الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رشيدة داتي.. سرّ الضوء

رشيدة داتي.. سرّ الضوء
6 يوليو 2011 20:06
مرة أخرى تعود وزيرة العدل السابقة في فرنسا إلى الأضواء بكتاب جديد أصدرته هذه الأيام عنوانه: “رشيدة داتي، وزيرة العدل: ابنة امبارك وفاطمة الزهراء”، وهو كتاب صدر بباريس باللغة الفرنسية كشفت فيه مؤلفته عن أوجاعها وجراحاتها وأبرزت فيه انتصاراتها وتحدث فيه بإطناب عن أسرتها ومسيرتها الشخصية والمهنية. ورغم أن رشيدة داتي قالت في كتاب سابق لها: “حياتي ليست قصة جميلة، ولست بطلة رواية تريد ابتزاز دموع الناس”، ولكن تبين أنها امرأة لا تطيق الابتعاد عن الأضواء فبعد أن أزاحها الرئيس نيكولا ساركوزي من منصب وزيرة العدل واختيارها نائبة في البرلمان الأوروبي لم تعد مثلما كان الأمر من قبل محل اهتمام الرأي العام والصحافة وجاء هذا الكتاب الصادر هذه الأيام لتعود به إلى الأضواء من جديد. والحقيقة ان كتابها الجديد هذا يكاد يكون في بعض فقراته إعادة لما جاء في كتابها الأول: “جعلتكم حكاما” الصادر عام 2009 والذي قدمناه في “الاتحاد الثقافي” في حينه، فقد كررت المؤلفة قصة الفتاة الفقيرة المنحدرة من عائلة مهاجرة والتي نجحت بإصرارها وكفاحها في أن تصبح وزيرة، وأطنبت المؤلفة في إبراز تفاصيل مسيرة ناجحة لامرأة فرنسية من أصل عربي: أمها جزائرية ووالدها مغربي بلغت أرقى المناصب وأصبحت عضوة في الحكومة. سر زهرة والكتاب هو سيرة ذاتية ودفاع عن النفس ورد على الشائعات الكثيرة التي لحقت المؤلفة منذ أن اختارها نيكولا ساركوزي وزيرة للعدل في أول حكومة له بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، وقد صدرت عدة كتب قدمت صورة لرشيدة داتي كامرأة وصولية وانتهازية، وذهب بعض مؤلفي تلك الكتب الى الإيحاء بأنها كانت عشيقة ساركوزي، بل وكانت تخطط للزواج به، وتقول المؤلفة في كتابها هذا إن الكتب التي تحدثت عنها تتضمن معلومات غير دقيقة وخاطئة، بل ومغرضة وأنها أرادت في هذا الإصدار الرد على ما سمته الأكاذيب والادعاءات الباطلة. وتبدو رشيدة داتي في هذا الكتاب معجبة بنفسها ممتدحة لمسيرتها، ورغم أن القراء والنقاد انتظروا أن تكشف عن والد ابنتها زهرة (عمرها عامان) والتي أنجبتها من رجل دون عقد زواج، إلا أنها حافظت على هذا السر مكتفية بالقول إن إنجابها ابنتها منحها توازنا أرضى أنوثتها وغريزة الأمومة لديها، علما أن الفرنسيين تابعوا بفضول القصة المشوقة لحملها وولادتها لابنتها زهرة. والسؤال الذي سعت صحافة الإثارة للعثور على جواب له هو: من هو أب ابنة السيدة الوزيرة؟ فرشيدة داتي، وهي في الخامسة والأربعين كانت لها رغبة جامحة في أن تصبح أما قبل فوات الأوان، ولما ظهرت انها حبلى وهي غير متزوجة، كثرت الإشاعات والتأويلات بحثا عن الأب المحتمل، ويقال ان الرئيس الفرنسي سألها عن الأب فأخبرته أنه خوزيه ازنارر الوزير الإسباني الأول السابق، وذاع الخبر ولكن الرجل سارع إلى إصدار بلاغ تكذيب رسمي، وبعض المتابعين لهذه المسألة قالوا ان رشيدة كذبت على الرئيس لتظهر أمامه ـ وقتها ـ بأن والد ابنتها هو من كبار القوم. وجاء في كتاب عن رشيدة داتي أن والد زهرة هو شخصية خليجية، وسارع المعني بالأمر وهو القطري علي المري بإرسال تكذيب عبر سفارة قطر بباريس ونشر بجريدة “الفيغارو” وتناقلته وكالات الأنباء. ولأن هذا الكتاب الجديد هو سيرة ذاتية فكان الجميع ينتظر أن تكشف رشيدة داتي عن والد ابنتها، ولكنها لم تفعل وأصرت على الاحتفاظ بالسر، وتساءل النقاد ما فائدة إخفاء الوزيرة السابقة اسم والد ابنتها؟ واكتفت المؤلفة في كتابها بالقول إن ابنتها الوحيدة التي أنجبتها هي “هبة” وأنها جاءت في الوقت المناسب، وهي تعترف بأنها لم تكن تظن أنها ستنجب هذه البنت وذلك بسبب تقدمها نسبياً في السن، وهي كانت تحلم بأن تكون أما لعديد الأطفال وأن مجيء ابنتها جعلها ترى الحياة بشكل مختلف. رد اعتبار تقول رشيدة داتي في هذه السيرة الذاتية إنها تريد إرضاء أهلها الذين تألموا من كثرة الإشاعات التي لحقتهم من جرائها، وقد استاء والدها من حملها وولادتها لابنتها دون أن تتزوج. وتؤكد داتي أنها أرادت بتأليفها لهذا الكتاب أن تعيد لأفراد أسرتها اعتبارهم بعد كل الأذى الذي