الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

كيف تتجنب السعودية مصاعب الأسواق الناشئة في الطاقة المتجددة؟

كيف تتجنب السعودية مصاعب الأسواق الناشئة في الطاقة المتجددة؟
11 ديسمبر 2016 21:14
عندما أطلقت المملكة العربية السعودية رؤيتها لعام 2030 في وقت سابق من العام الحالي، استحوذت هذه الخطوة على اهتمام قطاع الطاقة الشمسية بأكمله تقريباً. ولطالما شكَّلت المملكة- وهذا يؤكده أي خبير في القطاع- محور حديث دائم في سياق التطلعات المستقبلية سواء في المؤتمرات العامة أو حتى في الأحاديث الخاصة. لكن مع ظهور رؤية 2030 -التي تتطلع لإنتاج 9.5 جيجاواط من الطاقة الشمسية كهدف أوّلي- اتخذت تلك الأحاديث منحىً جديداً. فالقول بأن المملكة العربية السعودية لديها القدرة على أن تصبح قوة كبرى في الطاقة الشمسية لم يعد أمراً خاضعاً للتكهنات. وإن ما يميز رؤية 2030 ومبادرة خادم الحرمين الشريفين للطاقة المتجددة عن البرامج السابقة التي أُعلن عنها في البلاد، هو أنها تعكس مستوى غير مسبوق من الالتزام تجاه الطاقة المتجددة في المملكة. فالهدف «الأوّلي» يعني أن السعودية ستعمل على بناء قدراتها في الطاقة المتجددة بشكل مستمر، مستفيدةً في ذلك من تزايد انخفاض التكاليف وتحسن الكفاءة مستقبلاً، مع ترك المجال مفتوحاً أمام تطوير التقنيات الجديدة. ويشير العديد من المراقبين أيضاً إلى حقيقة أن رؤية 2030 تلتزم بضمان «القدرة التنافسية للطاقة المتجددة من خلال التحرير التدريجي لسوق الوقود». وهذا دليل واضح على أن الحكومة السعودية عازمة تماماً على تحقيق أهداف الطاقة المتجددة. فالدعم الحكومي للوقود التقليدي من شأنه أن يعرقل جهود نشر الطاقة المتجددة في العديد من البلدان التي تعتمد كلياً على تصدير الطاقة، وذلك لسبب بسيط هو أن الطاقة المتجددة ببساطة لا يمكن أن تنافس في بيئة غير متكافئة تعتمد على الوقود المدعوم في الإنتاج المحلي للطاقة. لكن من خلال تحرير سوق الوقود، ستضمن المملكة العربية السعودية بيئة متكافئة تتيح لتقنيات الطاقة المتجددة المنافسة بنجاح ضد نظيرتها التقليدية، كما هو الحال في الأسواق الأخرى. وإذ يترقب القطاع إطلاق مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة والجداول الزمنية المرافقة لها، بإمكان المملكة أن تتخذ ثلاث خطوات ستجنبها المصاعب التي واجهتها الأسواق الناشئة الأخرى، من أجل الوصول إلى أهدافها. أولاً، يجب على المملكة العربية السعودية أن تنظر في تطبيق نهج تشاوري في وضع الأطر والسياسات العامة للطاقة المتجددة بالاعتماد على شركاء يتمتعون بخبرات ومكانة ومصداقية عالية. فهذا سيساعد البلاد على تجنب ثغرة التعلم الكبيرة التي تعثر بها الآخرون في بعض الأحيان، حيث إن التسرع في وضع استراتيجية الطاقة المتجددة ينجم عنه تحديات تنظيمية واقتصادية وتقنية، وهناك العديد من دراسات الحالة في العالم التي توضح ما يجب وما لا يجب القيام به في هذا الشأن. ثانياً، يتعين على المملكة أن تنظر في تنويع محفظتها من مصادر الطاقة المتجددة من خلال إقامة مشاريع تجارية وصناعية تركز على الجانب التطبيقي. على سبيل المثال، يمكن للمملكة أن تذهب إلى أبعد من مجرد وضع برنامج للطاقة الشمسية على نطاق المرافق الخدمية، وتستعيض عنه بأهداف بعيدة المدى للطاقة الشمسية في بعض القطاعات الصناعية ذات الاستهلاك الكثيف للكهرباء، مثل الزراعة والأسمنت والصلب والبتروكيماويات. كما أن تشجيع القطاعات الأكثر استهلاكاً للطاقة في البلاد على الاستثمار في تلبية احتياجاتها من الكهرباء عبر الطاقة الشمسية، سيحقق فائدة مباشرة تتمثل في تخفيف الضغط على أنظمة توليد الطاقة الحالية. وفي خطوة مماثلة وعملية للغاية، بإمكان قطاع تحلية المياه الذي يستهلك الطاقة بكثافة أن ينتقل لاستخدام تكنولوجيا التناضح العكسي التي يمكن تشغيلها بسهولة عبر الطاقة الشمسية الكهروضوئية. بالإضافة إلى ذلك، فإن استخدام المملكة لتوليد الديزل في المناطق الواقعة خارج الشبكة يوفر أيضاً فرصاً مهمة لتطبيق أنظمة هجينة تجمع بين الديزل والطاقة الشمسية. وأخيراً، من الضروري بالنسبة للسلطات المشرفة على المبادرة أن تدعم فرص نجاحها من خلال التواصل مع المقرضين والممولين، إذ لا تزال تكلفة التمويل تشكل جزءاً كبيراً من متوسط تكلفة إنتاج الكهرباء، لذلك من المهم بالنسبة للمملكة أن توفر وسائل تنافسية للتمويل. ومن المهم أيضاً أن يكون لدى البنوك والمقرضين العاملين في المملكة فهم أفضل لقطاع الطاقة الشمسية، وضمان أن يتقبلوا بأريحية فكرة توفير برامج تمويل تنافسية. كما أن تشجيع المقرضين المحليين على المشاركة سيمكّن المملكة من تحقيق فوائد اقتصادية أوسع نطاقاً. إن المملكة العربية السعودية على أعتاب مرحلة جديدة تسخّر فيها كامل إمكانياتها للاستفادة من أهم موارد الطاقة وأكثر وفرة في المملكة، وهي أشعة الشمس. وهذا لا يمكن أن يتحقق بنجاح إلا من خلال استراتيجية تعاونية متعددة المحاور. * نائب رئيس تطوير أعمال «فيرست سولار» في الشرق الأوسط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©