الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العالم النامي... عودة الطبقة الوسطى إلى الواجهة

2 يوليو 2013 22:48
فيما كانت الاحتجاجات تشتد في تركيا وتلوح بوادر انفجارها في البرازيل البعيدة جلس «أسين جينوف» في مكتبه بالعاصمة البلغارية صبيحة يوم 4 يونيو الغائم للنقر على لوحة مفاتيح الكمبيوتر مشعلاً فتيل الربيع البلغاري. فقبل أشهر قليلة فقط أسقط الغضب الشعبي على الزيادة في فواتير الكهرباء الحكومة السابقة. لكن «جينوف» البالغ من العمر 44 سنة ويدير موقعاً للإنترنت وجد سبباً أكثر وجاهة للدعوة إلى التظاهر عندما استعانت الحكومة بأحد أقطاب الإعلام الغامضين لتوليه منصب رئيس جهاز الأمن القومي، حيث سارع الناشط إلى نشر دعوة على صفحته بـ«فيسبوك» يطالب من خلالها النزول إلى الشارع للتظاهر في العاصمة صوفيا، متشككاً في بداية الأمر من خروج أعداد غفيرة للاحتجاج استجابة لدعوته، قائلاً: «لقد راهنا على عدد المشاركين، وقدرنا أنه لن يتجاوز 500 شخص». لكن ما إن وصل إلى ساحة الاستقلال بوسط العاصمة حتى طالعته جموع المتظاهرين وهم يتقاطرون على المكان من كل الأحياء، وهو الأمر الذي تكرر لأيام، حيث تضخمت المظاهرة رافعة مطلب الإطاحة بالحكومة. وفي تعليقها على المظاهرات قالت «إيفيتا شيرنيفا» التي كانت من أولى الناشطات المشاركات في المظاهرات «نحن كلنا مرتبطون سواء في بلغاريا أو تركيا أو البرازيل، فنحن نرسل التغريدات بالإنجليزية حتى نتواصل ونساند بعضنا البعض من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ورغم اختلافنا فإننا جميعاً نريد من الحكومة أن تخدم الشعب، لذا نُلهم بعضنا البعض». وفي مختلف أنحاء العالم، يبدو أن الصيف الحالي هو موسم استياء الطبقة الوسطى بامتياز وتعبيرها عن إحباطها، لا سيما في البلدان النامية. فمن إسطنبول إلى ريو ديجانيرو، ومن بلغاريا إلى البوسنة تساهم سلسلة من الأحداث والوقائع المنفصلة عن بعضها في تأجيج غضب شريحة متزايدة من المواطنين التي باتت أكثر انخراطاً في الشأن العام وأكثر مراقبة لما يجري. إن تطوير الحكومة التركية لحديقة وسط إسطنبول أدى إلى اندلاع احتجاجات واسعة حول تقييد حرية التعبير، فتحت قيادة حكومة محافظة بتوجهات تنحو إلى السلطوية بدأ المجتمع يتململ معبراً عن استيائه، وفي البرازيل أدت الزيادة في تعرفة النقل إلى ضجة كبرى تجاوزت الزيادة في الأسعار إلى التنديد بالفساد المستشري والتعامل القاسي للشرطة مع المتظاهرين. لكن ما الذي يجمع بين البرازيل وتركيا؟ فقد كانت حادثة بسيطة في كلا البلدين كفيلة بإشعال فتيل التوتر والاحتجاجات الاجتماعية الساخطة على الوضع ساعدها في ذلك ارتباط فئات واسعة من الشعب بالإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي لعبت دوراً حيوياً في التعبئة والحشد، بالإضافة إلى تحسن مستويات المعيشة في السنوات الماضية وتطور المطالب إلى أكثر من مجرد الديمقراطية، وهو الأمر الذي حدث في العاصمة البوسنية، سراييفو، حيث خرج الآلاف من السكان من مختلف العرقيات إلى الشوارع احتجاجاً على عجز الحكومة في التعامل مع لوائح الأطفال حديثي الولادة الذين يظلون بدون أوراق تعريف ما يعيق استخراجهم للوثائق الضرورية، وتطور الأمر إلى محاصرة المشرعين في البرلمان لأربع عشرة ساعة. وهناك أيضاً الاحتجاجات الضخمة التي تشهدها حالياً القاهرة في أهم ميادينها، حيث خرج المواطنون للتعبير عن مواقفهم من الحكومة بين التأييد والمعارضة، ذلك أنه بعد فشل الحكومة المصرية في الاستجابة للمطالب المتزايدة للمواطنين، عادوا مرة أخرى إلى ميدان التحرير، مهد «الربيع العربي» والمكان الأول لانطلاق الثورة المصرية. وفي أعقاب الثورات العربية شاهدنا كيف احتشد الإسبان فيما يسمى بـ«الغاضبون» احتجاجاً على سياسات الحكومة في مجال التقشف، وتمرد الأميركيون في إطار حركة «احتلوا وول ستريت» ضد الممارسات المريبة للنظام المالي ومسؤوليته في الأزمة الاقتصادية. وعلى غرار سنوات الستينات التي سجلت تمرد الشباب ضد السلطة القائمة والمطالبة بالحرية وإنهاء الحروب، وتظاهرات التسعينيات التي انطلقت ضد العولمة وإشكالاتها، جاءت سنة 2010 وما لحقها للتعبير عن نوع آخر من المطالب مرتبط برغبة الطبقات الوسطى في استجابة أسرع للحكومات وتشديدهم على الحريات الاقتصادية والاجتماعية. وفي تفسير ما يجري حول العالم من احتجاجات تمتد إلى عدد من البلدان يقول «روبن نيبلت»، مدير مركز «تشاتم هاوس» بلندن «إنها شريحة من الشباب أفضل تعليماً وأكثر تواصلا وترابطاً فيما بينها بفضل التكنولوجيا الحديثة، وفي عدد من بلدان العالم النامي نحن أمام طبقة وسطى جديدة، حيث تعريف النجاح لا يقتصر على العيش، بل يمتد إلى مستوى الحياة وجودتها وفرص المستقبل، بالإضافة إلى حرية التعبير. وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى «سيلسيا دي أوليفيريا»، طالبة التصميم المقيمة بمدينة ساو باولو البرازيلية والتي وجدت نفسها منشدة إلى ما يجري في تركيا، رغم بعد المسافة، حيث تأثرت، كما تقول، بصورة غريبة بدا فيها أحد الأتراك وهو يعزف بهدوء على البيانو وسط الشارع فيما الاحتجاجات متواصلة والمواجهات مع الشرطة محتدمة، فما كان منها إلا أن نشرت الصورة على صفحتها بالفيسبوك، متسائلة «لماذا لا يجري هذا في البرازيل؟»، وبعد ساعات على تداول صورتها في مواقع التواصل الاجتماعي نزلت الحشود إلى الشارع مطالبة تحسين الخدمات الاجتماعية ووضع حدد للفساد المستشري. أنتوني فايولا وبولا مورلا محللان سياسيان أميركيان ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©