الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بوليفيا··· صعود السكان الأصليين

بوليفيا··· صعود السكان الأصليين
17 فبراير 2009 22:59
في حقل البطاطس الذي تمتلكه العائلة، يعترف صبي حافي القدمين بأن أسرته المكونة من 12 فرداً مازالت لا تملك أي مال تقريباً وتعيش بالطريقة التي طالما عاشت بها في الماضي، حيث مازالوا يشتغلون في حقولهم ستة أيام في الأسبوع لزرع ما يقتاتون به، وأحياناً يبيعون كبشاً في السوق، ولكنهم نادراً ما يغادرون بيوتهم الطينية البسيطة المصطفة على طول الطريق الترابية الوحيدة في البلدة المجاورة لبحيرة تيتيكاكا· أما في عهد الرئيس ''إيفو موراليس''، فيرى ''فريدي كاليسايا ماماني''، البالغ 18 عاماً، أن ثمة شعوراً مختلفاً بخصوص أن يكون المرء هندياً في بوليفيا إذ يقول: ''اليوم بمقدورنا أن نكون متساوين مع الآخرين؛ واليوم يفترض ألا يبقى ثمة تمييز''· في ظرف ثلاث سنوات، حقق موراليس إنجازات سياسية مذهلة في هذا البلد الواقع بمنطقة جبال الأنديز، حيث صعد من مجرد زعيم لنقابة مزراعي ''الكوكا''، ليصبح أول رئيس لبوليفيا ينحدر من السكان الأصليين للبلاد؛ فسيطر على شركات النفط والمناجم والاتصالات، وطرد السفير الأميركي متهماً إياه بمساعدة خصومه السياسيين، وفاز في استفتاء بأغلبية الثلثين· والشهر الماضي، نجح في تمرير دستور جديد يمكنه من توسيع سلطاته، ويمنحه ولاية رئاسية أخرى من خمس سنوات· غير أن ثمة جدلاً كبيراً في بوليفيا حول ما إن كانت البلاد أفضل حالاً في عهد موراليس، وبخاصة ما يتعلق بمشكلات السكان الأصليين والاقتصاد والسياسة الحكومية بخصوص زراعة نبتة الكوكا· يقول أنصارالرئيس إن موراليس بدأ جهوداً تاريخية لإصلاح مظاهر اللامساواة وتحسين أحوال الفقراء؛ ولكن خصومه، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المناطق الشرقية الأغنى والتي تأوي أكبر نسبة من الأشخاص ذوي الأعراق المختلطة أو المنحدرين من أصول أوروبية، لايريدون حكومته ولا برنامجها الاشتراكي حيث يعتبرون موراليس نسخة للرئيس هوجو شافيز في فنزويلا أو فيديل كاسترو في كوبا، وينظرون إليه كزعيم سلطوي يدفع مخططه الاقتصادي غير الموفق البلد نحو الهاوية· بيد أن الجدل الدائر داخل بوليفيا يعكس البدائل السياسية التي تتنافس اليوم على الصعود في بلدان أميركا الجنوبية؛ ذلك أن الرؤساء ''اليساريين'' في عدد من البلدان يستغلون موجة الاستياء الشعبي لتحدي النخب التقليدية· ولم تزد الأزمة المالية العالمية الجدل إلا سخونة وإلحاحاً حيث اغتنم الزعماء انهيار اقتصاديات العالم الأول لتبرير سياساتهم· وفي هذا السياق قال شافيز لجمع يضم الآلاف خلال منتدى اجتماعي مؤخراً في البرازيل حضره موراليس: ''إذا كان البؤس والفقر والبطالة في ازدياد، فإن الرأسمالية العالمية تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية''· ومن بين التأثيرات الواضحة للسنوات الثلاث التي قضاها موراليس في السلطة التحول في الاهتمام الحكومي بالفقراء من السكان الأصليين