الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

بورمي يتحرر من براثن الرقّ بعد 22 عاماً

بورمي يتحرر من براثن الرقّ بعد 22 عاماً
3 يوليو 2015 00:21
إندونيسيا (أ ب) في المرة الأخيرة التي طلب «مينت ناينج» العودة إلى وطنه ميانمار أو بورما سابقاً، تعرض لضرب كاد يقتله، ولكن بعد مرور ثمانية أعوام في الرقّ وإجباره على العمل على متن قارب في منطقة مائية بعيدة عن تايلاند، أراد «ناينج» المجازفة بكل شيء ليرى والدته مرة أخرى، لذا تمرّغ في التراب وتوسل إلى مستعبديه من أجل إطلاق سراحه. بيد أن ربّان المركب توعّده بالقتل إذا حاول القفز في المياه، وربطه في الأغلال لمدة ثلاثة أيام من دون مياه أو طعام. و«ناينج» واحد بين أكثر من 800 شخص تم إنقاذهم من الرقّ وإعادتهم لوطنهم، بعد عام على تحقيق نشرته وكالة «أسوشيتد برس» حول انتهاكات بحق العمالة القسرية في قطاع الصيد في جنوب شرق آسيا. ويدير قطاع الأغذية البحرية المزدهر في تايلاند وحدها ما يقدر بنحو 200 ألف عامل مهاجر، كثير منهم أجبر على العمل في مراكب بعد أن تم خداعهم واختطافهم أو بيعهم. وهي تجارة وحشية ازدهرت على مدار عقود، بينما تعتمد بعض الشركات على أشخاص تم استرقاقهم، في توريد الأسماك إلى الولايات المتحدة وأوروبا واليابان. وتشبه رواية «ناينج» وأسرته وأصدقائه إلى حد كبير روايات كثير من الأشخاص الذين تم استعبادهم من ميانمار وكمبوديا ولاوس وتايلاند. وفي عام 1993، زار وسيط القرية التي كان يعيش فيها «ناينج» بجنوب بورما، مع وعود بوظائف للشباب في تايلاند. وكان «ناينج» آنذاك في الثامنة عشرة من عمره، ويفتقر إلى أية خبرة، لكن أسرته كانت في حاجة ماسة للمال، لذا خضعت والدته في النهاية للعرض. وعندما عاد الوسيط، حضّ شباب القرية الذين وقع عليهم الاختيار إلى حمل حقائبهم على الفور، ولم تكن والدة «ناينج» في المنزل ليودعها. وبعد مرور شهر، وجد «ناينج» نفسه في البحر، ثم رسى المركب بعد 15 يوماً في جزيرة «توال» الإندونيسية النائية، التي تحيط بها بعض أغنى حقول الأسماك في العالم. وصاح ربان المركب قائلاً: «إن جميع من على متن المركب الآن ملك لي، وأنتم أيها البورميون لن تعودوا أبداً لبلادكم، فقد تم بيعكم لي». وفي بعض الأحيان قضى «ناينج» أسابيع في المياه المفتوحة داخل المحيط، يعيش فقط على الأرز وبقايا الطعام، ومع توسع قطاع صادرات المأكولات البحرية في تايلاند، اضطر الصيد الجائر المراكب إلى البحث في المياه الأجنبية، لذا يتم احتجاز المهاجرين الآن لأشهر، وربما لسنوات على متن سجون عائمة. وبحلول عام 1996، بعد مرور ثلاثة أعوام، طلب «ناينج» للمرة الأولى العودة إلى وطنه، لكن طلبه قوبل بخوذة تهشم رأسه، فقرر الفرار، ورعته أسرة أندونيسية حتى تعافى، ثم عرضت عليه الغذاء والمأوى في مقابل العمل في مزرعتهم. وعاش معهم لمدة خمسة أعوام حياة بسيطة، لكنه لم يستطع نسيان أسرته في بورما، أو أصدقائه الذين تركهم على متن القارب. وفي عام 2001، سمع عن ربان مركب يعرض إعادة الصيادين إلى بلادهم إذا وافقوا على العمل، فعاد بعد ثمانية أعوام من وصوله إلى إندونيسيا إلى البحر. ولكن الظروف لم تكن أفضل منها في المرة الأولى، وبعد تسعة أشهر من العمل، أخبرهم الربان أنه سيتركهم يعودون إلى تايلاند وحدهم. لكن الخوف واليأس، حال دون عودة الصياد البورمي من دون العودة إلى بلاده. وتحت جنح الليل، تمكن من الفرار سباحة إلى الشاطئ، ليجد نفسه وحيداً في إحدى غابات «تاول»، ولم يتمكن من الذهاب إلى الشرطة خشية تسليمه لربان السفينة، ولم تكن لديه أرقام ليتصل بها في وطنه، وخشي أن يتصل بسفارة بلاده باعتباره مهاجرا غير شرعي. وقضى «ناينج» عاماً آخر في الرق، وعانى من جلطة، تركت ذراعه اليمنى مشلولة بصورة جزئية، ثم بدأ يعتقد أن الربان كان محقاً عندما قال إنه لا يتمكن أبداً من الفرار. وفي 2011، انتقل إلى جزيرة «دوبو» الإندونيسية حيث سمع عن وجود مجتمع صغير لبورميين تم استعبادهم في السابق، وواصل العيش بهدوء على الخضروات التي يزرعها. وفي أحد أيام أبريل الماضي، سمع صديق له يتحدث عن تقرير حول الاستعباد حفز الحكومة الإندونيسية على بدء إنقاذ الأشخاص الذين يتم استعبادهم، وجاء المسؤولون إلى «دوبو»، لينقلوه مرة أخرى إلى «توال» حيث تم استعباده من قبل، كي ينضم إلى مئات آخرين من الأشخاص المحررين. وبعد 22 عاماً تمكن «ناينج»، الذي بلغ الأربعين من عمره، من العودة إلى وطنه، ليجد أمه وشقيقته.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©