الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

راتب العيد

21 يوليو 2014 00:30
كنت أتسامر مع صديقة لي فإذا بهاتف يبشرها بقرار صرف رواتب الشهر الحالي بتاريخ عشرين تسهيلا لأصحاب الدخل المحدود لعله سيعينهم على تلبية احتياجاتهم، فرأيتها متفاجئة انتابتها مشاعر مختلطة من فرحة مترددة وخوف منتظر، أنهت مكالمتها قائلة «ليتهم ما صرفوا الراتب قبل أوانه» سكتت برهة ثم استدركت قائلة «تدرين تراها خربانة خربانة شراة كل سنة بنعيد أخير عيد وبندفع الثمن شهرا طويلا مدته أربعون يوما من الفلس والحايه». ليس بجديد ذلك الطرح الذي سمعته منها، ولكن إلى متى سنظل أسرى لمصاريف شهر رمضان الذي من الأحرى أن نقلص احتياجاتنا خلال أيام صيامه وليالي قيامه، ومصاريف الأعياد، وما يتطلبه افتتاح المدارس؟ وما نظنها سوى احتياجات اختلقناها وصنعناها مختارين، إما مبتدعين لها وإما مقلدين. وهل الخطأ في تقديم صرف الرواتب ليتمكن المحتاجون من تلبية حاجياتهم، أم أن الخطأ في ثقافتنا الاستهلاكية وجهلنا لترتيب أولياتنا. ولو سلمنا جدلا أن الاحتياجات التي يسعى مجتمعنا لتلبيتها في تلك المناسبات جميعها من الضروريات، وبحتمية توفيرها، فهل يفاجأ الناس بتلك المناسبات أم أنهم جميعا يعلمون متى ستكون ومتى ستستوجب توفير احتياجاتها؟. فماذا عسى أن يحدث لو خصصنا جزءا من الراتب لكل مناسبة من تلك المناسبات وجزءاً آخر لما يطرأ علينا من التزامات، فرق بين من يثقل ثلاثة أشهر من العام بمسؤولية جميع المناسبات وبين من يوزع ثقلها على أشهر العام مجتمعة، وهي السياسة المادية التي يتخذها الأجنبي في أموره كافة، فراتبه مجزأ على ما هو ضروري ومهم، وإن كان بعيد المدى كالتقاعد والاعتماد على المعاش، ولا ضير أن نقلدهم فيم هم فيه محقون. وأكثر ما يثير الاستغراب مقيمو الدولة من غير المواطنين الذين يعيشون في نفس البلاد ويتقاضون رواتب متفاوتة بين مرتفعة تعادل رواتب المواطنين، وأخرى متوسطة قد تصل نصف رواتب المواطنين أو الربع، ومع ذلك فهم يحيون حياة طيبة لا تهزهم الأزمات الطارئة، ولا تؤثر على خططهم المناسبات المعروف ، بل يجتهدون في توفير المال الذي سيعودون به إلى بلادهم وهذا حقهم بعد غربة طالت سنين، لكن ما الفرق بين المواطن وغيره، أم أنه الترف الذي سيطر على أنماط حياتنا ولا نعرف للتخلص منه سبيلا. ثمة مقترح سمعته من زميلة أخرى تؤكد تلك الحالة لصاحبتنا الأولى، أما الثانية فإنها تود لو يعود الراتب إلى تاريخه المعتاد تدريجيا حتى لا يحدث ربكة ولا يسبب مشاكل، فإذا صرف الراتب هذا الشهر بتاريخ عشرين، فليصرف في الشهر القادم بتاريخ ثلاثة وعشرين والشهر الذي يليه بتاريخ خمسة وعشرين وهكذا، ولن تحل مشكلة الأزمات المادية لدى المواطنين دونما تخصيص مال للادخار، والتخلص من العادات الاستهلاكية المهلكة للجيوب والقاضية على كل زيادة في الراتب قبل أن نسعد بها وساعتها نقول «يافرحة ماتمت». نورة علي نصيب البلوشي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©