في بوليفيا، وإنْ كان ذلك أحياناً بالأقوال أكثر منه بالأفعال، حيث قدمت إدارته للستين في المئة تقريباً من البوليفيين الذين يصفون أنفسهم بأنهم من السكان الأصليين شيئاً جديداً: المشاركة في الحكم وأملاً بخصوص المستقبل، ذلك أن العديد منهم، ومن بينهم هنود ''الآيمارا'' الذين ينتمي إليهم موراليس، لم يُسمح لهم بالتصويت إلا في عام ·1952 وخلال حملة الانتخابات الرئاسية لعام ،2005 نظم أنصاره عمليات تصويت تحاكي الواقع ليُظهروا للمزارعين الأميين كيفية التعرف على اسمه· وفي هذا الإطار يقول ''جيم شولتز''، مدير ''مركز الديمقراطية''، المعني بحقوق الإنسان يوجد مقره في بوليفيا: ''هذا بلد وُجد بحكم الواقع في حالة تمييز عنصري منذ قرون''، مضيفاً ''فأن يرى الأشخاص الذين اعتادوا على أن يكونوا ضحية للتهميش، رغم أنهم يشكلون الأغلبية، شخصاً يشبههم ويرتدي ملابس تشبه ملابسهم ويتحدث كما يتحدثون وهو يصبح رئيساً للبلاد، فإنك لا تستطيع التقليل من أهمية رمزية كل ذلك''· ويتذكر ''يوفو يانيريكو''، وهو أحد أعيان ''الآيمارا'' ببلدة ''أشكاشي'' وعضو منظمة عسكرية للسكان الأصليين تعرف باسم ''البونتشوس الحمر''، كيف أن المعلمين في مرحلة التعليم الابتدائي كانوا يعاقبون الطلبة الذين يتحدثون بلغة ''الآيمارا''، وكيف أنه كان يستحيل أن يصافح الضباط العسكريون البوليفيون في الماضي أحد الهنود· أما اليوم، فقد تغيرت الأمور؛ فخلال مهرجان في ''أشكاشي'' عُقد في ديسمبر الماضي كان الجنود يرقصون ويحتفلون إلى جانب سكان البلدة· ويقول يانيريكو: ''إنهم يدركون أن الحركات الاجتماعية باتت قوية جدا اليوم··· لقد حكمَنا الإسبان لـ500 سنـــة، واليـــوم حــــان دور الآيمــارا والكويتشوا''· ويحدد الدستور البوليفي الجديد عددا من الحقوق التي يكفلها لمجموعات السكان الأصليين الـ36 في البلاد، ومن ذلك تخصيص مقاعد في الكونجرس الوطني والسماح بنظام قضائي تقليدي منفصل عن محاكم البلاد· غير أنه إذا كان الدستور قد حظي بدعم واسع، فإن بعض أعيان السكان الأصليين يرون أن الوثيقة لم ترق إلى مستوى ما كانوا يطمحون إليه، ولاسيما في ما يتعلق بخصوص بند حول إصلاح الأراضي· وفي هذا السياق يقول'' فيليبي كويسبي هوانكا''، وهو من أعيان ''الآيمارا'' وأحد منتقدي موراليس، حاملاً نسخة من الدستور: ''إن قضيتنا ليست هذا؛ فنحن نريد دولة آيماراخاصة بالآيمارا، دولة مستقلة تماماً''، واصفاً موراليس بأنه ''مجرد ليبرالي جديد بوجه هندي''· والحال أن العديد من الهنود يرون أن موراليس خطا الخطوات الأولى حيث يقول ''مامني''، من البلدة المحاذية لبحيرة تيتيكاكا، إن الأرباح الهزيلة التي تحققها أسرته قد ازدادت بفضل ما تقدمه الحكومة من مساعدات، وإن الجرافات والشاحنات استُقدمت من أجل تعبيد الطريق الترابية في البلدة، مضيفا أن أحدهم على الأقل بدأ يولي بعض الاهتمام: ''لقد أصبحنا نتلقى مساعدة أكبر بفضل الرئيس إيفو موراليس''· جوشوا بارتلو- بوليفيا ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©