الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان..شهر الصيام ومدرسة للقرآن

رمضان..شهر الصيام ومدرسة للقرآن
2 يوليو 2015 19:45
لقد فرض الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين صيام شهر رمضان في كل عام تزكية لنفوسهم وتطهيراً لقلوبهم، ومن المعلوم أن الصوم قد كُتب على الأمم السابقة، أما هذه الأمة فقد اختصها الله سبحانه وتعالى بصيام شهر رمضان دون غيرها من الأمم تكريماً لها وَسُمُوّاً بها. وعند دراستنا للسيرة النبوية الشريفة نجد أن رسولنا - صلى الله عليه وسلم - يُعدِّد مآثر هذه الأمة في هذا الشهر المبارك، وَيَذْكر المزايا الخالدة التي حفل بها هذا الشهر، فعن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أُعْطِيَتْ أُمَّتِي فِي شَهْرِ رَمَضَانَ خَمْساً لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِي قَبْلِي: أَمَّا وَاحِدَةٌ: فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ نَظَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ نَظَرَ اللهُ إِلَيْهِ لَمْ يُعَذِّبْهُ أَبَداً. وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَإِنَّ خلُوفَ أَفْوَاهِهِمْ حِينَ يُمْسُونَ أطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. وَأَمَّا الثَّالِثَةُ: فَإِنَّ الْمَلائِكَةَ تَسْتَغْفِرُ لَهُمْ فِى كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَأَمَّا الرَّابِعَةُ: فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَأْمُرُ جَنَّتَهُ فَيَقُولُ لَهَا: اسْتَعِدِّى وَتَزَيَّنِى لِعِبَادِى أَوْشَكَ أَنْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ تَعَبِ الدُّنْيَا إِلَى دَارِي وَكَرَامَتِي. وَأَمَّا الْخَامِسَةُ: فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ آخِرُ لَيْلَةٍ غَفَرَ اللهُ لَهُمْ جَمِيعاً، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: أَهِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ؟ فَقَالَ: لا، أَلَمْ تَرَ إِلَى الْعُمَّالِ يَعْمَلُونَ، فَإِذَا فَرَغُوا مِنْ أَعْمَالِهِمْ وُفُّوا أُجُورَهُمْ؟» (أخرجه البيهقي). إن الصيام هو عدة المسافر إلى الله سبحانه وتعالى، وزاد الراحل إلى الآخرة، فقدْ قيلَ لأحدِ الحكماء: إنك شيخ كبير، وإن الصيام يُضعفك، فقال: إني أُعدّه لسفرٍ طويل، والصبر على طاعة الله، أهونُ من الصبر على عذابه، وقيل ليوسف - عليه الصلاة والسلام - وكان كثير الصيام والجوع: لِمَ تجوع وأنتَ على خزائن الأرض؟ فقال: أخشى أن أشبع فأنسى الجائع. القرآن لقد ارتبط القرآن المجيد بشهر رمضان، فشهر رمضان هو شهر القرآن كما جاء في قوله سبحانه وتعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)، «سورة البقرة: الآية 185». فقد ثبت في السنة الصحيحة أن سيدنا جبريل - عليه الصلاة والسلام - كان يلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل ليلة من ليالي الشهر الكريم فيتدارسان القرآن، كما جاء في الحديث عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ،  إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلام كَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي رَمَضَانَ حَتَّى يَنْسَلِخَ فَيَعْرِضُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْآنَ، فَإِذَا لَقِيَهُ جِبْرِيلُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ»، (أخرجه مسلم). أجل ففي هذا الشهر المبارك مجال واسع لدراسة القرآن الكريم وَتَدبُّر معانيه والعزم على العمل بما جاء فيه، كل ذلك باستشعار الخشوع خلال القراءة وإحضار الذهن بأوامر الله تعالى ونواهيه. ومن المعلوم أن للقرآن منزلة قدسية، منشؤها أنه كلام الحق سبحانه وتعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو العاصم من الضلال، فهو الكتاب الذي يربط بين جميع المسلمين، وهو دستورهم في شؤون دينهم ودنياهم، والروح الذي أحيا أموات أفئدتهم، وأزال الغشاوة عن قلوبهم، والنور الذي أضاء لهم الطريق وسلكوا به سبيل الهدى والرشاد. لقد أرشدنا ديننا الإسلامي إلى ضرورة التدبر والخشوع عند تلاوة القرآن الكريم والاستماع إليه، كما في قوله تعالى: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ)، «سورة ص: الآية 29»، ومن فضل الله سبحانه وتعالى أن جعل حلقات القرآن الكريم المباركة اجتماعاً على تلاوة كلام الله تعالى ومدارسته، وهي الموصوفة في الحديث ب «رياض الجنة»، كما في قوله - صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا مَرَرْتُمْ بِرِيَاضِ الْجَنَّةِ فَارْتَعُوا، قَالوا: وَمَا رِيَاضُ الْجَنَّةِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: حِلَقُ الذِّكْرِ»، (أخرجه الترمذي)، وهي محل تنزّل السكينة وغشيان الرحمة واجتماع الملائكة. فهذا الشهر المبارك مناسبة عظيمة وفرصة سانحة لمدارسة القرآن الكريم وتلاوته، وحثِّ الأبناء على حفظه والالتحاق بمراكزه. طريقٌ إلى الجنة الصيام من أَجَلِّ الأعمال وأفضل الطاعات عند الله سبحانه وتعالى كما جاء في الحديث: «قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ،  إِلا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ»، «أخرجه البخاري»، لذلك فقد رغَّب رسولنا - صلى الله عليه وسلم - بشعيرة الصيام في أحاديث كثيرة، منها: * عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِماً؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه-: أَنَا، قَالَ: فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه-: أَنَا، قَالَ: فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِيناً؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه-: أَنَا، قَالَ: فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضاً؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه-: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم-: مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ»، «أخرجه مسلم». بقلم الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيب المسجد الأقصى المبارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©