الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلماء: الإسلام يحارب العنف ويحض على التسامح والسلام

العلماء: الإسلام يحارب العنف ويحض على التسامح والسلام
4 يوليو 2013 19:45
حذر علماء الأزهر من خطورة العنف والتنازع على استقرار المجتمعات الإسلامية، مؤكدين أن الإسلام دعا إلى نبذ العنف وحاربه بأسلوب الوقاية منه، ووضع حدوداً وأنواعاً خاصة من العقوبة للحيلولة دون وقوع العنف، ووفر قاعدة عريضة لمقاومته، حيث حفظ حقوق الأفراد وأكد التزاماتهم، وأعلن عن حقوق الأطفال والوالدين والمرأة و الفقراء وكبار السن، وكل هذه الحقوق إذا اتبعت وأخذت ما تستحقه من عناية واهتمام فسوف تضمن مجتمعاً يستمتع بالصحة ويخلو من الظلم والعنف والكراهية. (القاهرة) - يقول د. محمد الشحات الجندي ــ الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية ــ: دعا الإسلام إلى نبذ العنف، وفي هذا قال الله تعالى: «من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا»، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم السلوك الصحيح للمسلم فقال: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده»، وحارب الإسلام مختلف أوجه العنف بأسلوب الوقاية منه، ويبدأ هذا الأسلوب قبل الميلاد، حيث يوصي الإسلام الزوج باختيار شريكة حياته من مجتمع جيد مسالم، فيقول الحديث الشريف: « تخيروا لنطفكم فأن العرق دساس»، ويعطي الإسلام الأيام الأولى في حياة المسلم أهمية خاصة ففيها تشكل شخصية الفرد، ولهذا السبب يؤكد الدين الحنيف أهمية هذه الأيام ويحرص على نضج الأخلاقيات والسلوك الحميد. تحقيق التوازن ويشير إلى أن الإسلام وضع حدودا معينة لا يجب تجاوزها. كما أن هناك أنواعا خاصة من العقوبة تطبق على من يتجاوز هذه الحدود، لتحقيق التوازن في المجتمع وللحيلولة دون وقوع العنف، ولكن على الرغم من كل هذه الاحتياطات فإن الاسلام يشجع الناس على التسامح والعفو، وهذا الاتجاه يساعد على تقوية صلابة شخصية الفرد المسلم واستقرارها، ويقول القرآن في هذا المعنى: «فمن عفا واصلح فاجره على الله «، ولا تنطبق هذه القواعد على الأفراد فقط ولكنها تنطبق على المجتمعات والحكومات أيضا، ويقول القرآن في هذا المعنى: « وإن طائفتين من المؤمنين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فأن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فان فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين». ويؤكد د. الجندي أن الإسلام عندما يوفر قاعدة عريضة لمقاومة العنف، فإنه يكون بذلك قد حفظ حقوق الأفراد وأكد التزاماتهم، ويكون بذلك قد ساعد على إيجاد مجتمع متوازن، وقد أعلن الإسلام عن حقوق الأطفال والوالدين والمرأة وحقوق الفقراء وحقوق المرضى النفسيين وكبار السن، وكل هذه الحقوق إذا اتبعت وأخذت ما تستحقه من عناية واهتمام سوف تضمن مجتمعا يستمتع بالصحة ويخلو من الظلم والعنف والكراهية، وهذه هي العناصر المهمة التي يجب اتباعها للوصول إلى مجتمع بناء ومتوازن. ويحذر من خطورة التنازع والتصارع على استقرار المجتمعات الإسلامية، مؤكدا أن الإسلام حريص على سلامة أمته وحفظ كيانها، وهو لذلك يطفئ بقوة بوادر الخلاف والنزاع، ويهيب بالأفراد كافّة أن يتكاتفوا على إخراج الأمة من الشّقاق، موضحا أن من مضار التنازع أنه يؤدي إلى الفشل وضعف القوة وذهاب الريح والهزيمة، ويؤدي إلى الكره والبغضاء بين الناس، ويؤدي إلى سخط الرب عز وجل، ويؤدي إلى إراقة الدماء. كما أن التّنازع يضعف قوة الأمّة ويمكّن منها أعداءها، والتنازع على المناصب وأمور الدنيا يؤدي إلى الفتن وإشعال الحروب الأهلية،، ويفتت قوة المجتمع ويؤدي إلى الفرقة، وهو مدخل واسع من مداخل الشيطان الّتي يتمكن بها من إفساد العقيدة وإشاعة البغضاء بين الأخ وأخيه. ويضيف د. الجندي: وحارب الإسلام الحنيف التنازع بالدعوة إلى التوحد والترابط، وجمع الكلمة، وتوحيد