لحقهم من الإشاعات ممن سمّتهم “أشباه الصحفيين” الذين ألفوا كتبا عنها. ولا شك في أنها تشير الى كتاب: “الصديقة الجميلة”، (الذي قدمناه أيضا في “الاتحاد الثقافي”) والذي خصّصه مؤلفاه ميخائيل دارمون وايف دورييه، لتقديم الوجه الآخر الخفيّ لرشيدة داتي وهو الكتاب الذي ورد فيه انها امرأة تستعمل كلّ “الأسلحة” لتحقيق أهدافها، وهذا الكتاب جاء للرد على من ترى إنه سعى إلى تشويه صورتها لدى الرأي العام وأيضا لشكر كل من ساعدها منذ أن كانت طفلة في حي شعبي للمهاجرين إلى أن أصبحت وزيرة ونائبة في البرلمان الأوروبي. ورشيدة داتي التي تنتمي في الأصل إلى عائلة مهاجرة فقيرة تعرضت عند اختيارها وزيرة للعدل لكثير من النقد وقال منتقدوها انها اكتشفت وقد تجاوزت الأربعين من عمرها أنه بإمكانها أن تكون امرأة جميلة، وأنيقة، وقويّة، فهي ترتدي أغلى الملابس وأفخمها، واشتهرت لدى المصوّرين بغرامها بالأحذيّة ذات الكعب العالي غاليّة الثمن. وهذا الميل الواضح للبذخ جلب لها الكثير من المشاكل مع الصحفيين، وبعض مستشاري الرئيس الفرنسي لم يرق لهم تعمدها الظهور في ثوب امرأة مسرفة ومترفة. والحقيقة أن البعض كان يتهكم عليها، ويرى أنها لا تتمتع بالكفاءة التي تؤهلها لمنصب وزيرة، وذهب أحد أقطاب الحزب الحاكم في فرنسا إلى حد القول بأن “الثوب أكبر منها”، وتم تأليف بعض النكت للضحك عليها، كما تم أيضا التعرض الى مغامراتها العاطفية، وعلاقاتها مع بعض كبار القوم من أصحاب المؤسسات الكبرى والمناصب الرفيعة، وهي تقدم في الكتاب نفسها بصورة المرأة المكافحة ولا تجد حرجا في القول ان والدها الذي كان يعمل في البناء أصبح بعد تعرضه لحادث سير للعمل في كنس الشوارع لكسب قوت يومه وإعالة أفراد أسرته الوفيرة العدد. سيرة في القطار تروي داتي في الكتاب بأسلوب فيه الكثير من الحنين ذكرياتها عن بلدة “شالون” Chalon الفرنسية التي هاجر إليها والدها، وتقدم وصفا مؤثرا لوالديها وحبها لأمها التي توفيت مؤخرا، وقد اختارت الوزيرة السابقة دار نشر شعبية لضمان رواج واسع للكتاب الذي توجهت فيه إلى الرأي العام الفرنسي، وهي تسعى إلى ما سماه النقاد “إصلاح الصورة” التي رسمها عنها الصحفيون. وتتحدث الوزيرة عن أسرتها، فوالدها مبارك داتي كان يشتغل عاملا بسيطا في البناء وأمها ربة بيت سهرت على تربية 12 طفلا. أما هي فحياتها مليئة بالصعوبات والعراقيل التي تحدتها كلها، وتفصح بأنها لا تريد ان تظهر كامرأة استثنائية، وإنما تريد ان تبين ان نجاحها هو نتيجة إصرارها. وتؤكد أنه لا وجود لمعجزة بالنسبة لنجاحها المهني معترفة بأنها عرفت الفشل ومرت بكبوات، ولكن الحقيقة ان رشيدة داتي وبشكل غير مباشر تظهر أنها فخورة بمسيرتها وبنجاحها وانها أحيانا تحاول ان تظهر تواضعا مغشوشا. وسعت في كتابها إلى نفي كل ما قيل عنها من أنها امرأة وصولية وأنها جافة، وفي الجزء الثاني من الكتاب تحدثت عن تجربتها في الوزارة لتدافع عن القرارات التي اتخذتها لتدافع عن الرئيس نيكولا ساركوزي وتكشف عن العلاقات السياسية بينهما، وهي تبدو معتزة بتمريرها إصلاحات غير شعبية، لكنها لم تقدم أي نقد ذاتي أو اعتراف بأخطاء. تظهر رشيدة داتي في هذا الكتاب ككتلة من الطموح الجارف، وقد حاولت، كما يقول خصومها وهم كثر، أن تتخلص من صورة الفتاة من أصل مهاجر لتظهر بملابسها وزينتها، وكأنها تنتمي إلى الطبقة البورجوازية، وللرد على هذا الاتهام اختارت لغلاف كتابها صورة لها وهي طفلة بملابس طفلة فقيرة عادية وكأنها تريد ان ترد على منتقديها الذين اتهموها بالتنكر لاصولها. وذكرت المؤلفة أنها كتبت نصوصها تباعا بعد قليل من إنجابها لابنتها “زهرة”، ولم تكن تظن ان يومياتها التي سجلتها ستتحول الى كتاب، وقد أشارت إلى أنها تعمدت المراوحة في سردها بين حياتها الخاصة والعامة وسربت خلال كل ذلك آراءها السياسية ومواقفها. والطريف أن فصولا من هذا الكتاب ألفتها رشيدة داتي في القطار أثناء تنقلاتها الكثيرة مشيرة في المقدمة بأنها سرقت أيضا قليلا من الوقت في بعض الليالي لتدوين بعض فصول هذا الكتاب. الكتاب Rachida Dati, fille de M’Barek et de Fatim-Zohra, Ministre de la Justice المؤلف Rachida Dati الناشر Xo
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©