السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الإسلام يوفر الحماية النفسية والاجتماعية للمسنين

الإسلام يوفر الحماية النفسية والاجتماعية للمسنين
26 أكتوبر 2017 20:51
حسام محمد (القاهرة) مع التطور العلمي والصحي والاقتصادي زادت أعداد المسنين في العالم كله وبالطبع زاد عددهم في العالم العربي، وفي الوقت الذي يحتفي فيه الجميع كله باليوم العالمي للمسنين في شهر أكتوبر من كل عام، فإن الشريعة الإسلامية كانت حريصة على الاهتمام بحقوق الإنسان المسن وتوفير كل أوجه الحماية النفسية والاجتماعية والاقتصادية لهم، حيث حرص الإسلام عبر توجيهاته ونظمه الاجتماعية والأخلاقية أن يشيع أجواء الرحمة والاحترام والعطف والإحسان في العلاقات بين أبناء المجتمع الإسلامي. البناء الأسري بداية، تقول الدكتورة عفاف النجار أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر: اهتم الإسلام بكل فرد في المجتمع من خلال اهتمامه بالأسرة حيث يعتبر الأسرة هي اللبنة الأولى لبناء مجتمع مترابط ومتماسك، ومن هذا المنطلق حرصت الشريعة الإسلامية على وضع ضوابط وتشريعات تجعل الأسرة بكل أفرادها الأب والأم والأبناء والجد والجدة هي الحاضنة لكل المعاني الأخلاقية والقيم النبيلة، لدرجة أن علماء الاجتماع في الغرب عندما حاولوا أن يواجهوا ظاهرة الانحلال الأخلاقي هناك، أكدوا أن المجتمعات المسلمة لم تعرف ذلك الانحلال الأخلاقي بسبب الروابط الأخلاقية والإنسانية التي تربط بين أفراد الأسرة المسلمة، حيث أسمى معاني الرّحمة والألفة والمودة والتّناصح، ومن هذا المنطلق جاء اهتمام الإسلام برعاية المسنين لأن المسن هو جزء من الأسرة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رحم الله ولدا أعان والديه على بره، ورحم الله والدا أعان ولده على بره، ورحم الله جارا أعان جاره على بره، ورحم الله رفيقا أعان رفيقه على بره، ورحم الله خليطاً أعان خليطه على بره، ورحم الله رجلاً أعان سلطانه على بره»، فبر المسن في الإسلام تجعل الشباب يبرون أباءهم، وبالتالي تتشكل خريطة المجتمع المسلم من عائلات وأسر مترابطة ومتماسكة وتنمو قيم الخير والرحمة. عظمة الإسلام من جانبه، يقول الدكتور محمد كمال إمام عضو هيئة كبار العلماء وأستاذ الشريعة بجامعة الإسكندرية: إن الإسلام أكد على حماية المسنين وأكد على توفير كل أوجه الراحة والرعاية لهم فهم أساس الأسرة، ولكن للأسف بدأت المجتمعات الإسلامية تشهد ظاهرة مرفوضة، وهي التوسع في بناء دور المسنين رغم أن القاعدة أن الإنسان يعيش ضمن أسرته حتى يتوفاه الله، فالأسرة في الشريعة الإسلامية بما تشكل من علاقات وبيئة هي المسؤولة الأولى عن رعاية المسنين لديها، ولهذا فإن ما يعرف باسم دور المسنين أو دور الإيواء ليست بديلاً عن الأسرة في هذا المجال بأي حال من الأحوال، وذلك لأن الأسرة تمتلك مواصفات لا تتوافر في دور المسنين، لذلك ينبغي أن تلتفت كل الأسر إلى ضرورة العناية بكبار السن لأنها البيئة المثلى لتوفير الرعاية لهم. ينهي د. كمال إمام حديثه، قائلاً: يحكي التاريخ الكثير من القصص التي توضح كيف كان المسلمون الأوائل يتعاملون مع كبار السن، حيث قال طلحة بن عبدالله رضي الله عنه: «خرج عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ليلة في سواد الليل، فدخل بيتاً، فلما أصبحت - يقول طلحة بن عبدالله - ذهبت إلى ذلك البيت، فإذا عجوز عمياء مقعدة، فقلت لها: ما بال هذا الرجل يأتيك؟ فقالت: إنه يتعاهدني مدة كذا وكذا، يأتيني بما يصلحني، ويخرج عني الأذى، فقلت لنفسي: ثكلتك أمك يا طلحة، أعثرات عمر تتبع؟، فهكذا كان يتعامل المسلمون مع المسنين وهذه هي الرعاية والتكافل الاجتماعي كما وضعته الشريعة الإسلامية، وهكذا هي الشريعة الصحيحة شريعة التراحم والتعاطف والتكافل. احترام وتقدير يقول الدكتور عبدالمقصود باشا الأستاذ بجامعة الأزهر: أكد الإسلام أن لكبير السن مكانته المتميزة في المجتمع المسلم فيجب أن يتم التعامل معه بما أمر الله، وقد حظي احترام وتوقير المسنين بالكثير من التأكيدات عبر القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، ولعل من أهم صور هذا التقدير إلقاء السلام: أي أن الصغير يسلم على الكبير تقديراً واحتراماً له، وتقديم الكبير عند الطعام والشراب والصعود والنزول وغيره من التعاملات الأخرى، فالكبار والمسنون رحِمَا ودينا لا يضيعون في مجتمع الإسلام الذي أولى نبيه صلى الله عليه وسلم القدر الكبير لرعايتهم والاهتمام بهم، فقال: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا» وذو الشيبة له مكانة كبيرة في السنة المطهرة، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة». إحسان وتكريم تشير د. عفاف النجار، قائلة: الإسلام بصفة عامة هو دين الرحمة، ولهذا تجلت رحمته في التعامل مع المسنين، ومن يقرأ التاريخ الإسلامي يكتشف أن الإسلام لم يكن رحيماً فقط مع المسن المسلم، فمن عظمة الإسلام أنه يحسن إلى المسن حتى ولو كان كافراً، فقد مر أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بباب قوم، ووجد عليه سائل يسأل، وكان شيخاً كبيراً ضريراً، وعلم منه أنه يهودي، فقال له: فما ألجأك إلى ما أرى؟ فقال: أسأل الجزية والحاجة والسن، فأخذ عمر بيده، وأرسل إلى خازن بيت المال انظر هذا: فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شبيبته ثم نخذله عند الهرم، ووضع عنه الجزية وعن أمثاله، وهذا مثال حي على ما يقدمه الإسلام للمسنين ورحمته بهم، كما ضرب لنا الرسول صلى الله عليه وسلم أروع النماذج في التواضع والإحسان والتكريم حين طلب من أبي بكر رضي الله عنه أن يبقي والده المسن في بيته ويأتيه، فروى أنس بن مالك أن أبا بكر جاء بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله يوم الفتح، فقال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: لو أقررت الشيخ في بيته لأتيته إكراماً لأبي بكر، فأسلم ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً، فأي عناية بالكبير ورحمة به أبلغ من هذا وجاء في الحديث: «أوصيك أن تتخذ صغير المسلمين ولدا، وأوسطهم أخا، وكبيرهم أبا، فارحم ولدك وصل أخاك وبرّ أباك».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©