الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«فالس» ومأزق اليسار الفرنسي

13 ديسمبر 2016 22:59
أعلن «مانويل فالس»، رئيس وزراء فرنسا الاشتراكي، الأسبوع الماضي نيته الترشح في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في ربيع العام القادم، وتعهد أن تظل فرنسا حصناً منيعاً للتقدمية وسط التحول العالمي إلى اليمين. وقال: «أريد فرنسا مستقلة لا تتهاون في الدفاع عن قيمها، لتكون قادرة على مواجهة الصين برئاسة شي جين بينج وروسيا بزعامة فلاديمير بوتين وأميركا برئاسة دونالد ترامب وتركيا برئاسة رجب طيب أردوغان». وجاء إعلان فالس بعد أيام من قول فرانسوا أولاند، وهو أكثر رئيس لم يحظ بشعبية في تاريخ فرنسا الحديثة، إنه لن يسعى لإعادة انتخابه في العام 2017. وفي أعقاب تصويت بريطانيا العام الماضي على مغادرة الاتحاد الأوروبي، وفوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، والاستفتاء الذي أجري مؤخراً على الإصلاح الدستوري في إيطاليا، يُنظر إلى الانتخابات الفرنسية لعام 2017 على نطاق واسع باعتبارها الفصل القادم المحتمل في الثورة ضد نظام الغرب القائم. وتعهد فالس أداء قوياً لليسار ضد المد المتصاعد لـ«مارين لوبن»، زعيمة الجبهة الوطنية، الحزب الشعبوي اليميني المتطرف في فرنسا، والتي كانت تصعد بشكل مطرد في استطلاعات الرأي، وقال إنه سيتنحّى عن منصبه كرئيس للوزراء سعياً للترشح للانتخابات التمهيدية لليسار المرتقبة في شهر يناير. وإذا فاز فالس في الانتخابات التمهيدية، فسيتنافس مع فرانسوا فيون، المرشح المحافظ الأكثر اعتدالاً، والذي يدافع عن سياسة اقتصادية ترتكز على تحفيز قيم السوق الحرة، ولكنه يشترك مع لوبن في كثير من المشاعر المعادية للمهاجرين. ويقول محللون إن اليسار الفرنسي، الذي كان حجر الأساس للسياسة الوطنية بلا منازع وهو المهندس الرئيسي للاتحاد الأوروبي، قد تراجعت مكانته إلى درجة أن الفوز بالرئاسة في العام 2017 أصبح مستحيلاً تقريباً. ووفقاً لأحد استطلاعات الرأي، فإن نسبة التأييد الرئاسي لـ«أولاند» الرئيس الاشتراكي الحالي، قد تراجعت إلى نسبة ضئيلة تبلغ نحو 4%. وتفسيراً لذلك، يشير المحللون عموماً إلى ارتفاع نسبة البطالة وموجة من الهجمات الإرهابية المدمرة التي أودت بحياة 230 شخصاً في فرنسا خلال العامين الماضيين. وفي أعقاب هذه الهجمات، حاولت حكومة أولاند الاشتراكية جاهدة إعطاء صورة من القوة وفاعلية الاستجابة بالتدابير التي يقول المنتقدون إنها تهمهم في المقام الأول لكي تحفظ ماء الوجه بدلاً من إحداث أي تغيير حقيقي. وفي خطابه مساء الاثنين، رفض فالس هذا الافتراض، وأصر مع التركيز الكبير على أن اليسار ما زالت لديه فرصة للفوز بالرئاسة. «لقد قيل لي إن اليسار ليست لديه أي فرصة، وإن اليمين المتطرف سيتأهل للجولة الثانية، وإن فرانسوا فيون تم انتخابه رئيساً للجمهورية، ولكن ليس هناك شيء مؤكد»، حسب ما قال فالس. واستطرد: «إن اليسار كبير وجميل عندما يتحدث إلى كل الفرنسيين، وعندما يجتمع معاً، وعندما يكون مصيره مرتبطاً بمصير فرنسا. إن فرنسا تحتاج إلى اليسار!». بيد أن صفوف اليسار الفرنسي نفسه منقسمة بعمق، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى اقتراح أولاند المثير للجدل بنزع الجنسية الفرنسية عن الإرهابيين المدانين الذين يحملون جنسية مزدوجة. وقد أصر كثير من اليساريين على أن هذا الاقتراح سيؤدي إلى تمييز قانوني بين المواطنين الذين من المفترض أن يظلوا على قدم المساواة أمام القانون. وفي نهاية المطاف تم التخلي عن هذا الاقتراح. غير أن خلافاً أوسع نطاقاً ظل قائماً داخل الحزب. وبالنسبة لفالس، الذي سعى إلى تقديم صورة لرئيس وزراء ذي شخصية صلبة، ، فقد كان لاعباً أساسياً في هذا الصراع الداخلي، ولاسيما فيما يتعلق بالمجتمع الإسلامي في فرنسا، والذي يعد أكبر جماعة أقلية في البلاد. وفي خضم الغضب الذي أثير بشأن حظر ارتداء «البوركيني» في صيف هذا العام، على سبيل المثال، عندما منعت مدن فرنسية ارتداء لباس البحر المحتشم على الشواطئ العامة، كان فالس من أكثر المدافعين عن هذه المدن. *مراسل مقيم في باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©