الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصر... ما بعد مهلة الجيش

مصر... ما بعد مهلة الجيش
2 يوليو 2013 22:40
بعد يوم على خروج ملايين المصريين إلى الشوارع للاحتجاج في العاصمة وعبر مدن البلاد في استعراض ضخم لمشاعر الغضب من الرئيس محمد مرسي، حذر الجيش المصري من أنه سيتدخل في الأزمة إذا لم تتم الاستجابة لمطالب الشعب في غضون 48 ساعة. إعلان ينظر إليه المحتجون والمعارضة باعتباره مؤشراً على أن مرسي سيرغَم على التنحي والدعوة إلى انتخابات مبكرة. ولئن كانت المهلة يمكن أن تنتهي بتوافق بين مرسي والمعارضة لا يتضمن استقالة الرئيس، فإن هذه الأخيرة لا تطالب بأقل من ذلك. وفي هذه الأثناء، ألغى كل من مكتب الرئيس والإخوان المسلمين مؤتمرين صحفيين كان مخططاً لهما مساء الاثنين؛ غير أنه مازال من غير الواضح كيف سيكون رد فعل الرئيس على مطالب الجيش، أو ما سيعنيه رفضه الإذعان لتدخل الجيش بالنسبة لمصر. وكان الجيش، الذي تسلم السلطة عندما أطيح بالرئيس السابق مبارك في احتجاجات ضخمة في عام 2011، قال إنه سيعلن عن «خريطة طريق» لحل الأزمة والإشراف على تطبيقها إذا فشلت الحكومة في احترام المهلة، ولكنه أشار إلى أنه لا ينوي الحكم أو المشاركة في السياسة. البيان، الذي قرأه على التلفزيون وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، قوبل بترحيب المعارضة السياسية والمحتجين الذين مازالوا معتصمين في ميدان التحرير والقصر الرئاسي، والذين دعا بعضهم يوم الأحد الماضي إلى تدخل عسكري بهتافات من قبيل: «انزل يا سيسي، مرسي مش رئيسي». وبالقرب من القصر الرئاسي، قرع المحتجون الطبول وغنوا وهتفوا فرحين ورافعين الأعلام المصرية، في حين أطلق السائقون في بعض الأحياء العنان لأبواق سياراتهم احتفالا. وفي هذا السياق، تقول سهام نجيب السباع، وهي جدة تقول إنها فرحت جداً ببيان الجيش لدرجة أنها شعرت بضرورة القدوم إلى القصر من أجل الاحتفال: «إنني سعيدة جداً ببيان الجيش. لقد أظهر الجيش أنه يصغي للشعب»، مضيفة «إننا سنبقى هنا لـ48 ساعة إلى أن يرحل مرسي. عليه أن يرحل لأن رغبة الشعب هي فوق رغبة أي شخص». غير أن أنصار مرسي سينظرون إلى استقالة الرئيس باعتبارها انقلاباً عسكرياً للإطاحة بأول رئيس منتخَب بشكل ديمقراطي وحر في تاريخ مصر. وفي مسجد يتجمع فيه أنصار مرسي منذ الجمعة، كان نوع من التجهم والتصميم يخيم على المكان. والواقع أن الكثير من المصريين الآخرين الذين احتجوا على الحكم العسكري خلال الفترة الانتقالية سيشعرون بالاستياء لرؤية الجيش يتدخل في الشؤون السياسية مرة أخرى؛ غير أن أغلبية الشعب يبدو أنها تثق في الجيش. وفي هذا الإطار، يقول ياسر الشيمي، المحلل المختص في الشأن المصري بمجموعة الأزمات الدولية: «إن اليوم يمثل تدخلا علنياً وقوياً جداً من قبل الجيش في الشؤون السياسية المدنية؛ تدخل قد يرحب به معظم الشعب في الحقيقة» نظراً لإخفاقات حكومة مرسي، مضيفاً «إن