الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

موجة انسحاب متوقعة للبنوك الأجنبية من السوق المصرية

موجة انسحاب متوقعة للبنوك الأجنبية من السوق المصرية
2 يوليو 2012
تتوقع دوائر مصرفية، أن تشهد السوق المصرية موجة انسحاب من جانب عدد كبير من البنوك الأجنبية العاملة في السوق خلال الفترة المقبلة. وتستند هذه الدوائر في توقعاتها إلى عمليات تفاوض تجري حاليا لبيع بعض البنوك الأجنبية في مقدمتها بنك “بيريوس” اليوناني الذي من المنتظر أن يستحوذ عليه بنك “اتشيه” التركي وبنك “بي إن بي باريبا” الفرنسي الذي من المتوقع أن يستحوذ عليه بنك “سوسيتيه جنرال”، وكذلك قيام بعض البنوك الأجنبية العاملة في السوق بتقليص أنشطتها وتجميد خطط التوسع الخاصة بها، وفي مقدمة هذه البنوك كل من “سيتي بنك” الذي أغلق بعض فروعه وبنك “باركليز” الذي دمج بعض أنشطته بما يسهم في خفض عدد العاملين به وضغط المصروفات الإدارية وبنك “كريدي أجريكول” الذي بدأ في بناء استراتيجية جديدة للتشغيل تعتمد على تركيز الفروع في مناطق جغرافية معينة وإعادة النظر في سياسة الانتشار الجغرافي التي كان البنك قد اتبعها في السنوات الماضية وقفزت بعدد الفروع إلى نحو 82 فرعاً. «أسلمة» القطاع المصرفي وتعود موجة الانسحاب المتوقعة إلى مشروع القانون الجديد للبنوك الذي يسعى حزب “الحرية والعدالة” لإقراره ويهدف إلى “أسلمة” القطاع المصرفي بما قد لا يتوافق مع سياسات التشغيل التي تتبعها بعض البنوك الأوروبية العاملة في السوق إلى جانب الضغوط التي تواجه الاقتصاد الكلي بصفة عامة، مما دفع البنوك إلى اتباع سياسات ائتمانية حذرة سواء على صعيد ائتمان الأفراد أو الشركات الأمر الذي من شأنه أن يهدد على المدى البعيد معدلات ربحية هذه البنوك، لاسيما وأنها كانت تعتمد بصفة أساسية على قطاع التجزئة وقروض الأفراد في توليد أكثر من نصف أرباحها خلال السنوات الماضية. كما يمثل القانون الجديد عبئاً على فروع البنوك الأجنبية، على الأقل في المرحلة الراهنة، حيث يلزمها بضرورة زيادة رأسمالها من 50 مليون دولار إلى نحو 300 مليون دولار دفعة واحدة خلال مدى زمني لا يتجاوز 6 أشهر، هي فترة توفيق الأوضاع التي ينص عليها مشروع القانون الجديد للبنوك والذي يحل محل القانون الحالي المنظم لنشاط السوق المصرفية في مصر وهو القانون رقم 88 لسنة 2003. أما الأسباب الخارجية فتشمل المشكلات التي تواجه البنوك الأوروبية الأم التي تمتلك وحدات كاملة لها أو فروعاً في السوق المصرية فهذه البنوك مطالبه بتكوين مخصصات هائلة لمقابلة الديون الرديئة في الأسواق الأوروبية المختلفة ومن ثم وجدت بعض هذه البنوك في بيع وحداتها التابعة لها في السوق المصرية مخرجاً من أزمتها الراهنة لاسيما وأن عمليات البيع المتوقع ابرامها سوف تحقق أرباحاً رأسمالية جيدة لهذه البنوك على ضوء التطور والأرباح الجيدة التي حققتها هذه الوحدات التابعة العاملة في مصر في السنوات الماضية على خلفية حالة الانتعاش الاقتصادي التي شهدتها السوق خلال الفترة بين عامي 2005 و2009، والتي سجل فيها الاقتصاد الكلي أعلى معدلات نمو. كما تتزامن هذه الموجة المتوقعة من انسحاب البنوك الأجنبية من السوق المصرية مع اتجاه يسود القطاع المصرفي العالمي يدفع معظم البنوك الدولية الكبرى إلى تركيز أنشطتها في الأسواق الأكثر ربحية وكذلك التخصص في أنشطة محددة مدره للربح ومنخفضة المخاطر على ضوء توقعات بعودة الأزمة المالية العالمية على خلفية تدهور الأوضاع في الاقتصاديات الأوروبية، لاسيما بعد أن دخلت كل من إسبانيا وإيطاليا دائرة الأزمة وإمكانية أن تلحق بهما فرنسا في المدى المنظور ليبقى الاقتصاد الألماني هو الوحيد بين الاقتصاديات الأوروبية الذي يقف بمنأى عن الأزمة حتى الآن. إعادة هيكلة القطاع وترى دوائر مصرفية أن عمليات الانسحاب المتوقعة من جانب بعض البنوك الأوروبية من السوق تفتح الطريق لإعادة هيكلة هذا القطاع الحيوي ودخول المزيد من المؤسسات المالية العربية ـ خاصة الخليجية ـ الراغبة في العمل في السوق المصرية، وأن هذه الموجه من شأنها أن توفر للبنوك الخليجية فرصة تاريخية للاستحواذ على بنوك قائمة بالفعل وتعمل ولديها قاعدة من العملاء والودائع، لا سيما أن البنك المركزي المصري توقف منذ فترة طويلة عن منح تراخيص لإنشاء بنوك جديدة وجعل الطريق الوحيد للتواجد في السوق المصرية هو شراء أحد البنوك القائمة بالفعل. وتشير الدوائر إلى أن خريطة السوق سوف تتغير بناء على هذه الموجة، حيث ستصبح البنوك العربية هي الأكثر غلبه حال الاستحواذ على بعض البنوك المعروضة للبيع، حيث توجد منافسة قطرية كويتية إماراتية للحصول على بعض هذه البنوك ومن ثم سوف تصبح قائمة البنوك العربية في السوق المصرية طويلة وتضم نحو عشرة بنوك تمثل ثلث السوق. وتؤكد هذه الدوائر أنه في هذه الحالة سوف يكون من السهل تحويل بعض هذه البنوك إلى العمل وفق نظم الصيرفة الإسلامية، الأمر الذي سوف يترتب عليه زيادة حصة المصارف الإسلامية في السوق من نحو 5% في الوقت الراهن إلى حدود 20% في غضون سنوات قليلة، بما يمهد لتحول نوعي في أداء القطاع المصرفي المصري ليصبح أكثر ارتباطاً بدائرة البنوك الإسلامية من جهة، وتحركات المؤسسات المالية الخليجية في الأسواق العالمية من جهة ثانية، لأن هذه المؤسسات سوف تصبح بمثابة المراكز الأم لوحداتها التابعة في السوق المصرية حال نجاحها في الاستحواذ على بعض البنوك المعروضة للبيع. ويؤكد خالد الجبالي، العضو المنتدب السابق لبنك “باركليز مصر” أنه من الملاحظ أن السوق المصرية تمر بمرحلة تحول كبيرة وهذه المرحلة تتسم ببعض الصفات منها ارتفاع المخاطرة والحاجة إلى الصمود في ظل إمكانية تراجع الأرباح خلال المدى القصير، ومن ثم فإن بعض البنوك الأجنبية ترى أنه من الضروري إعادة النظر في استراتيجيات العمل وهذا لا يعني انسحاب هذه البنوك من السوق أو تقليص أنشطتها أو تجميد خططها التوسعية ولكن يعني بالأساس إعادة دراسة أوضاع السوق على ضوء المستجدات الجديدة وتصميم استراتيجيات عمل بناء عليها. المستقبل للأفضل وقال الجبالي: إن البنوك الأجنبية العاملة في السوق المصرية حصدت ثمار فترة طفرة النمو في السنوات السابقة وحققت أرباحا كبيرة استخدمت جانباً منها في عمليات توسع، بل إن بعض هذه البنوك تمددت في السوق ودخلت في أنشطة مكملة آي ليست أنشطة مصرفية مباشرة. وأوضح أنه على سبيل المثال قام بعض هذه البنوك بتأسيس شركات تابعة تعمل في مجالات التأجير التمويلي أو التمويل العقاري أو أنشطة التوريق وغيرها من الأنشطة شبه المالية الأمر الذي كان يعني بناء خطط للبقاء على المدى الطويل في السوق. وأضاف أنه لا يعتقد أن هذه البنوك التي استمرت في السوق وبنت خططها على البقاء يمكن أن تضحي بكل ذلك بسهولة، لاسيما وأن هذه البنوك ترى أن الاقتصاد المصري لايزال يذخر بالفرص الكامنة، وأن هناك إمكانات ضخمة لنمو السوق والتوسع به. ويؤكد أحمد الحسيني، الرئيس التنفيذي لمجموعة “بلانت” الاستثمارية، أنه في الوقت الذي قد تبدي فيه مجموعة استثمارية سواء كانت بنكاً أو غير ذلك رغبتها في الخروج من السوق المصرية لأسباب تتعلق بمساهمي هذه المجموعات أو خططها المستقبلية فان ثمة مجموعات أخرى تعلن وعلى الفور رغبتها في دخول السوق بل وتتنافس عدة مجموعات على شراء ما هو معروف من شركات أو مصانع أو مؤسسات مالية. وأوضح الحسيني أن هذا يعني أن الأوضاع الاقتصادية الحالية في السوق المصرية مؤقتة ومرحلية ومرهونـة بانتهـاء فترة القلق والغموض السياسي الراهنة لأن مستقبل السوق سوف يكون هو الأفضل في المنطقة نظراً للطاقة الاستيعابية الكبيرة للاقتصاد المصري والنمو السكاني الهائل والاتساع المتواصل للسوق. ويشير إلى أنه إذا خرج بنك أجنبي سوف يأتي بنك أخر ليحل محله وأن زيادات رؤوس أموال البنوك المرتقبة في المرحلة القادمة كفيلة بإيجاد كيانات مصرفية أكثر قوة وقدرة على المنافسة والصمود بل وتحقيق الأرباح.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©