الصف، والاعتصام بحبل الله، لأن العمل بغير ذلك يؤدي إلى الهلاك، وفي هذا يقول الله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ، كما أن الخلافات والتنازع من أخطر الأمور التي يرتكبها الناس فيما بينهم، وقد نهانا القرآن الكريم عن التنازع فقال الله تعالى: «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين». التناحر يضعف الأمة ويقول د. يوسف قاسم- الاستاذ بجامعة الأزهرــ : التنازع هو الذي يضعف الأمة ويفقدها مكانتها، ويؤدي إلى التناحر وإلى إضاعة الأمن وإلى زعزعة الاستقرار في المجتمع، ولذلك حذر الله تعالى من التنازع فقال: «وأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ.» «الأنفال:46»، وقد شدد الإسلام على تجنب أسباب الشقاق، ومن أجل ذلك حذر الله سبحانه وتعالى من كل ما يؤدي إلى هذا الاختلاف وهذا الشقاق فقال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» «الحجرات:11». وهنا قال القرآن «وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ...» ولم يقل «ولا يلمز بعضكم بعضا» من أجل أن يحس الإنسان بأن كل ما يؤذي غيره يؤذيه، فالذي يؤذي أخاه إنما تنقلب أذيته عليه، والوحدة الشعورية يجب أن تجمع المسلمين جميعا، وهكذا جاء الإسلام بما يرص الصف ويوحد الكلمة ويقضي على الخلاف. ويؤكد أن التفرق والاختلاف هو من أهم أسباب سقوط الدول، فقد سقطت الخلافة العباسية بعد أن تفرقت إلى دول إسلامية في ذلك الوقت، وسقطت الدولة الإسلامية في الأندلس بعد أن أصبحت دويلات متفرقة متناحرة، لا هم لأحدهم سوى التناحر والمبارزة. ويشدد د. محمد نجيب عوضين- الأستاذ بجامعة الأزهر والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية- على ضرورة نبذ العنف والحفاظ على الأوطان، مؤكدا أن الإسلام الحنيف يكفل للإنسان حرية التعبير والرأي، ولا يجيز كتم الأفواه ما دامت تنطق بالحق، ولكن شتان ما بين حرية التعبير عن الرأي وممارسة العنف وإثارة الفوضى، فالحرية لها قيودها وضوابطها، ولابد من الالتزام بها حتى لا تتحول إلى فوضى، فإذا كان الحق في التظاهر أو التعبير عن الرأي مصحوبا بأعمال العنف وإهدار الدماء والاعتداء على المنشآت العامة والخاصة، فإن هذا لايمكن أن يكون تعبيرا عن الرأي أو تظاهرا مشروعا، ولكنه إثارة للفتنة التي وصفها القرآن الكريم بأنها «أشد من القتل». كما أن الإسلام قدم درء المفسدة علي جلب المصلحة، ومن ثم على الجميع أن يبتعد عن كل هذه الأعمال المشينة تنفيذا لتعاليم ديننا الحنيف. والإسلام دعا إلى حماية حقوق الإنسان، وشدد على حرمة النفس والمال والعرض حتي لو كان الإنسان كافرا، ومن ثم ينبغي أن يعي الجميع مدى حرمة التحريض على العنف والاعتداء على أرواح وأموال أفراد المجتمع، مشيرا إلى أن الاختلاف من سنن الله عز وجل في الأرض، والاختلاف في الرأي يعد طبيعة بشرية بحكم تفاوت العقول وبالتالي تختلف الآراء، ولا حرج في هذا الاختلاف، ولكن الحرج أن يتعصب إنسان لرأيه، ويري انه الحق ولا حق بعده، وهذا التعصب مذموم من الناحية الشرعية إذا صاحبه خروجا عن الأدب في الحوار. كما أن التظاهر والنقد والتعبير عن الرأي مكفول في الإسلام، وعندما تأسست الدولة الإسلامية أوجدت ثقافة المعارضة في حين انه لا يصح أن يُنقد شخص أو مسؤول لذات النقد بل ينبغي أن يكون النقد موضوعيا. أما التعبير عن الرأي والتظاهر الذي تصاحبه أعمال التخريب وسفك الدماء فلا يعد حرية وإنما هو عمل إجرامي، وينبغي معاقبة الذين يثيرون الفتن والفوضي، فهذه أعمال محرمة شرعا وقانونا. كما أن الإسلام يأمرنا بالكلمة الحسنة وقول الحق، فلا يصح أن يكون قول الحق بصورة جارحة، فالانسان يعلن عن رأيه الذي يراه حقا بشرط أن لا يحرج أحد، وأن يحافظ على شعور الآخرين كما امرنا ديننا، ولا يعقل أن يكون التعبير عن الرأي بنشر الفوضى بين الناس، وإشاعة الانقسام.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©