الآمال خلال ثورة 25 يناير في حكومة ديمقراطية مدنية لن تتحقق بشكل كامل على الأرجح، على الأقل على المدى القصير». وكان الجيش حكم مصر لـ17 شهراً بعد الإطاحة بمبارك. فترة أرسل خلالها أكثر من 12 ألف مدني إلى المحاكم العسكرية، وقمع منظمات المجتمع المدني وحرية التعبير، وأجج كراهية الأجانب. ويذكر أيضاً أن تهديد الجيش يأتي بعد عام بالضبط على انتخاب المصريين لمرسي واحتفالهم بنهاية الحكم العسكري. غير أنه خلال عامه الوحيد في السلطة، استعدى مرسي الكثير من المصريين. ففي نوفمبر الماضي، منح الرئيس نفسه حصانة مؤقتة من الطعن القضائي، كما استعمل السلطة لعرض دستور جديد على الاستفتاء وتعيين نائب عام مثير للجدل، ضمن خطوة عمقت الاستقطاب السياسي كثيراً، حيث بات الكثيرون في المعارضة يشعرون بأنه رمي جانباً أي محاولة لاستيعاب الجميع وبأنه يحكم البلاد كما لو أنه حاصل على تفويض قوي من الشعب، والحال أنه فاز بفارق بسيط في الانتخابات. كما يقول الكثير من المحتجين الذين احتشدوا للمطالبة برحيله إنه يحكم كما لو كان رئيساً للإخوان المسلمين، وليس للشعب المصري. والواقع أن مرسي ورث وضعاً اقتصادياً مزرياً وحُمِّل المسؤولية عن ارتفاع الأسعار، وتدني قيمة الجنيه، وازدياد وتيرة انقطاعات الغاز والكهرباء. وقد سعى جاهداً إلى فرض السلطة على الشرطة، التي درجت على مدى عقود على اعتقال أعضاء الإخوان المسلمين وتعذيبهم ولم تتعاون بشكل كامل مع الجهود الرامية إلى استعادة الأمن. وبشكل عام، دفعت هذه المشاكل مجتمعةً الكثير من المصريين إلى الخروج إلى الشوارع. الحملة التي دعت إلى احتجاجات الاثنين، «تمرد»، رحبت ببيان الجيش أيضاً. وفي هذا لإطار، قال المتحدث باسم الحملة، محمود بدر، في مؤتمر صحفي: «إننا نبعث بتحية تقدير إلى جيش مصر العظيم»، مضيفا «لقد أكد الجيش أنه ينحاز إلى رغبة الشعب في انتخابات مبكرة... إننا لن نكون جزءاً في أي مفاوضات». ومن جانبها، قالت المعارضة السياسية إنها لن تتفاوض مع الرئيس. وفي هذا الإطار، قال محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الاجتماعي الديمقراطي، إن بيان الجيش يمثل «خطوة إيجابية» تحول دون تصاعد الاحتجاجات وتحولها إلى العنف. ويذكر هنا أن 16 شخصاً على الأقل قُتلوا في القاهرة وأماكن أخرى في مصر الأحد، من بينهم ثمانية قُتلوا عندما هاجموا مقر الإخوان المسلمين في القاهرة وقام من كانوا داخل المبنى بإطلاق النار على الحشد. وقال أبو الغار إن جبهة الإنقاذ الوطني، وهي ائتلاف المعارضة الواسع الذي ينضوي تحت لوائه حزبه، لن تتحاور مع مرسي، ولكنها ستدرس أي تنازلات تقدم باسمه من قبل الجيش. كما شدد على ضرورة أن يرحل مرسي، وإنْ كان يرى أنه ينبغي السماح لحزب الإخوان المسلمين بالمشاركة في الحياة السياسية شريطة أن يحترم القوانين والتنظيمات نفسها المطبقة على أحزاب أخرى. كريستن تشيك القاهرة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©