الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحكومة المصرية تستعد لإطلاق جهاز سلامة الغذاء

الحكومة المصرية تستعد لإطلاق جهاز سلامة الغذاء
2 أكتوبر 2010 22:12
تستعد الحكومة المصرية لإطلاق جهاز سلامة الغذاء مع نهاية العام الجاري لإحكام الرقابة على سوق إنتاج وتداول الأغذية في مصر. ويسهم الجهاز الجديد في إعادة ترتيب أوضاع سوق الغذاء المصري الذي يبلغ حجمه وفقاً لأحدث احصاءات وزارة التجارة نحو 150 مليار جنيه سنوياً (نحو 100 مليار درهم)، فيما يحقق معدل نمو يتجاوز 20 بالمئة سنوياً. كما يسهم في تنظيم عمليات الإنتاج والتخزين والتداول وتحديد المواصفات الخاصة بكل سلعة بهدف حماية المستهلك بعد تزايد معدلات غش الغذاء في السوق المصرية وطرح منتجات غير مطابقة للمواصفات الى جانب تفشي عمليات تلوث الغذاء نتجية عدم اتباع الآليات الحديثة في حلقات التداول والإنتاج والتخزين المختلفة. وانتهت الحكومة المصرية من إعداد مشروع القانون الخاص بسلامة الغذاء الذي يتضمن إنشاء الجهاز الجديد، على أن يتبع رئيس الوزراء مباشرة بهدف تفعيله ومنحه صلاحيات واسعة لملاحقة كافة أشكال المخالفات في سوق الغذاء لتحقيق متطلبات سلامة الغذاء والرقابة عليه في جميع مراحل تداوله سواء كان منتجاً محلياً أو مستورداً كما يتولى الجهاز، وفقاً لمشروع القانون، التأكد من تحقق متطلبات السلامة ووضع معايير سلامة الغذاء الملزمة وفقاً للمعايير الدولية المعمول بها ومنها معايير هيئة الدستور الغذائي العالمية إلى جانب متطلبات المواصفات المحلية. ورغم تنازع وزارات الصحة والتجارة والزراعة على تبعية الجهاز الجديد لأي منها، إلا أن هناك اتجاهاً عاماً لتبعيته لمجلس الوزراء مباشرة باعتباره جهازاً رقابياً تنظيمياً يمتلك سلطات واسعة للمحاسبة والمتابعة بهدف تنظيم السوق وتحديثة وذلك على غرار عدة أجهزة تعتزم الحكومة اطلاقها خلال الفترة المقبلة منها جهاز تنظيم النقل على غرار جهاز تنظيم الاتصالات وجهاز تنظيم الطاقة. ومن المقرر أن تمتد صلاحيات الجهاز الجديد لسلامة الغذاء لتشمل تلقي شكاوي المستهلكين فيما يتعلق بالجودة والصلاحية والتحقيق فيها وتحديد أسعار استرشادية لمئات السلع الغذائية المتداولة في السوق استناداً لعوامل التكلفة وهامش الربحية للحد من الارتفاعات غير المبررة في الأسعار الى جانب بحث شكاوى المنتجين حال تضررهم من عمليات اغراق أو احتكار غير مشروعة تمارسها بعض الشركات الكبرى المنتجه للغذاء سواء كانت شركات محلية أو مستوردة أو وكلاء لسلاسل شركات عالمية. ويتزامن مع إطلاق جهاز سلامة الغذاء البدء في تفعيل خطة تحديث التجارة الداخلية التي تتكلف أكثر من 40 مليار جنيه بعد أن انتهت وزارة التجارة مع الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية من وضع المخططات النهائية لأسواق الجملة التي سيتم إنشاؤها في جميع المحافظات وفقاً لأحدث النظم العالمية المتبعة في هذا الشأن وتحديد الأماكن وتخصيص الأراضي ورصد جزء من التمويل المطلوب سواء عبر البنوك أو القطاع الخاص. وترتكز الخطة على التوسع في منح التراخيص لسلاسل المتاجر العالمية مثل “مترو وكاش أند كاري وماكرو” وغيرها للتواجد بقوة في السوق المصرية بهدف دفع حلقات التوزيع المحلية على التكتل والتنظيم واتباع الآليات العصرية في التعبئة والتغليف والعرض والنقل وادارة المخزون وغيرها حتى تمتلك القدرة على المنافسة لا سيما بعد أن شهدت السوق اقبالاً من جانب هذه السلاسل العالمية للتواجد وفتح فروع لها في مصر مؤخراً مثلما حدث مع مجموعة سلاسل “ماكرو” الالمانية وذلك بسبب الأرباح الكبيرة التي تحققها تجارة التجزئة في مصر والتوقعات المستقبلية الإيجابية بشأنها. وتعزو تلك الأرباح إلى تنامي القدرة الاستهلاكية والقوة الشرائية لفئات اجتماعية واسعة من السكان نتيجة ارتفاع دخولها أو بسبب الزيادة السكانية الطبيعية التي تؤمن طلباً