الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أفغانستان: حرب المفارقات والتناقضات

أفغانستان: حرب المفارقات والتناقضات
2 أكتوبر 2010 22:18
رجاءً، هل يستطيع أحد أن يذكِّرني بما تمكنا من تحقيقه في أفغانستان؟ لا تتحدثوا جميعاً دفعة واحدة. لا، أقصد ما هي الأشياء الجيدة التي نحققها هناك؟ هل يستطيع أحد أن يخبرني بشيء ملموس؟ الواقع أننا كلما عرفنا أشياء أكثر عن الحرب -من ساحة المعركة ومن البيت الأبيض- كلما أصبحت أكثر مدعاة للحزن والألم؛ ذلك أن الصورة التي بدأت تظهر شيئاً فشيئاً هي صورة حملة عسكرية مرتبكة يتم تحديد اتجاهها من خلال الزخم، وليس المنطق. ويبدو أن الجميع يدرك هذه الحقيقة، ولكن لا أحد مستعد لوقف هذا الجنون. هذا هو حالنا. ولعل أكثر ما صدمني في كتاب الصحفي الكبير "بوب وودورد" الجديد الذي يحمل عنوان "حروب أوباما" هو إلى أي مدى يقر المسؤولون الذين يخططون للحرب ويخوضونها بضآلة احتمال أن تتكشف عن نهاية جيدة. ولنبدأ بالرئيس أوباما؛ فقد شدد خلال حملته الانتخابية على ضرورة أن تنهي الولايات المتحدة الحرب في العراق حتى تولي اهتماماً أكبر وتسخِّر موارد أكثر لأفغانستان، التي سماها لاحقاً "حرب ضرورة". وبعد وصوله إلى البيت الأبيض، سرعان ما وافق على طلب عاجل من البنتاجون بخصوص زيادة بـ 21 ألف جندي إضافي. ولكنه قبل أن يقدم أي التزام جديد، أمر على نحو حكيم بإجراء مراجعة شاملة لأهداف الحرب واستراتيجيتها وآفاقها. وحتى الآن، كل شيء على ما يرام. غير أنه بعد ذلك، بحث الخيارين الرئيسين اللذين كانا مطروحين أمامه، حسب رواية "وودورد"، وخلص إلى أنهما لن ينجحا، ثم انتقل لوضع استراتيجية خاصة به. وكان الجنرالات يريدون 40 ألف جندي إضافي من أجل اتباع برنامج شامل لمحاربة التمرد يقوم على الفوز بتعاطف وولاء الشعب الأفغاني؛ غير أن المشككين، وفي مقدمتهم نائب الرئيس "بايدن"، جادلوا بضرورة تبني خيار "هجين" -استراتيجية لمحاربة الإرهاب في الأساس لتدمير "القاعدة"- تتطلب 20 ألف جندي لا غير. وفي هذه المرحلة ستلاحظون أن المشكلة أصبحت هي: إلى أي حد ينبغي تصعيد الحرب -وليس ما إن كان ينبغي تصعيدها أصلا. وكان أوباما قلقاً جدّاً بشأن التكلفة، البشرية والمالية، لالتزام عسكري مفتوح. ولأنه لم يكن راضيّاً عن الطريقة التي كان يحاول بها البنتاجون التلاعب بالنقاش، أخذ على عاتقه صياغة قائمة بشروط من ست صفحات، وحدد الزيادة في 30 ألف جندي، كما استبدل عبارة "محاربة التمرد" بشعار جديد هو "الاستهداف، والتدريب، والنقل"، وأمر بأن يشرع الجنود الذين أُرسلوا في إطار هذه الزيادة المحدودة في العودة إلى الوطن في يوليو 2011. وكان من المفترض أن ينهي هذا الموضوعَ ولا يترك أي مجال للمناورة. ولكن مما هو معروف عن وزارة الدفاع "البنتاجون" قدرتها الكبيرة على المناورة. فعلى نحو فوري تقريباً، بدأ وزير الدفاع "جيتس" والجنرالات يقولون لكل من يرغب في الاستماع إن يوليو المقبل ليس سوى تاريخ للشروع في سحب عدد صغير نسبيّاً من الجنود، وفقط إذا ما سمحت "الظروف" بذلك. وينقل الصحفي "وودورد" عن الجنرال بترايوس، قائد القوات الأميركية في أفغانستان، قوله في أحد المجالس الخاصة: "عليك أن تعرف أيضاً أنني لا أعتقد أنك ستفوز في هذه الحرب... إن هذه واحدة من الحروب التي ننخرط فيها لبقية حياتنا، وربما حياة أطفالنا أيضاً". ومرة أخرى، هل يستطيع أي أحد أن يشرح لي كيف يختلف ذلك عن الالتزام المفتوح الذي يقول أوباما إنه رفضه؟ لا أعتقد. إن هذا الخليط من التناقضات والمفارقات قد يكون معقولاً لو كنا نحقق شيئاً ما؛ والحال أن حكومة كرزاي ما زالت تتهم بالفساد وغير منظمة؛ و"طالبان" ما زالت موجودة وتوسِّع نطاق عملياتها؛ كما أن حتى أكثر مؤيدي الحرب تفاؤلاً باتوا ينظرون إلى أي تقدم نحققه على أنه محدود وهش. وفي هذه الأثناء ينتقد "الصقور" الرئيس لأنه حدد تاريخاً للانسحاب -كما لو أنه كان يقول للعدو انتظر حتى ننسحب- غير أنه إذا كنت تفترض أن الجنود الأميركيين سيغادرون يوماً ما، فإن التاريخ المحدد غير ملائم. لأنها أرض العدو، وليست أرضنا. بيد أن هذه الحرب لا تتعلق بأفغانستان إلا بشكل سطحي؛ فالرهان الحقيقي هو في ضمان موقف باكستان، التي يتهمها البعض بأنها لعبت لعبة مزدوجة. وعلاوة على ذلك، فإن حكومة باكستان المدنية؛ ومؤسستها العسكرية، هي صاحبة الكلمة الأخيرة؛ وتركيز توجهات أمنها القومي هو على الهند، وليس أفغانستان أو خطر الإرهاب الدولي. "إن علينا أن نوضح للناس أن الرهان يوجد في باكستان"، هكذا قال أوباما خلال مراجعة استراتيجية الحرب، حسب كتاب "وودورد"؛ غير أنه إذا كان هدف هذه الحرب حقاً هو التأثير على مجريات الأحداث والموقف في باكستان، فإننا لا نقوم بعمل جيد. سؤال أخير: ألم يحن الوقت لإجراء مراجعة جديدة لاستراتيجية الحرب؟ يوجين روبنسون محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفيس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©