الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أسماء القيروانية.. رائدة النساء في الفقه والحديث

4 يوليو 2013 19:44
أحمد مراد (القاهرة) - أسماء بنت أسد بن الفرات القيروانية، العالمة والفقيهة وراوية الحديث، ابنة عالم وفقيه من أعلام الإسلام في الفقه والقضاء والجهاد، وقد ضربت شهرته الآفاق وشاعت إمامته، ولم يحرم ابنته من حقها الانساني في العلم والمعرفة، ولم ير بأسا في تفقهها في الدين، فاعتنى بها عناية فائقة، وسهر على تعليمها وتثقيفها، فحفظت القرآن، وروت الحديث حتى تفتق ذهنها عن كثير من الحكمة. صفحات ناصعة للمرأة تقول د. إلهام شاهين- استاذ العقيدة والفلسفة بكلية الدراسات العربية والإسلامية «بنات» بجامعة الأزهر ــ: مخطئ من يظن أن المرأة في العصور الأولى للإسلام كانت مهمشة، وغير مؤهلة للابحار في مجال العلم والمعرفة، ولم يكن لها نصيب بالتفقه في العلوم الدينية بمختلف مشاربها، ففي تاريخ القيروان -تونس حالياًـ الإسلامي صفحات ناصعة البياض مشرقة الأحرف والكلمات لصورة المرأة في المجتمع الإسلامي، ولنا في سيرة العالمة والفقيهة أسماء القيروانية خير دليل على ذلك، حيث كانت مثالا حيا لما كانت عليه المرأة من كمال العقل وجلال الشخصية في العصور الأولى للإسلام. وتضيف: ولدت أسماء لأب عالم وفقيه، عُرف بعالم إفريقية وقاضيها، وصاحب الإمامين أبي يوسف يعقوب ومالك بن أنس، وقد نشأت بين يدي أبيها وحيدة فلم يكن له أبناء سواها، فأحسن تهذيبها وتأديبها وتعليمها، وثقف ذهنها علما وحكمة فكان يعلمها القرآن الكريم والحديث والفقه، حتى نالت أسماء من العلم درجة كبيرة جعلتها من النساء الرائدات في زمانها في الفقه والحديث والحكمة، وكانت أسماء تحضر باستمرار مجالس والدها العلمية في داره، وتشارك في السؤال والمناظرة، حتى اشتهرت بالفضيلة، ورواية الحديث والفقه على رأي أهل العراق أصحاب أبي حنيفة. زوجها وتشير إلى أنه لما تقلد والد أسماء ــ أسد بن الفرات ــ إمارة الجيش المعدّ لفتح جزيرة صقلية على عهد زيادة الله الأول، وهرع الناس لتشييعه، وقد نُشرت البنود والألوية وضربت الطبول والأبواق، خرجت أسماء لوداع أبيها وأوصلته إلى سوسة حتى ركب الجنود الأساطيل العربية، وبقيت معه إلى أن غادرت السفن المرسى باتجاه الجزيرة الإيبيرية، وأتاح الله سبحانه وتعالى للقاضي الأمير أسد بن الفرات النصر الكبير والفتح المبين في قلاع تلك الجزيرة مما خلد اسمه في التاريخ، وأكرمه الله تعالى بالشهادة سنة 213 هـ، وهو مُحاصر لمدينة سرقوسة بصقلية واللواء بيده اليسرى والسيف مسلول باليمنى وهو يتلو قول الله تعالى: «إذا جاء نصر الله» . وبعد استشهاد أسد بن الفرات تزوجت أسماء بأحد تلاميذ أبيها، وهو محمد بن أبي الجواد الذي خلف أستـاذه في خطة القضاء وتولّى رئاسة المشيخة الحنفية بالبلاد الإفريقية سنة 225هـ، ثمّ تخلى عن القضاء ولحقته محنة من خليفته، إذ اتهمه بمال الودائع وسجنه، وبينما ابن الجواد في محبسه إذ جاءت زوجته أسماء للقاضي الجديد وقالت له: «أنا أهب له هذا المال المزعوم يقضيه عن نفسه»، فقال القاضي: إن أقر أن ذلك هو المال أو بدل منه أطلقته. فامتنع ابن أبي الجواد عن الاعتراف وأبى القاضي إطلاق سراحه، ثم بعد حين عزل ذلك القاضي، ومرت المحنة بسلام وأطلق سراح زوج أسماء، وعاد الى منصب القضاء ثانية، ولم يؤاخذ سلفه بما فعل معه منةً منه وتكرما. وفاتها وقال الكاتب محمد خير يوسف ـ مؤلف كتاب «فقيهات عالمات» الذي ترجم لسيرة أسماء بنت أسد بن الفرات ـ: كانت أسماء القيروانية من النساء اللائي زينهن الله بالعلم، وجملهن بالفقه في دينه العظيم. فكانت من الأقمار التي زينت صفحة الزمان، ومن النجوم في كبد السماء، ومن المنارات المشعة التي يُهتدى بهن، ومن الحصون المنيعة للعلم التي يُلجأ إليها، وكانت رحمها الله ممن ملأ الله قلبها نوراً وعقلها حكمة وعلماً، وذاع صيتها في أقطار العالم الإسلامي كلها. وكانت أسماء معظّمة معززة عند الخاص والعام من بيئة عصرها، وبقيت ذات مكانة في المجتمع القيرواني طوال عمرها إلى أن توفيت رحمها الله سنة 250 هجرية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©