ضاع فيما يبدو بعد الصورة الكئيبة للحرب. ولكن بحر السعادة الذي امتلأ يوم الأحد الماضي بألوان الأسود والأحمر والأصفر، وهي ألوان العلم الألماني، الذي رفعته أيدٍ من بحر البلطيق إلى جبال الألب، يسجل فيما يبدو الآن قفزة جديدة إلى الأمام، وينقل ألمانيا إلى أفق جديد في علاقتها بالروح الوطنية والهوية في القرن الحادي والعشرين. وألمانيا تتحسس خطى دورها في العالم الآن، وهي واقعة هذه الأيام في خلاف مع الولايات المتحدة بشأن عمليات تجسس، كما دخلت في الآونة الأخيرة في جدل مع روسيا أيضاً بشأن أزمة أوكرانيا. والفوز بكأس العالم ليس بالنسبة لملايين الألمان مجرد سعادة خالصة، ولكنه تمرين للبحث عن الذات من جديد. وقد ظهر عدد يوم الأحد من صحيفة «دير شبيجل» الألمانية وقد كُتب على غلافه «عُدنا، ولكن على أي شكل؟»وكما في كل الدول، يثير الفوز بكأس العالم الفخر الوطني هنا إلى أبعد حد ممكن. وبعد حرمان ألمانيا من المنافسة بعد الحرب، عادت في عام 1954 وحققت فوزاً مذهلاً في النهائيات حين فازت ألمانيا الغربية حينها على المجر، ما دفع بعض المشجعين إلى ترديد النشيد الوطني الألماني. ولكن ظلال الماضي ظلت أيضاً تخيم على كل جانب من جوانب الحياة هنا. وحتى تسعينيات القرن الماضي، كانت الأعلام لا ترفع في المدارس ولا يتعلم التلاميذ النشيد الوطني. ولم يتدلَّ علم ألمانيا الوطني من النوافذ، ولم يرفع على هوائيات السيارات، إلا بشكل تجريبي في عام 2006 عندما استضافت ألمانيا كأس العالم. وفيما يدل على «ألمانيا جديدة» صعدت بعد سنوات من النمو الاقتصادي، كان معظم المتحمسين الذين لوّحوا بأعلام ألمانيا ينحدرون من الجالية التركية المهاجرة، ويُنظر إليهم أيضاً باعتبارهم المشجعين الذين فتحوا الأبواب أمام استعراض المزيد من مظاهر الوطنية. ومهارة ألمانيا في لعب كرة القدم في العقد الماضي تشبه عودة صعودها الاقتصادي على المسرح الدولي. ففي نهايات تسعينيات القرن الماضي، سعت أكاديميات كرة القدم التي تتمتع بتمويل جيد إلى أن تخرّج أبطالاً حقيقيين. ونجحت في مسعاها، ولكن الأبطال لم يحملوا أسماء ألمانية صرفاً. فقد انضم لاعبون ألمان من أصل تركي مثل مسعود أوزيل وأليكاي جوندوجان إلى الفريق الألماني عام 2008، إلى جانب سامي خضيرة وهو ألماني من أصل تونسي، ليعيدوا تشكيل هوية كرة القدم الألمانية. وفي ألمانيا يعيد كأس العالم تعريف الوطنية. وأثناء المباراة على سبيل المثال كان هناك صبي صغير يسير مع والدته في حي ببرلين وقد أشار إلى أعلام ألمانيا قائلاً: «أمي... أشرطة كرة القدم». وبدورها، قالت «فيفيان شميت» التي كانت تحتفل هي أيضاً بالقرب من بوابة براندنبورج: «لقد أثبتنا مرة أخرى أننا بلد قوي... نحن نعرف تاريخنا، ولكن ما زال لنا الحق في أن نفخر اليوم بغض النظر عما مضى». ولكن حتى مع شعور جيل جديد من الألمان بأنهم أقل تقيداً بجراح الذاكرة والتاريخ، فإن الماضي يبقى عبئاً ثقيلاً على البعض، خاصة على الألمان الأكبر سناً الذين يتمسكون بالمبادئ السلمية للبلاد. وقد لجأ المنتقدون الذين أقلقهم ظهور الحس الوطني مع كأس العالم إلى إزالة أعلام ألمانيا المنتشرة في كل مكان. وشن آخرون حملة لحظر الأعلام. وآخرون يطالبون بإزالتها من الأماكن العامة. وكانت «سيلفيا جريفين» البالغة من العمر 66 عاماً تشاهد التلفزيون وتتناول النقانق هي وزوجها في إحدى ضواحي برلين، ولكن المشجعة الألمانية كانت تصمت عند عزف النشيد الوطني الألماني لأنها لا تستطيع ترديد كلمة واحدة منه. وحتى إذا شعر بعض الألمان بحلول الوقت الذي يستطيعون فيه الاحتفال بحرية بفوز وطني بتحمّس، فإن أطرافاً أخرى في العالم ما زالت تستحضر الماضي. ففي اليوم الذي حققت فيه ألمانيا نصراً تاريخياً على البرازيل في الدور قبل النهائي، ظهرت على موقع «تويتر» على امتداد العالم كلمات مثل «النازيين» «والحرب الخاطفة» و«هتلر»! وقد جاءت النعوت المهينة القديمة على رغم ابتعاد الألمان عن الشماتة بعد هزيمة البرازيل، وقد شوهد الكثير من الألمان وهم يجفلون مع تصاعد الأهداف التي سجلها فريقهم، على منافسيه. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©