متنامياً ومستداماً على الغذاء، حيث تشير الدراسات الاقتصادية الى أن مبيعات الغذاء تواصل نموها في مصر على الرغم من استمرار ارتفاع الأسعار بمعدلات كبيرة حيث لا تتمتع السوق بمرونة كافية نتيجة آليات العرض والطلب ويغلب عليه طابع علاقة الإذعان بين المنتجين والتجار من ناحية والمستهلكين من ناحية أخرى، بسبب حيوية السلع وضرورتها الاستهلاكية الأمر الذي يجبر المستهلكين على قبول أي أسعار أو مواصفات الأمر الذي اشاع نوعاً من الفوضى والاحتكار وتحقيق أرباح غير مبررة على حساب المستهلك. وعلى الرغم من أن هذه الفوضى التي تضرب سوق الغذاء في مصر تعكس تنامي نفوذ قوي احتكارية تسيطر على حصص حاكمة في كل نوع من أنواع السلع الا أن جهاز سلامة الغذاء الجديد حسبما تحدثت دوائر قريبة من هذا الملف سوف يركز في مرحلة وجوده الأولى على تحسين مواصفات الغذاء ومواجهة عمليات التلوث الناجمة عن اتباع طرق تقليدية وبدائية في النقل والتخزين والتعبئة والتغليف وصولاً الى ضمان وجود غذاء صحي وأمن ومطابق للمواصفات العالمية في السوق المصرية. وتؤكد هذه الدوائر على أن سلامة الغذاء هي المهمة الأولى والأساسية للجهاز الجديد وتتقدم على مهمة ضبط الجانب الاقتصادي في السوق والمتعلق بالتسعير والاحتكار حيث إن ذلك سيتم التعامل معه في مرحلة لاحقة بعد تنظيم السوق واعادة ترتيب أوضاعه ونشر الوعي بين المنتجين بأهمية الالتزام بالمواصفات الصحية وتحفيز المنتجين وتحديد قواعد رقابية صارمة لضمان تنفيذ ذلك. ويؤكد الدكتور سعد نصار -مستشار وزير الزراعة- أن إنشاء جهاز لسلامة الغذاء اصبح ضرورة حتمية بعد أن تزايدات الشكوى من عدم الالتزام بمواصفات سليمة للغذاء وانتشار الانتاج العشوائي في مصانع صغيرة في الريف والحضر لا سيما في مجال انتاج الألبان والأجبان بل والخبز في بعض الأحيان حيث تغري الأرباح الكبيرة وسرعة دوران رأس المال الكثير من الناس لدخول هذه السوق رغم عدم امتلاكهم الخبرة الصناعية الكافية ومن ثم انتشار الانتاج العشوائي الذي يتسبب في مشاكل صحية للمستهلكين. كما أن ضخامة حجم السوق الذي يدور نحو 150 مليار جنيه سنوياً تزيد بنحو 20 مليار أخرى كل عام يستلزم وجود مثل هذا الجهاز الرقابي الذي يجب منحه صلاحيات واسعة لإحكام سيطرته على السوق ومواجهة مافيا الانتاج المغشوش وبعض الاحتكارات التي تظهر من وقت لآخر وانه لم يعد مقبولا أن تستمر أوضاع سوق الغذاء في مصر على هذا النحو من الفوضى والعشوائية وضياع حقوق المستهلك الأساسية. ويقول حسام طلعت، رئيس قطاع المشروعات والتطوير في شركة “ماكرو مصر”، إن سوق الغذاء في العالم تحكمه قاعدة أن المستهلك هو السيد لكن للأسف الشديد تغيب هذه القاعدة عن السوق المصرية ولا يعترف بها أحد فالغذاء ليس مجرد سلعة بل أذواق ومواصفات صحية فإذا افتقدت المواصفات الصحية السليمة يصبح الأمر خطيراً للغاية ومن ثم فإن وجود جهاز لضمان سلامة الغذاء في مصر خطوة مهمة على طريق الوصول الى قاعدة أن المستهلك هو السيد التي تسود أسواق العالم وآن لها أن تطبق في مصر في مواجهة الفوضى والعشوائية والاستغلال الذي يتعرض له المستهلك سواء كان غنياً أو فقيراً. وأضاف أن وجود هذا الجهاز المهم في حد ذاته لن يكون ذا جدوى كبيرة ان لم يتم تحديث تجارة التجزئة في مصر ودخول سلاسل عالمية كبرى تسهم في هذا التحديث عبر نقل خبراتها وادخال التكنولوجيا الحديثة وضخ استثمارات كبيرة لأن الأمر ليس مجرد منتج ومنفذ توزيع بل منظومة متكامله تبدأ من المزرعة حيث يتم إنتاج الخضراوات والفاكهة مروراً بحلقات الجني والتعبئة والنقل والتخزين والتبريد وغيرها من الحلقات التي تسهم في خفض الفاقد والحفاظ على سلامة السلعة أطول فترة ممكنة حتى تصل الى المستهلك النهائي وتستيطع السلاسل العالمية أن تقوم بذلك لا سيما أن السوق المصري واعد جداً وينمو بمعدلات كبيرة.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©