الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عواقب تسريبات «حروب أوباما»

1 أكتوبر 2010 22:05
يتحدث كبار مسؤولي واشنطن -سواء من الإدارة الحالية أم الإدارة السابقة- إلى الصحفي الشهير "بوب وودوارد" في مختلف الأشياء ولمختلف الأسباب. فمنهم من يريد التباهي بنفسه، ومنهم من يريد الثأر والتنفيس عن غله من الخصوم، ومنهم من يسعى إلى تحييد منافسيه، ومنهم من يتحدث لمجرد الاستعراض لا أكثر. ولكن الأكثر إثارة للسخرية والضحك أنهم جميعاً يزعمون لأنفسهم تدوين سجلنا التاريخي. وبعض هؤلاء ربما يوعز إليهم رؤساؤهم بالإدلاء بما يصدر عنهم من تصريحات. غير أنه ليس في وسع من يسربون أكثر المعلومات حساسية وسرية بين أروقة الإدارات التحكم بالجمهور. ذلك أن ما ورد من معلومات سجلها ونشرها مؤلف كتاب "حروب أوباما" الصادر حديثاً، يؤكد العواقب غير المقصودة التي يمكن لها أن تنجم عن مثل هذه التسريبات. وفيما يلي نقدم تلخيصاً لما نعنيه بهذه الفقرة الأخيرة بالذات. أولى هذه العواقب غير المقصودة، ما جاء من تصريح على لسان الرئيس الأفغاني حامد كرزاي: "لقد قالوا لهذا الصحفي -بوب وودوارد- إنني مغتر ومثير للإحباط إلى أقصى حد، ولا أمل في إصلاحي. وهم يسعون لإهانتي بكل ما يستطيعون. ولسوف يتخلصون مني متى استطاعوا. ومن المؤكد أنهم سيغدرون بي. ولذلك فإن من الأفضل أن أتغدى بهم قبل أن يتعشوا بي". ثانيتها، تصريح لسفير إحدى الدول المتحالفة مع واشنطن في حربها على أفغانستان في العاصمة كابول: نحن نحارب جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة، ودماء جنودنا عزيزة على أمهاتهم في بلادنا مثلما هي عزيزة على أمهات الجنود الأميركيين. ولكن مع ذلك يرفض المسؤولون الأميركيون إطلاعنا على وثائقهم السرية المصنفة، ثم يسربونها إلى صحفي لنشرها مباشرة على الملأ. وفوق ذلك فهم لا يأبهون لمجرد استشارتنا فيما يقومون به من مراجعة وتقييم لسير استراتيجيتهم الحربية! وثالثتها تصريح زعيم حركة "طالبان"، الملا محمد عمر: "إن أحداً من جانبهم يسرب الاستراتيجية الحربية للرئيس لأحد الصحفيين كي ينشرها. أما من جانبي فإن من المستحيل على أجهزتي الاستخباراتية الحصول على نسخة من الاستراتيجية السرية التي أضعها وأخطها بنفسي. ولن يكون الفوز مطلقاً من نصيب القادة الذين لم يتعلموا المحافظة على أسرارهم، مهما أوتوا من جيوش مدججة وعتاد حربي. ومتى ما كان القائد يحث مرؤوسيه على الكف عن استخدام اللغة العدوانية، ويكثر الحديث عن "استراتيجية الخروج" فاعلم أنه فاقد لإرادة القتال والعزم الحربي". أما العاقبة الرابعة فمنسوبة إلى تصريح للرئيس الإيراني : "إنني أنتمي إلى ثقافة تتفهم فنون الحكي. أما مستشارو الرئيس الأميركي فلا يفهمون أن لأي قصة أو حكاية مقنعة حبكة واحدة لا أكثر. فمن جانب يصف هؤلاء كِتاب "حروب أوباما" بأنه يصور الرئيس في صورة القائد الفذ المسيطر الماسك بزمام الأمور. ومن جانب آخر يقولون إن جيشه يتحداه ويحاصره، ولا يمنحه أي خيار آخر سوى الاستسلام لرغباتهم. ومن رأيي الشخصي أنه ليس في استطاعة الرئيس فرض إرادته على مرؤوسيه. وبينما يصفونه بالحكمة والذكاء، فإني أرى فيه قائداً ضعيفاً". وفي خامستها يرد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تعليق نجاد على أوباما بقوله: "إنني أتفق مع ما قاله الرئيس الإيراني"! إلى ذلك وردت سادسة العواقب غير المقصودة في تصريح لأحد كبار جنرالات البنتاجون: إنني أعجز عن فهم هذا. فقد فصل الرئيس أحد كبار القادة العسكريين الحقيقيين ليس لخطأ لفظي صدر منه، وإنما بسبب ما نسب إليه من اتهامات بالتهاون مع تسريب الأسرار العسكرية، وعدم الولاء للجيش ولعدم احترامه من قبل مرؤوسيه. ولكن هل يطبق القادة الآخرون هذه المعايير المهنية على أنفسهم قبل غيرهم؟ ويستطرد الجنرال في أسئلته هذه بالقول: "وإذا ما شعر الرئيس بأنه يتلقى استشارات عسكرية سيئة، فلم لا يوقف مراجعة استراتيجيته الحربية حتى يحصل على خيارات استشارية أفضل، أو يقرر فصل قائد أركان حربه من منصبه؟ وما الذي اضطر الرئيس لأن يخط مذكرة من ست صفحات، تبدو أقرب إلى وثيقة أعدها محام فاشل متشائم، أكثر من كونها وثيقة استراتيجية حربية؟ وهل لدى هؤلاء القادة والجنرالات استعداد للاستمرار في خوض الحرب فيما لو اتجهت جنوباً؟ في اعتقادي أننا لانزال نبعد عن هذه المرحلة بكثير". "ومما يقوله أوباما إنه لم يعد بوسعه الاستمرار في الحرب وضمان استمرار دعم حزبه الديمقراطي لها. ولكن هل حاول أيهما من الأساس؟ ومتى كانت آخر مرة ألقى فيها الرئيس خطاباً عن أفغانستان؟ وهل يدرك الرئيس أن قيادة الجنود في الحروب والمعارك -بمن فيهم كبار الجنرالات العسكريين-ليست عملية تتوقف على اختيار الخيارات المتاحة أمامه -كما يفعل في اختيار ما يريد من محتويات القائمة في مطعم صيني- إنما تطالبه قيادة جنوده بأن يبث فيهم الحماس والحمية القتالية متى ما فترت همتهم أو تراخوا عن خوض الحرب؟ على الرئيس أن يعلم أن همة كبار الجنرالات قد تفتر أحياناً، وربما يفقدون حماسهم للقتال وإن تدربوا على المحافظة على معنوياتهم القتالية عالية دائماً". وآخر ما نسرده من عواقب غير مقصودة لتسريب المعلومات الحربية للصحافة، ما قاله والد أحد الجنود الأفغان الذين أرسلوا مؤخراً لقتال حركة "طالبان" في معقلها بقندهار: إنهم يرسلون ابني إلى ميادين الموت والخطر، حيث يمكن أن ينفجر فيه لغم أرضي لينزع إحدى ذراعيه أو رجليه، أو ربما يزهق روحه نفسها. فهل لايزال مسؤولو البيت الأبيض يؤمنون بضرورة استمرار هذه الحرب؟ وإذا لم تعد هذه قناعتهم، فمن منهم يستطيع النظر إليّ مباشرةً في عينيّ؟ إليوت كوهين أستاذ الدراسات الاستراتيجية بجامعة جونز هوبكنز ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوزسيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©