الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

هيدينك عبقري يعشق المغامرات

26 يونيو 2006 00:22
لقد فعلها غوس هيدينك من جديد، انما هذه المرة مع منتخب مختلف من قارة مختلفة وفي فترة قياسية، فهذا المدرب الذي اطلق عليه مدير اعماله لقب ''مدمن كأس العالم''، وضع بصمته بامتياز في مباراة استراليا وكرواتيا (2-2) في الجولة الثالثة من تصفيات المجموعة السادسة لمونديال 2006 عندما جدد ثقته بهاري كيويل الذي غاب عن التشكيلة الاساسية امام البرازيل، فرد الاخير التحية مسجلا الهدف الاغلى في تاريخ كرة القدم الاسترالية مانحا منتخب بلاده بطاقة التأهل الى الدور الثاني للمرة الاولى في تاريخه· واعاد التصرف الذكي للمدرب الهولندي ذكريات المباراة التي حجزت عبرها استراليا بطاقة التأهل الى المونديال الالماني على حساب الاوروجواي، اذ كان المنتخب الاسترالي مشتتا في منتصف الشوط الاول، فعمد هيدينك الى استبدال المدافع طوني بوبوفيتش بكيويل نفسه، بطريقة لم يكن مدرب آخر ليفعلها في ظروف تلك المباراة المصيرية· وبالفعل تحولت السيطرة على الكرة لمصلحة الاستراليين، وكان كيويل وراء هدف التعادل الذي سجله ماركو بريشيانو، قبل ان يتصدى الحارس مارك شفارتزر لركلتي ترجيح مكرسا الحلم الذي طال انتظاره منذ مونديال المانيا عام 1974 وربما يقول البعض ان الصدفة لعبت دورها في شكل كبير مع هيدينك واللاعب عينه (كيويل)، الا انه بالعودة الى المباراة الاولى امام اليابان تظهر عبقرية الهولندي الذي غير مجرى اللقاء عندما دفع بتيم كاهيل وجون الويزي اللذين قلبا تخلف استراليا بهدف وحيد الى فوز ثمين 3-1 كان الخطوة الاولى نحو بلوغ الدور الثاني· وعلى الرغم من ان مجرد قيادته الـ''سوكروز'' الى النهائيات يعتبر انجازا فريدا بعدما باءت محاولاتهم طوال 32 عاما بالفشل، فإن الاستراليين ادركوا ان هذا الامر لن يكون نهاية المطاف وابرز مثال على ذلك تصريح جيم روني لاعب المنتخب الاسترالي في مونديال 1974 الذي قال ''اذا نظرت الى نتائج هيدينك في الاعوام الماضية على الصعيدين الاوروبي والعالمي، سيكون غير منطقي استبعاد التواجد في المربع الذهبي''· قلة هم المدربون الذين لاقوا النجاح اينما حلوا، وهيدينك واحدا منهم اذ لم يعرف طوال مسيرته معنى الخيبة بل تحول بطلا حقيقيا وملهما لملايين المتابعين في المحطات التي توقف عندها لنثر سحره التدريبي وجاذبيته الكروية· واللافت ان العديد من المدربين ابدوا اعجابهم بزميلهم الهولندي، وهذا امر نادر حدوثه في عالم المستديرة، اذ اعرب مدرب السعودية ماركوس باكيتا قبل انطلاق المونديال الحالي انه سيتسلح بالهام هيدينك الاسيوي لتحقيق نتائج طيبة على غرار ما فعل الاول مع كوريا الجنوبية في المونديال الماضي· وتحول ملعب ''غوتليب دايملر ستاديوم'' في شتوتغارت الذي عبرت منه استراليا الى الدور الثاني شاهدا ابديا على انجازات هيدينك الذي ترك بصمة اخرى فيه ستظل راسخة لفترة طويلة، اذ سبق له ان فجر فرحته بلقبه الاول الكبير على الملعب عينه عام 1988 عندما قاد ايندهوفن للفوز بكأس