الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«سفينة» الاقتصاد المصري تتحدى شح الاستثمارات الأجنبية

«سفينة» الاقتصاد المصري تتحدى شح الاستثمارات الأجنبية
1 يوليو 2012
(القاهرة) - جاء الخفض الجديد للتصنيف الائتماني للاقتصاد المصري والذي صدر قبل أيام عن مؤسسة «فيتش» العالمية ليمثل ضربة جديدة ويزيد من الضغوط على الاقتصاد. ويأتي هذا الخفض الجديد في ظل ظروف غير مواتية تتمثل في التزام الحكومة بسداد نحو ستة مليارات دولار خلال العام المالي الذي يبدأ اعتباراً من (اليوم) أول يوليو، عبارة عن أقساط ديون خارجية مستحقة إلى جانب الارتفاع الكبير في عجز ميزان المدفوعات خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2011 ـ 2012 والذي بلغ نحو 11 مليار دولار بنسبة ارتفاع 200% مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق، وهو عجز مرشح لمزيد من الارتفاع ليبلغ 14 مليار دولار في الحساب الختامي للموازنة التي تنتهي 30 يونيو 2012. ورغم الأسباب المتعددة التي استندت إليها مؤسسات التصنيف الدولية في قرارها بخفض التصنيف السيادي لمصر، فإن أبرز هذه الأسباب استمرار حالة الاضطراب السياسي وحل البرلمان وانفجار أزمات متتالية في مجالات السلع الرئيسية خاصة الوقود والكهرباء والتراجع الكبير في حجم الاستثمارات الأجنبية. ورغم الخروج الكبير للاستثمارات الأجنبية من السوق المصرية على مدى الأشهر الماضية، فإن البنك المركزي يقلل من تأثير موجة خروج أخرى لهذه الاستثمارات بسبب الأوضاع السياسية الراهنة حيث أن الاستثمارات القائمة في السوق لم تعد بالحجم الكبير الذي يمكن أن يؤثر سلبا حال خروجه من السوق حيث لا تتجاوز ـ في الوقت الراهن ـ استثمارات الأجانب في أذون وسندات الخزانة المصرية أكثر من 300 مليون دولار مقابل عشرة مليارات دولار خلال ديسمبر 2010 كما لا تتجاوز هذه الاستثمارات في بورصة الأوراق المالية أكثر من 3 مليارات دولار لا تشكل أكثر من 6% من حجم رأس المال السوقي للبورصة المصرية مقابل نسبة كانت تتراوح بين 20 و 25% قبل ثورة 25 يناير. تداعيات خفض التصنيف وترصد دوائر المال والأعمال المصرية عددا من التداعيات المترتبة على استمرار معدلات خفض التصنيف الائتماني للاقتصاد المصري لاسيما في ظل توقعات بحدوث تخفيض أخر خلال الأشهر الثلاثة المقبلة إذا استمرت الأوضاع على حالها الراهن. وتتمثل أبرز هذه التداعيات في حدوث خفض تدريجي واضطراري للعملة المصرية تقوم به السلطات النقدية أو انهيار مفاجئ لهذه العملة في حدود 20% من قيمتها على ضوء انحسار موارد النقد الأجنبي من السياحة أو الصادرات لاسيما في حالة عجز الحكومة المقبلة عن إلغاء دعم الطاقة في الموازنة العامة واضطرار الحكومة لتوجيه جزء مهم من موارد النقد الأجنبي لاستيراد مشتقات البترول لسداد احتياجات الاستهلاك المحلي. وتستند هذه التوقعات إلى التحرك الطفيف الذي شهدته أسعار العملات الأجنبية المتداول في السوق المصرية، خاصة الدولار خلال الأسابيع الثلاثة الماضية حيث كسر سعر الدولار حاجز 607 قروش في شركات الصرافة بينما يتراوح بين 604 و603 قروش في البنوك. كما تشمل هذه التداعيات تأجيل حزمة الإصلاحات الاقتصادية المرتقبة والتي كانت تعتزم حكومة الجنزوري تنفيذها لأسباب تعود لاحتمال رحيل حكومة الجنزوري أو أسباب تتعلق بتعثر المفاوضات مع المؤسسات الدولية التي تقدم تمويلا للحكومة المصرية وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي. وتشير هذه الدوائر إلى أن عمليات إعادة الهيكلة اللازمة لضمان حدوث انتعاش في