الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التقليدي والاجتماعي

2 يوليو 2012
كثيرة هي التساؤلات التي لا زالت تحيط بدور وسائل التواصل الاجتماعي، وبعضها قد يبقى لزمن قادم طويل بدون إجابة، وذلك يعود لأسباب بسيطة أو طبيعية، فالقضايا المثارة بهذا الصدد تتعلق بالبشر أفراداً أو جماعات وكيانات، أي بالنفوس والأرواح،لا بالأشياء الوضعية. ولهذا يستحيل التنبؤ الدقيق بانعكاسات الإعلام الاجتماعي، ويبقى من الأفضل الحديث عن ترجيح واتجاهات وعدم الوقوع في فخ الحسم والجزم مهما أوحت لنا الإجابات على الأسئلة باليقين نتيجة ما ينقل أو يُقال عن تجارب أو أبحاث في هذا الميدان. إن هذه النظرة تنطبق أيضاً على تأثير الإعلام الاجتماعي على الإعلام التقليدي، فمهما كانت خبرتنا بالاثنين معاً يبقى أنني أحرص على الإجابات العامة والنسبية. ومن التساؤلات الواردة في هذا السياق ما يتعلق بالعلاقة بين الإعلام الاجتماعي وحرية الصحافة والإعلام، في هذا الجانب لا غضاضة في الإجابة والقول إن الإعلام الاجتماعي نافس الصحافة التقليدية والإعلام القديم ككل من حيث مستوى الحرية، وفرض - ولا زال - على الصحافة ومؤسسات وسائل الإعلام إعادة النظر بقيودها وقواعدها، وأن هذا التحدي دفع نحو منسوب حريات إعلامية أفضل وأننا قد نشهد المزيد من التقدم في الحريات كلما أحسن الناس والجماعات الاستفادة من هذه الحريات. لكن ذلك لا يمنع من القول أيضاً إن المتضررين من الحريات قد يقومون بدورهم بحراك مضاد مستقبلاً، وما الرقابة المتزايدة على الإنترنت في العديد من دول العالم، الأقل نموا والأكثر ليبرالية على حد سواء، إلا مؤشر على إمكانية التحكم في مقدار الحريات في ظل ظروف. وبشأن التساؤل حول إمكانية حلول الإعلام الاجتماعي مكان الإعلام التقليدي يمكن القول إن الأول بدأ يأخذ من دور الثاني ويؤثر فيه إلا أنه لا غنى عن مؤسسات الإعلام التي ترعى وتقوم على صناعة الأخبار مهنياً وحرفياً ووظيفياً. ولكن ذلك لا يعني أن نمط ونظام مؤسسات الإعلام التقليدي ستبقى كما هي عليه بل إن تيار الدمج بين الإعلامين قد يكون أحد أهم خيارات المستقبل وهو ما يتبدى واضحاً من خلال اضطرار المؤسسات الإخبارية المتزايد إلى الاعتماد الكثيف على وسائل التواصل الاجتماعي حتى يهيأ لك أن لا أهمية لها ولنسخها الورقية أو لمواقعها على الإنترنت بدون هذا النوع من الترويج والانتشار. رب قائل لماذا هذه المبالغة في نسبية الإجابات حتى لو كانت تتعلق بتوقعات وردود فعل البشر؟ باعتقادي أن الجواب أيضاً واضح وهو أننا نشهد مرحلة تاريخية انتقالية في طبيعة الإعلام وتقنياته وعاداته، أي أننا في خضم تحول يتفاعل فيه عدد غير محدد من العناصر والعوامل، إذاً لا يقتصر الأمر على المحددات الإعلامية والتكنولوجية بل يتعداها ليشمل أبعاداً اقتصادية واجتماعية وسياسية، أي أن معرفة مستقبل الإعلام الاجتماعي والإعلام التقليدي والعلاقة بينهما ليست ممكنة إلا عبر مجمع أبحاث يضم مختلف المعنيين بهذه المجالات. ومن هنا أهمية عدم التسرع في تقديم إجابات نهائية والانتباه إلى أنها توقعات واتجاهات وسيكون علينا الانتظار بعض الوقت والسنين قبل تقديم معادلات “رياضية” ووضعية ووصفات للنجاح وتجنب الفشل. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©