النوادي البطلة (دوري ابطال اوروبا حاليا) على حساب بنفيكا البرتغالي (6-5 بركلات الترجيح)· واذ حاز كثيرون لقب ''الاسطورة'' بعد اعتزالهم او وفاتهم فإن هيدينك اكتسبه منذ فترة طويلة بفضل انجازاته المتواصلة التي نصبته بطلا قوميا في عيون مشجعي الفرق التي دربها، ولعل وسام التقدير الاسمى الذي يفتخر به هو قيادته كوريا الجنوبية التي لم يسبق لها الفوز بأي مباراة في كأس العالم الى الدور نصف النهائي في 2002 على حساب فرق من العيار الثقيل، امثال البرتغال وايطاليا واسبانيا· وكان هذا الانجاز كافيا ليحمل المدرب الانيق لقب ''قاتل الفرق الكبرى'' وليتحول بطلا للامة الكورية التي طالب شعبها بترشيحه الى رئاسة الجمهورية بعدما ادخل الفرحة طوال شهر كامل لشوارع العاصمة سيول التي اجتاحتها الجماهير مهللة للانتصارات غير المسبوقة لمنتخبها· واللافت ان الكوريين لشدة تأثرهم بهالة هيدينك زحفوا بكثرة الى هولندا لزيارة مسقط رأسه دوتينشم والتعرف على طبيعة المنطقة التي استمد عبرها هذا المدرب عبقريته الفريدة· وساهمت التجربة الكورية الناجحة لهيدينك في مواصلة اعتماد المسؤولين الكوريين على المدرسة الهولندية، الا ان مواطنه ديك ادفوكات لم ينجح في تكرار جزء بسيط من انجاز سلفه فخرجت كوريا الجنوبية من الدور الاول للمونديال الحالي بخيبة كبرى· ويكمن السر وراء تميز هيدينك عن غيره من المدربين وتسطيره النجاح في مختلف بقاع العالم عبر طبيعة شخصيته التي لا تخضع للضغوط بل على العكس فهو عرف دوما التعامل بروية مع الظروف الصعبة التي واجهته· ففي يناير عام 2001 تسلم هيدينك مهام تدريب كوريا الجنوبية احدى الدولتين المنظمتين لمونديال 2002 لذا كان في حكم المؤكد ان يشعر بسخونة الموقف وسط مطالبة الجماهير والصحافة الاستفادة من عامل الارض للارتقاء الى مصاف الكبار، فما كان منه الا تكرار انجازه الشخصي بقيادته ''محاربي التايغوك'' الى المربع الذهبي على غرار ما فعل مع منتخب هولندا في مونديال فرنسا 1998 وذلك على الرغم من الفارق الشاسع بين مستوى الكرتين الكورية والهولندية· وبدا تأثير هيدينك واضحا على ابناء ''بلاد الكنجارو'' الذين ابدوا كامل احترامهم لعاشق المغامرات الذي سيتركهم بعد المونديال بحثا عن تحد جديد مع المنتخب الروسي، ووصفه مارك فيدوكا بالساحر مضيفا ''يقولون انه ليس لدينا الخبرة الكافية، لكن مع هيدينك سيكون عامل الخبرة دائما الى جانبنا، انه يعرف كيفية استعمال اللاعبين الجيدين في الاوقات المناسبة''، فيما قال لوكاس نيل ''عندما ترخي الضغوط بثقلها علينا، يأخذ هيدينك القرارات الصائبة، انه فعلا عبقري''· ''لا تذهب الى روسيا'' بهذه العبارة خاطب الجمهور الاسترالي مدرب منتخبه، الذي تحول رسولا ينقل تعاليم ''الكرة الشاملة'' الى العالم اجمع كاتبا التاريخ الكروي على طريقته الخاصة، فإذا كان هناك من يتساءل عن كيفية تحويل فريق لا يؤمن افراده بإمكان احرازهم نتائج طيبة الى احد رواد نادي الكبار، الجواب بسيط المدرب الهولندي جوس هيدينك·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©