الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«آسف» تفتح أبواب السعادة الزوجية وتوثق العلاقات الأسرية

«آسف» تفتح أبواب السعادة الزوجية وتوثق العلاقات الأسرية
4 يوليو 2011 20:23
“أسف .. لم أكن أقصد” جملة لها مفعول السحر في زيادة الحب والألفة بين الزوجين، فمن الطبيعي أن تحدث خلافات زوجية، ولكن ليس من الطبيعي استمرار هذه الخلافات وتمسك كل طرف برأيه، ما يحول البيت إلى جحيم لا يطاق بدلاً من أن يكون شجرة وارفة يستظل بها أفراد الأسرة، وتكون دعماً لهم في مواجهة أعباء الحياة المختلفة، خاصة في العصر الحديث وما يصاحبه من تعقد في العلاقات الاجتماعية وصعوبة تكوينها خارج المنزل. ترجع غالبية الخلافات بين الأزواج إلى غياب ثقافة الاعتذار عن الخطأ، وعدم إدراك أهميتها في توفير الراحة والاستقرار داخل الأسرة. إلى ذلك، يقول علي المهيري (34 سنة)، الذي يعمل في مجال التجارة، إنه لا يتردد أبداً في المبادرة بالاعتذار عن أي تصرف خاطئ قام به، سواء كان داخل الأسرة أو خارجها. ويرى أن ذلك يساعده في تجنب كثير من المعوقات الحياتية التي تظهر بين الحين والآخر، وسبباً من أسباب الاستقرار الأسري، فضلاً عن تأثيره الإيجابي في محيط العمل والاحتفاظ بعلاقات جيدة مع الجميع. ويؤكد أن الحياة أبسط كثيراً مما يتصور الكثيرون، ولا تستحق الشد والجذب الذي يقومون به، خصوصاً داخل الأسرة، موضحاً أن الاعتذار يأخذ أشكالاً عديدة، قد يكون ابتسامة، أو هدية بسيطة للزوجة، أو كلمة رقيقة تذيب الجفوة الناجمة عن سوء الفهم أو السلوك الخاطئ غير المقصود. أوامر الدين تقول علياء جاسم (29 سنة) إنها تتسامح وتبادر بالاعتذار في بعض المواقف، وتصر على رأيها في البعض الآخر، خاصة عندما يكون الأمر متعلقاً بالكرامة، بخلاف ذلك لا تمانع من الاعتذار لزوجها ومحاولة استرضائه، باعتبار ذلك تنفيذاً لأوامر الدين الحنيف، وتوجيهات الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) حين قال “خير نساء الأرض الودود الولود التي إذا أغضبها زوجها، ذهبت إليه وقالت لا يغمض لي جفن حتى ترضى”. وتضيف “لا أجد حرجاً في الذهاب إليه والاعتذار له، حتى لو كان هو المخطأ لأني أعرف تماماً مقدار حبه لي وللأسرة وربما يكون هذا الخطأ غير مقصود وناجماً عن ضغوط الحياة والعمل”. يبدي عبدالمطلب حميدة (41 سنة)، يعمل في مجال المقاولات، ندمه على أنه تمسك برأيه يوماً ما، حين أخطأ بضرب زوجته ولم يعتذر عن ذلك، فتركت له البيت وتم خصام بينهما لمدة ثلاثة أشهر، على الرغم من أن الموقف كان يمكن أن يمر بسلام لو ذهب إلى بيت أهلها واعتذر عما بدر منه، وسارع بالاعتراف بخطئه قبل تصاعد المشكلة والبقاء فترة طويلة في حالة من عدم الاستقرار الأسري. ويؤكد حميدة أنه أصبح على يقين تام بأن الخلافات الزوجية يجب أن تبعد عن العند والمكابرة تماماً، وأنه يمكن بكلمة بسيطة أن تُحل كل المشكلات بدلاً من تركها لتدخل أطراف أخرى ما يؤدي إلى تصاعد المشكلة، كما أن “كثرة الخصام يولد الجفاء” بحسب المثل الشائع. من جهتها، تقول الاختصاصية النفسية كريمة العيداني، الحاصلة على دكتوراه في الصحة النفسية والإرشاد، إنه من المؤكد أن الشخصية التي تبادر بالاعتذار إيجابية وقادرة على احتواء أي موقف تتعرض له، وبالتالي إذا شعر أنه تصرف بشكل خاطئ في موقف ما، يبادر بالاعتذار، وهذا يدل على قدر كبير من الثقة بالنفس وعدم الشعور بالنقص، ويمكن وصفه أيضاً بأنه شخص مثقف، ولديه دراية كبيرة بفنون الإتيكيت وحسن التعامل مع الآخرين، وهو بهذا السلوك يجعل لحياته نمطاً مميزاً بالسعادة والهدوء النفسي، نتيجة مسارعته بتفريغ أي خلافات تحدث مع من حوله، بهذا الأسلوب الراقي من المبادرة بالاعتذار. ولفتت العيداني إلى أنه ليس بالضرورة أن يكون الشخص حاصلاً على درجات علمية عليا، كي يكون مثقفاً ومتفهماً لقواعد الإتيكيت في التعامل، فهناك فارق كبير بين التعليم والثقافة، ولا شك أن ثقافة الفرد واتساع خبراته صاحبة التأثير الكبير على الفرد في اختياره لمنهج حياته وطرق تعامله مع الآخرين. أما عن الشخص الذي يصر على موقفه ولا يعرف شيئاً عن ثقافة الاعتذار، فإن سلوكه يدل على شخصية