الاقتصاد المصري سوف تواجه ضغوط كبيرة سواء لنقص التمويل أو غياب الإرادة السياسية ومن ثم فان الأمر يقتضي إعادة النظر في الأولويات الاقتصادية للمرحلة القادمة. وترى هذه الدوائر أن اضطرار الحكومة للعمل بالموازنة القديمة بسبب حل البرلمان قبل أن يعتمد موازنة العام الجديد سوف يساعدها على إمكانية إعادة ترتيب بنود الإنفاق العام بما يخفف من هذه الضغوط وكذلك البحث عن موارد مالية إضافية بالنقد الأجنبي لمساندة الاحتياطي النقدي حتى لا يعاود رحلة هبوط جديدة بعد أن أبدى تماسكا خلال شهري أبريل ومايو الماضيين. وجاءت تحركات من البنك المركزي ووزارة التعاون الدولي من اجل تكثيف الاتصالات والتفاوض مع الأطراف العربية المستعدة لمساندة الاقتصاد المصري في هذه المرحلة حيث أسفرت هذه التحركات عن توقيع اتفاق مبدئي مع صندوق النقد العربي لتوفير قرض بمبلغ 65 مليون دولار لتسهيل عمليات استيرادية ضرورية وكذلك جاء الاتفاق على حزمة تمويلية إضافية مع المملكة العربية السعودية في حدود 430 مليون دولار. التحرك العاجل ويرى خبراء اقتصاديون ضرورة التحرك العاجل والسريع لمنع حدوث تدهور جديد في الاقتصاد المصري والاستفادة من حزمة الإصلاحات التي أجرتها حكومة الجنزوري على مدى الأشهر الخمسة الماضية وأدت إلى صمود الاقتصاد وقدرته على تلبية احتياجات الاستيراد والوفاء بالالتزامات الخارجية وضرورة تجنب حدوث انهيار مفاجئ للعملة من شأنه أن يبعث برسالة سلبية للأسواق الخارجية عن مستقبل الاقتصاد رغم مطالبة كثير من الدوائر الخارجية وكذلك بعض المصدرين بضرورة حدوث خفض تدريجي للعملة المصرية بدعوى أن القيمة الحالية للجنيه لا تعبر عن قوته الحقيقية وأن عملية الخفض المرتقبة سوف تؤدي إلى دعم قطاع الصادرات وتمنح المصدريين المصريين ميزة تنافسية هم في حاجه إليها لتحقيق طفرة في حجم الصادرات بما يسهم في الحصول على المزيد من الموارد بالعملة الصعبة. وتقول الدكتورة أمنية حلمي، أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة، إن الاقتصاد المصري بات في حاجة ملحة لخطة إنقاذ عاجلة وضرورة تخفيف الآثار السلبية للمأزق السياسي الراهن على الأوضاع الاقتصادية لأنه كان من المفترض أن تبدأ تدفقات الاستثمار الأجنبي على البلاد فور انتخاب رئيس الجمهورية، إلا أن حل البرلمان وتعثر مسار إعداد الدستور من شأنه أن يعرقل إلى حد ما استعادة الاقتصاد لأوضاعه الطبيعية في المدى القصير. وتؤكد أن المأزق الراهن يتمثل في نقص موارد النقد الأجنبي الأمر الذي قد يضطر معه البنك المركزي إلى العودة لسياسة ضخ الدولار في السوق لمساندة الجنيه تجنبا لتخفيض قيمته ومن ثم فانه من الضروري البحث عن موارد إضافية من النقد الأجنبي ولا يوجد قطاع يمكن الاعتماد عليه سريعا لتوليد موارد بالنقد الأجنبي سوى قطاع السياحة مما سيستلزم مساندة هذا القطاع في المرحلة القادمة وتوفير حالة من الأمن والاستقرار تشجع منظمي الرحلات العالميين على إعادة وضع المقاصد السياحية المصرية على خريطة برامجهم في الفترة المقبلة. وأضافت أمنية حلمي أنه من المناسب أيضا اتباع سياسة نقدية مرنة تسمح للبنك المركزي بالتدخل في السوق والحفاظ على سعر صرف مقبول للجنيه لأن الخفض الكبير في سعر العملة المحلية لن تكون كل أثاره إيجابية بل على العكس سوف يطلق موجه كبيرة من التضخم تضرب المستوى المعيشي لكافة المصريين في مقتل، لا سيما على ضوء تراجع الدخول وفقدان الكثيرين لوظائفهم مما يجعل من الضروري التعامل بحذر شديد مع هذه القضية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©