الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حفصة.. حارسة القرآن الصوامة القوامة

1 يوليو 2015 23:35
محمد أحمد (القاهرة) حفصة بنت عمر بن الخطاب، أم المؤمنين، ولدت في مكة عام 18 قبل الهجرة، العام الذي أعادت فيه قريش بناء الكعبة قبل بعثة النبي بخمس سنوات، يجتمع نسبها مع الرسول عند كعب بن لؤي، والدها الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وأمها زينب بنت مظعون الجمحية، تزوجها خنيس بن حذافة بن عبس، أسلما وهاجرا إلى الحبشة ثم إلى المدينة المنورة واشترك زوجها مع بدر وأحد وأصيب وتوفي على أثرها. تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم حفصة، فكانت رابعة أمهات المؤمنين بعد أن عرضها أبوها على أبي بكر الصديق ليتزوجها، فلم يجبه، ثم عرضها على عثمان بن عفان، فلم يرض، وعندما أبلغ عمر رضي الله عنه النبي بذلك قال له: «تتزوج حفصة من هو خير من عثمان، ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة»، ثم خطبها منه وتزوجها. أرسل النبي صلى الله عليه وسلم رسائل إلى كثير من القبائل في شبه الجزيرة العربية وإلى ملوك الدول المحيطة بعد أن استقرت الأمور في المدينة للمسلمين، وكان من أهم هذه الرسائل التي أرسلت إلى المقوقس حاكم مصر من قبل الرومان وكان يطلق عليه عظيم القبط، فتلقى الرسالة بترحاب بالغ وأرسل مع حاطب بن أبي بلتعة للنبي العديد من الهدايا، منها جاريتان مصريتان هما مارية وأختها سيرين وألف مثقال من الذهب وعشرين ثوباً من قماش وبغلة وحماراً، وكان مع الفتاتين ابن عم لهما اسمه مأثور وكان شيخاً كبيراً، وكانت مارية وأختها قد أسلمتا قبل دخولهما المدينة وتزوج الرسول صلى الله عليه وسلم مارية. وكانت زوجات النبي يغرن من السيدة مارية وخاصة بعد أن ولدت للنبي إبراهيم فلم تكن جميعهن لهـن أبناء من الرسول سوى السيدة خديجة، وذات يوم جاءت السيدة مارية من مسكنها إلى النبي، وكان في بيت السيدة حفصة، واختلى بمارية، وساء ذلك حفصة ولما انصرفت مارية دخلت إلى النبي ثائرة وقالت له: «يا رسول الله، لقد سبتني، ما كنت لتصنع هذا لولا هواني عليك»، وبكت فأدرك الرسول ما بها من غيرة فأراد إرضاءها، فقال لها: لقد حرمت مارية عليَّ واشترطت أن تكتمي هذا السر عن زوجاتي» ووعدته حفصة أن تكتمه. التقت حفصة في اليوم التالي عائشة وأخبرتها بما قاله الرسول، وانتقل السر إلى زوجات النبي، وأنزل الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ)، «سورة التحريم: الآيات 1 - 3». شعرت حفصة بالخجل عندما عاتبها النبي فبكت، وقالت «والذي بعثك بالحق رسولا، ما ملكت نفسي فرحا بالتكريم الذي خصصتني به، فمن أنبأك بهذا؟ قال: «نبأني العليم الخبير». طلق الرسول حفصة وفاء للقسم الذي أقسمه واعتزل نساءه قرابة شهر، وحزن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- وساءه ما وقع من ابنته. وكان الله سبحانه وتعالى رحيما بحفصة أم المؤمنين، فبعث جبريل عليه السلام لنبيه صلى الله عليه وسلم، فقال له «راجع حفصة فإنها صوامة قوامة، وهي زوجتك في الجنة»، فكفر الرسول عن قسمه بتحرير رقبة حتى تعود حفصة وأحضرها مع عائشة وقال لهما كمـا ورد في القرآن الكريم (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَـــــا وَإِنْ تَظَاهَـــــرَا عَلَيْــــهِ فَــإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)، «سورة التحريم: الآية 4». عُرفت حفصة- رضي الله عنها- بصلاتها وتقواها وزهدها، وحينما جمع أبو بكر الصديق- رضي الله عنه - القرآن وضع النسخة الأصلية عندها، ومنها نسخ عثمان- رضي الله عنه- عدة مصاحف، وماتت حفصة رضي الله عنها سنة 45 هـ في خلافة معاوية بن أبي سفيان.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©