الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

إسرائيل تصطاد الأدمغة والدول العربية تبددها

25 يونيو 2006 01:29
الاتحاد- خاص: دعوات هنا وهناك في العالم العربي لمطاردة الأدمغة المجنحة، هذا إذا ما علمنا أن كمية الأدمغة التي تهاجر غرباً باتت مأساوية فعلاً، وإذ تعج دول عربية بالعاطلين عن العمل، فإن هجرة النخبة تبدو وكأنها الخيار الوحيد ما دامت البيئة التكنولوجية العربية غير موجودة أو غير جاذبة قياساً على البيئة في بلدان متطورة· بماذا يختلف العرب عن غيرهم، تحديداً من الآسيويين؟ لا شيء· يقال إن الإسرائيليين ينفذون خطة جهنمية لمنع العرب من ولوج العصر لالتكنولوجي· حتى الفلاشا خلال نصف قرن، استطاعت إسرائيل، وبوسائل شتى أن تستقطب 59 ألف باحث وعالم يهودي كانوا منتشرين في أنحاء مختلفة من الغرب، هؤلاء من الدرجة الممتازة، دون احتساب الأدمغة الأخرى، فيما اجتذبت أيضاً وعلى نحو جزئي وبسبب ارتباط هؤلاء بمهمات في معاهد أو مختبرات متطورة جداً نحو 23 ألفاً· ولعل الطريف أن نسبة كبيرة من المهاجرين الروس كانوا من الموسيقيين اللامعين والذين يجيدون العزف على آلات هامة، ولأن الدولة العبرية ربما كانت أقل دولة في العالم في إنتاج الموسيقى والغناء، فإنها عملت على تأمين العقود للعديد من العازفين للعمل في فرق سيمفونية عالمية، وببدلات مرتفعة، شريطة العودة، بعد سنوات التعاقد الى الدولة العبرية التي تحتاج بطبيعة الحال الى مزيد من السكان خصوصاً من هذه النوعية· الأكثر طرافة ان الفلاشا (يهود اثيوبيا) الذين طالما اعتبرهم اليهود البيض مجرد ''إضافات أثرية'' لاعتقادهم أنهم أحفاد ذلك الزواج الغامض بين الملك ''سليمان'' و ''بلقيس'' ملكة سبأ، والذي أنتج الملك ''مبنيليك''، لم يعد ''مجرد إضافات''، والذين يدخلون الى التخنيون، وهو معهد الأبحاث الشهير، سيفاجأ بوجوه زنجية هناك، إنها قليلة دون ريب خصوصاً وان الفلاشا وافدون جدد، ولا يمتلكون أي خلفية علمية، والمهم أن هناك من يراقب عمل الأدمغة لدى هؤلاء· هذه هي ''الثروة المقدسة''، حسب تعبير ''دافيد بن جوريون''· وايزمان واينشتاين الاهتمام الإسرائيلي بالأدمغة ليس عشوائياً، ولا هو جاء بدافع الحاجة أو الضرورة، فالواقع أن أول رئيس للدولة ''حاييم وايزمان'' كان عالماً، وعالماً شهيراً، وهو الذي كان يمضي ساعات من الاتصال والمتابعة لإقناع الأدمغة اليهودية بالهجرة الى اسرائيل، حاول مع ''البرت اينشتاين'' الذي كاد يقبل بالانتقال من الولايات المتحدة لولا وقفة مع الذات تحدث هو عنها، ووجد نفسه ينتقل من العالم الى··· الجيتو· غابة من الأدمغة: التكنولوجيا، البيولوجيا، الاقتصاد، الطب، الإحصاء، الفضاء· الى ما هنالك من اختصاصات علمية حساسة، مع تواصل ديناميكي بين المؤسسة الإسرائيلية والمؤسسة الأميركية في هذا المجال، لا بل ان الاسرائيليين امتدوا في اتجاه دول أوروبية مختلفة· عربياً، المشهد مختلف تماماً، الأدمغة تتبخر، في حفل تخريج طلبة الدراسات العليا في جامعة أجنبية في لبنان، وحفل التخريج ينظم بعد نحو عام من النتائج، بوشر بالمناداة على المتخرجين· علت الدهشة وجه سفير الدولة التي ترعى الجامعة إذ أنه من أصل 118 متخرجاً، تبين أن عدد الذين بقوا في لبنان هم 34 فقط، فيما هاجر الآخرون للعمل إما الى بلدان الخليج العربي، أو الى الولايات المتحدة وأوروبا وكندا وأستراليا· القنبلة النووية المصرية الجامعة متخصصة في تخريج الكوادر العليا، إذ توجه المتخرجون من جامعات غربية (أميركية وأوروبية) في قطاعات علمية وتكنولوجية يستقرون عبر البحار، هذا بسبب غياب المنظومة التكنولوجية العربية، فالواضح حتى الآن أن هناك قراراً عربياً بالبقاء خارج الحرم التكنولوجي· بماذا نحن مختلفون عن اليابانيين والماليزيين والتايوانيين والكوريين؟ هؤلاء واجهوا مآس معاصرة ربما كانت أكثر عمقاً، ومرارة، من التي واجهناها نحن، ومع ذلك فقد قفزوا·· لا مشكلة في الأدمغة، ولا في المال· يقال عادة إن الدخول العربي في الزمن التكنولوجي محرم إسرائيلياً· رهان تل أبيب أن تبيع منتجات إلكترونية هذا العام بنحو 20 مليار دولار· نذكر فقط أن ''محمد حسنين هيكل'' قال ذات مرة ان الإسرائيليين ضربوا مصر في يونيو 1967 لأنها كانت على مسافة قصيرة (زهاء 18 شهراً) من القنبلة النووية· لم تعرف أن طائرات الميراج قصفت منشآت نووية مصرية، لماذا لم يستمر البرنامج؟ وهل حدث شيء ما وراء الستار؟ اللهم إلا إذا كانت قد قُصفت فعلاً، ولم يعلن عن ذلك في حينه· النموذج التركي لا أحد يمكن أن يغفل مدى تأثير اللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة· هذا أثار حتى ''صامويل هانتنجتون''، صاحب نظرية ''صدام الحضارات''، الذي اعترض على إمساك أقلية ما بالقرار الاستراتيجي· قد يدركون من الضروري طرح هذا السؤال: ما هو الدور الإسرائيلي في منع العرب من ولوج التكنولوجيا؟ السؤال يغدو ملحاً حين نعلم أن المشكلة عامة في كل البلدان العربية دون استثناء· على خوفنا توجد تركيا التي يشكل إنتاجها الصناعي نحو 58 في المئة من الناتج المحلي الخام، إنها تصنع الدبابات، والباصات، وحتى يشكل إنتاجها الصناعي نحو 58 في المئة من الناتج المحلي الخام، إنها تصنع الدبابات، والباصات، وحتى الطائرات، إضافة الى معدات كثيرة أخرى، بل وإن كان المثال الآسيوي (الكوري الجنوبي بوجه خاص) يبقى أكثر دوياً·· لا إحصاءات دقيقة عند أي كان، نعتمد على الأرقام التي يتم تداولها من قبل متابعين في مناطق مختلفة في الولايات المتحدة هناك 4900 عربي يعملون في أكثر المراكز التكنولوجية حساسية بما في ذلك كاب كانافيرال، وحيث أهم النشاطات الفضائية الأميركية· بالطبع هناك عشرات الآلاف من الأدمغة التي هي أقل شأناً في كندا، في أوروبا، تجد تلك الأعداد الضخمة· دعوات كثيرة أطلقت لمطاردة الأدمغة المجنحة، أي تلك التي ''طارت'' واستقرت وراء البحار، ولكن أين هي البنى التحتية القادرة على استيعاب تلك الأدمغة· أزهار وأغنيات نشير هنا الى تجربة الإسرائيلي ''جوزف بنتسور'' الذي هاجر الى كندا ليعمل في مجال تصنيع أجهزة الكمبيوتر· كان يعمل في الـ ''تخنيون''، لكن أسباباً جعلته يقرر السفر والإقامة بعيداً عن الدولة العبرية، يقول إن الرسائل، بما فيها الإلكترونية، تتدفق عليه من اسرائيل، وان السفارة الإسرائيلية تبعث إليه بالأزهار في عيد ميلاده، كما أن السفارة تبعث إليه بآخر الألبومات الغنائية الإسرائيلية، والأهم أنها تطلعه على ما يستجد اسرائيلياً في القطاع الإلكتروني، كل هذا لكي تبقى الذاكرة مرتبطة بذلك المكان· بين كل عشرة عرب متخصصين في ميادين تكنولوجية ويعملون في الولايات المتحدة هناك 5 يتزوجون من أميركيات، هذه هي الخطوة الكبرى نحو الاندماج شبه الكامل، وهو ما يحدث فعلاً· قليلون يشعرون بالحنين الى الأمكنة القديمة، ربما الفلسطينيون هم الأكثر استعمالاً للذاكرة، وإن كانت الذاكرة المعذبة غالباً· الذي يحدث، عملياً، ان المستقبل العربي ينزف، الآن نحن في النصف الثاني من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ثمة مستشار سابق في اللجنة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا (الاسكوا) وضع دراسة لإحدى الجامعات· يقول إن العرب يمثلون المرتبة السابعة في السلم التكنولوجي· إذا عرفنا من يحتل المراتب الثامنة والتاسعة والعاشرة، فستكون فضيحة بمعنى الكلمة·· نستعيدهم· عالم ذرة لبناني ''قتله'' الحنين فعاد· القضية باتت معروفة تماماً، تم تعيينه كـ ''مهندس زراعي''، ربما أثر ذلك عليه نفسياً، سيان بين بناء مفاعل نووي أو إقامة مزرعة للأبقار· إذا عادت مئات آلاف الأدمغة، ماذا نفعل بها؟ الجامعيون يهاجرون من الأرجنتين الى إسبانيا ليعملوا سائقي سيارات أجرة· ''أورينت برس''
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©