الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الأذان بصوت محمد رفعت.. طقس رمضاني رمضان زمان

الأذان بصوت محمد رفعت.. طقس رمضاني رمضان زمان
2 يوليو 2015 19:50
القاهرة (الاتحاد) صوت أذان المغرب بصوت الشيخ محمد رفعت، وتلاواته القرآنية التي تسبق مدفع الافطار كانت ولا تزال طقساً رمضانياً روحانياً يرتبط به الجمهور بشكل كبير، خصوصاً أنه كان يمتلك صوتاً جميلاً رخيماً ورناناً، ولا يزال صاحب أشهر أذان عرفه الناس، ولا يمكن أن يأتي المغرب في رمضان، إلا إذا كان صوت الشيخ رفعت وحنجرته وأذانه في استقباله. وبعيداً عن الأذان اتسمت طريقة تلاوته القرآن بالتجسيد الواضح للمعاني الظاهرة للقرآن الكريم، وإمكانية تجلي بواطن الأمور للمتفهم المستمع بكل جوارحه لا بإذنه فقط، حيث كان يبدأ بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والبسملة والترتيل بهدوء وتحقيق، وبعدها يعلو صوته برشد يمس القلب ويتملكها، ليسرد الآيات بسلاسة وحرص منه واستشعار لآيات الذكر الحكيم. «قيثارة السماء» ولم تساعد تقنيات التسجيل والحفظ في النصف الأول من القرن العشرين على تدوين وأرشفة كل إبداعاته وقراءاته، خصوصاً أنه لم يعاصر الإذاعة والأسطوانات إلا سنوات قليلة لظروف مرضه، ولكن ما وصل عنه يحمل بصمة يندر أن تتكرر، ولا يزال صوته القادم عبر أسطوانات وأجهزة تسجيل بدائية يحرك سواكن القلب وأوتاره، وكان ينتقل من قراءة لأخرى ببراعة وإتقان، وكان صوته يحوي مقامات موسيقية مختلفة، وكان يستطيع أن ينتقل من مقام لآخر دون أن يشعر المتلقي بالاختلاف، وكان منزله بمثابة منتدى ثقافي صغير، حيث كان تتردد عليه كوكبة من رجال الأزهر والفنانين أمثال محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وليلى مراد ومحمد التابعي ونجيب الريحاني، وكانت تدور بينه وبينهم العديد من المناقشات الفنية والفكرية. ولقب الشيخ رفعت بالعديد من الألقاب من بينها «المعجزة» و«قيثارة السماء»، وفي الوقت الذي اعتبره الكثيرون أكبر وأعظم قارئ في عصره، وأنه لم يوجد صوت يضاهيه أو يقاربه في جماله وقوته ورقته وخشوعه، أشاد الكثيرون بصوته ومنهم الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي قال: إذا أردت ان تستمع إلى الصوت الجميل فاستمع لعبد الباسط عبد الصمد، وإذا أردت أن تستمع لفنون التلاوة فاستمع لمصطفى إسماعيل، وإذا أردت أن تتعلم تلاوته فاستمع لصوت الحصري، وإذا أردت أن تستمع إلى كل هؤلاء فاستمع إلى صوت الشيخ محمد رفعت، وقال عنه الأديب محمد السيد المويلحي: هو سيد قراء هذا الزمن، موسيقيٌ بفطرته وطبيعته، بصوته فقط يأسرنا ويسحرنا دون أن يحتاج إلى أوركسترا، أما الكاتب أنيس منصور فقال عنه بعد وفاته بسنوات: لا يزال الشيخ رفعت أجمل الأصوات وأروعها، وسر جمال وجلال صوته أنه فريد في معدنه، وصوته قادر على أن يرفعك إلى مستوى الآيات ومعانيها، ثم إنه ليس كمثل أي صوت آخر. ووصف الموسيقار محمد عبد الوهاب صوته بأنه ملائكي يأتي من السماء لأول مرة، وسئل الكاتب محمود السعدني عن سر تفرد الشيخ رفعت، فقال: كان ممتلئاً تصديقاً وإيماناً بما يقرأ. أما شيخ الإذاعيين علي خليل فقال عنه: إنه كان هادئ النفس، تشعر وأنت جالس معه أن الرجل مستمتع بحياته وكأنه في جنة الخلد، كان كياناً ملائكياً، ترى في وجهه الصفاء والنقاء والطمأنينة والإيمان الخالص للخالق، وكأنه ليس من أهل الأرض. الإذاعة المصرية ولد الشيخ رفعت يوم الاثنين 9 مايو 1882 في حي المغربلين في القاهرة، وفقد بصره وهو في الثانية من عمره، وحفظ القرآن في الخامسة، حيث التحق بكُتاب مسجد «فاضل باشا» بدرب الجماميز بالسيدة زينب، ودرس علم القراءات وعلم التفسير، ثم المقامات الموسيقية على أيدي شيوخ عصره، وتوفى والده محمود رفعت الذي كان يعمل مأموراً في قسم شرطة الخليفة وهو في التاسعة من عمره، فوجد الطفل اليتيم نفسه مسؤولاً عن أسرته وأصبح عائلها الوحيد. وأصيب الشيخ رفعت عام 1943 بسرطان الحنجرة الذي كان معروفاً وقتئذ «بمرض الزغطة» وتوقف عن القراءة، ويتردد أنه رغم عدم امتلاكه تكاليف العلاج إلا أنه اعتذر عن قبول أي مدد أو عون من ملوك ورؤساء العالم الإسلامي، وكانت كلمته المشهورة «إن قارئ القرآن لا يهان»، وتوفي في 9 مايو 1950 عن 68 عاماً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©