الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

ألمانيا تضحــك

30 يونيو 2006 01:53
بعيداً عن الضوء والضوضاء·· في ألمانيا يقول ''ألفرد جروسيه'' الباحث الفرنسي الذي ولد في فرانكفورت ووضع مؤلفات عدة عن ألمانيا: إن انقلاباً حدث فيها انها تضحك·· المونديال جعل بلاد ''جوته'' و''هيجل'' وشوبنهاور'' تتخلى عن تقاليدها العريقة وتضحك! بعيداً وقريباً من الضوء والضوضاء، أو الغبار الذي تتركه كرة القدم الآن في ألمانيا يتعجب الاستاذ البارز في معهد الدراسات السياسية ''ألفرد جروسيه'' من أن ألمانيا التي أنتجت ''جوته'' و''هيجل'' و''شوبنهاور'' وحتى ''ماركس'' يمكن أن تضحك· هذا أفضل ما فعله المونديال: إنقلاب في ألمانيا·· انها تضحك كل الفلسفات المتجهمة أتت من هناك· أيضاً من ''آلام الشاب فيرتر'' لـ''جوته'' وحتى ''موت في البندقية'' لـ''توماس مان''· ولنلاحظ ان الألمان لم ينجبوا لا ''صمويل بيكيت'' ولا ''اوجين يونيسكو'' اللذين قالا بالمقارنة العبثية بأشمل وجوهها للوضع الإنساني· لكن العالم زحف الى برلين وميونيخ وهامبورج ونورمبرج وهانوفر وجيلسنكيرشن ورتموند ودورتموند وشتوتجارت ولايبزيج وفرانكفورت وكولن وكايزرسلاوترن· امتزج الألمان بالآخرين كما لم يمتزجوا من قبل· لا شك انهم دهلوا بفوضوية الانجليز وبقدرة الايطاليين على الضحك حتى أمام اللحظة التراجيدية· المونديال حالة فلسفية كاملة·· ينفر الألمان من تعبير استخدمته إحدى الصحف ''صراع الحضارات في ألمانيا'' هذا ليس صحيحاً، اللعب كان شفافاً سجلت حالات عصبية لكنها كانت تتبدد بسرعة فكرة القدم أوقفت العمل ولو لفترة بنظرية صدام الحضارات· المستحيل ليس ألمانياً يقول ''جروسيه'' الذي ولد في فرانكفورت عام 1925 والذي وضع عدة مؤلفات حول ألمانيا إن الألمان الذين يتعاملون بنكهة جافة حتى مع أكثر الأمور إثارة باتوا أقل برودة في التعاطي مع كرة القدم لا بل أن هذه اللعبة التي خرجت من انجلترا ''وان كان اليونانيون يتحدثون عن أثينا واسبرطة'' أصبحت تستقطب نصف الألمان النصف الآخر وأغلبه من النساء يتعامل بلا مبالاة مع هذا الشهر الصاخب والحافل بالإثارة· حين فاز الفريق الألماني على الفريق البولندي بذلك الهدف الرائع قال المعلق التونسي: المستحيل ليس ألمانياً·· لكن ''جروسيه'' يرفض هذا الكلام بصورة قاطعة ويقول يفترض بالكائن البشري أن يشعر بأنه بشري· قد يكون متفوقاً لسبب أو لآخر، لكن منطق ''السوبرمان'' يقود عادة الى الكوارث ألم يقل الكثيرون إن فلسفة ''فريدريك هيشته'' هي التي تقيأت ''أدولف هتلر'' ؟ البعض في ألمانيا رفض البعد الخاص باستعراض القوى في المونديال حيث يفترض إبعاد اية اثارة مادية والتركيز على أخلاقية أو فلسفة المباريات·· على كل فإن المستشارة ''انجيلا ميركل'' استقبلت أعضاء الفريق الألماني في مكتبها وهو ما يحدث للمرة الأولى حيث دخل أصحاب الأقدام الذهبية الى مبنى المستشارية وليس فقط أصحاب الرؤوس الذهبية· حتى لا تطير رؤوسهم والطريف أن الباحث الفرنسي يتمنى الا تفوز ألمانيا وفرنسا بكأس العالم ''حتى لا تطير رؤوسنا عن أكتافنا'' يفترض أن تبقى الرؤوس مكانها، بالطبع الأوروبيون في مطلع القرن الحادي والعشرين ليسوا اياهم في مطلع القرن العشرين هذا لا يمنع ابداً من الخوف ولو كان الخوف الفلسفي، من جاذبية التعالي· ''جروسيه'' يلاحظ أن الألمان رغم المعجزات التي حققوها في العقود المنصرمة يحسدون الفرنسيين، ربما لأنهم أكثر قابلية للتفاعل مع العالم ولو من خلال الثقافة انهم يكافحون من أجل الفرنكوفونية فيما الألمان بطيئون جداً في هذا المجال مع اننا في العالم العربي قد لا تجد كتاباً صدر في ألمانيا الا ونقل الى لغة الضاد· هذا مع أن الألمان والفرنسيين باتوا يتشابهون في الفضائح انهم يتذكرون فضيحة ''رولان دوما'' رئيس المجلس الدستوري ووزير الخارجية السابق الذي كان من أبرز الشخصيات الفرنسية عندما قدمت له سيدة معروفة ومشبوهة حذاءً هدية والآن تغلي على الصفيح الساخن فضيحة رئيس مجلس إدارة مؤسسة ''فينشي'' انطوان زكريا الذي اضطر الى الاستقالة بعدما فتح ملف جرائمه من قبل القضاء وفي ألمانيا يمثل رئيس إدارة ''دويتش بنك'' ''جوزف آكرمان'' أمام القضاء بتهمة الإثراء غيرالمشروع· كل الألمان يقولون إن المستشار السابق ''جيرهارد شرويدر'' مخيف لا بل انهم يعتبرون أن ما قام به اثر خروجه من المستشارية فضيحة حقيقية حيث قبل بعرض لرئاسة مجموعة اقتصادية روسية مديرها العام صديق شخصي للرئيس ''فلاديمير بوتين'' وهو عنصر سابق في الـ''ستاسي'' أي جهاز الشرطة السرية في ألمانيا الشرقية السابقة· المستشارة والمعارضون الروس لا أحد يعترض على السياسة الخارجية للمستشارة انها مثل الرئيس الفرنسي السابق ''فرنسوا ميتران'' الذي عندما كان يزور موسكو كان يصر على الالتقاء بالمنشق الشهير، وعالم الذرة ''اندريه ساخاروف'' الذي كان وراء القنبلة الهيدروجينية السوفييتية· الآن ''انجيلا ميركل'' حين تزور موسكو تستقبل المعارضة الروسية· هل حقاً انه مع ''ميركل'' انتقلت الدبلوماسية من مرحلة ما بعد الحداثة التي قال بها ''هابرماس'' الى السياسة الواقعية ''ريال بوليتيك'' لـ''بيسمارك'' ''جروسيه'' ينفي ذلك وهو يعتبر أن المستشار ''شرويدر'' كان يمثل ''الريال بوليتيك'' فيما هي تتحدث عن القيم أن كانت في واشنطن أم كانت في موسكو· بالتأكيد ان شيئاً جوهرياً قد تغير في ألمانيا منذ استضافتها المونديال في عام ·1974 سقط جدار برلين وقامت ألمانيا الموحدة لكن الموحدة لم تنجز كليا فالشرقيون والغربيون مازالت تفصل بينهم الرؤية: لا رؤية مشتركة ! أورينت برس
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©