غير سليمة ولديها مركبات نقص، قد يكون منشؤها منذ الطفولة، فهو قد يكون ممتلكاً لكل شيء ونشأ في بيئة مترفة، غير أن هناك خللاً ما في التربية أودى به على الشعور بهذا النقص، ومن ثم يجعل علاقته بالمحيطين به سيئة، وخاصة مع من يعيش معهم تحت سقف واحد، لأنهم الأقرب إليه دوماً والأكثر احتكاكاً به عبر معاملاتهم المستمرة معه. العناد والمشاكل عن كيفية التصرف والتعامل مع هذا النمط من الشخصيات الذي يلجأ دوماً إلى التشبث بموقفه وعدم الاعتراف بالخطأ وبالتالي المبادرة بالاعتذار، تقول الدكتورة العيداني إنه “استناداً إلى ثقافة الكمبيوتر التي صارت سائدة في أيامنا هذه، يوجد ثلاثة أساليب يمكن اللجوء إليها بهذا الصدد وهي ديليت “delet” أي الإلغاء، وريبليز “Replace” أي الاستبدل، إجنور “ignore” أي التجاهل”. وتضيف “لأننا نعيش حياة واحدة، على كل منا أن يختار الأسلوب الذي يرتضيه لنفسه، أما أن يعيش بالقهر ويخضع دائماً إلى الأسلوب السلبي للطرف الآخر، أو يقطع الأمر من جذوره ويبتعد عنه حتى يعيش في هدوء، أو أنه يضطر إلى تجاهل ما يحدث ويتعامل مع الوضع الراهن، اعتماداً على مبدأ المرونة الذي يجب أن تتسم به الحياة الأسرية، ما يجعل من طرفي العلاقة الزوجية في حالة تآلف وحب حين يُرسّخا ثقافة الاعتذار شيئاً فشيئاً وبمرور الزمن داخل جدران المنزل”. وتسترشد العيداني بمثل يقول “كل مر واشرب مر، ولا تعاشر المر”. وتوضح “أي أن معاشرة الشخص المحب للمشاكل والعند، لا يأتي إلا بكل مكروه، لأن الحزن والكآبة يضعفان المناعة وبالتالي تتيسر السبل أمام الأمراض لمهاجمة الجسم، ما يؤدي إلى اعتلاله وتحول حية الفرد إلى معاناة مستمرة”. وفي سياق تحليلها للشخص المبادر للاعتذار، تؤكد العيداني أنه يتمتع بشخصية قوية إلى أبعد الحدود ويتم وصفها في علم النفس بالشخصية التوكيدية، على الرغم من أن البعض قد ينظر إليه بأنه ضعيف، مسكين وهذا يكون مخالفاً للواقع تماماً. وعلى النقيض من ذلك فإن من لا يعترف بخطئه ويصر على عدم الاعتذار، فهو غالباً شخص يعاني من البارانوايا، ويشعر دوماً أنه مضطهد، ويتلذذ بإيذاء الآخرين وعمل الأشياء التي تسبب لهم الضيق، وشخصية البارانويا هذه التي تشعر بالعظمة، لا نكتشفها إلا حين الاقتراب منها ومن خلال المواقف المباشرة في التعامل معها، بينما ينظر إليها المجتمع على أنها سوية، غير أن آفاتها لا يحسها إلى المحيطون بها. وتقول العيداني إن علاج هذه الشخصية صعب لأنها عدوانية وتكون في موضع التحفز دائماً من الآخرين، وأفضل سبل التعامل معها هو تجنبها بقدر الإمكان. ذكاء ومرونة التعامل مع الزوج أو الزوجة يتطلب ذكاء ومرونة وأخلاقاً كريمة عند الخلاف، وهناك أسس عامة يفضل اتباعها منها وفق العيداني: ? فكر قبل أن ترد على هجوم أو استياء زوجك، فقد يكون متعباً أو مريضاً، خاصة ما يمثل ضغطاً على أعصابه، فقد يمكن تفادي مشادة أو خصاماً قبل أن يبدأ، ثم فكر في إجابة أو رد لطيف يهدئ الجو، وينسي الآخر ما كان ينوي إضافته من عبارات قاسية، فالمبادرة لتلطيف الخلاف أمر محبوب ويشعر الطرف الآخر بمقدار الحب الذي تكنه له، فأنت تسعى دائماً لاحتواء أي خلاف. ? لا تكرر ردودك أو إجاباتك كلما تناقشتما حتى لا تثير غضب شريكك وحتى لا يزداد الأمر سوءاً، وليحاول أحدكما أن يحتفظ بهدوئه طالما أنه يلاحظ أن الآخر بدأ يفقد هدوء أعصابه. - تجنب الردود القاطعة أو التي تدل على أنه لا أمل، مثل: “لقد ولدت هكذا”، “لقد اعتدت هذا”، “لا فائدة” “لن تتغير أبداً”، “أنت دائماً تسيء فهمي”. فكل هذه العبارات وغيرها تفقد الأمل لديكما في الوصول لحل يمكن أن ينهي أو يحد من إثارة المشكلات، بل وتوصل في الغالب إلى طريق مسدود وتشعر الطرف الآخر بالإحباط. ? تجنب الشكوى لطرف ثالث ليتدخل بينكما، فكثرة ترديد عيوب أو نقاط ضعف الطرف الآخر تجسمها وتضخمها، وتوحي باستحالة الوصول للصلح، وفي الغالب حين يتدخل طرف ثالث بينكما يزيد المشكلة تعقيداً، كما أن الرسول قد نهى عن إفشاء الأسرار الزوجية، كما أن الطرف الآخر يستاء كثيراً حين تحال المشكلة المشتركة بينكما على طرف ثالث، وربما يؤدي ذلك لفقد الثقة بينكما. ? اشرح لزوجك ما يضايقك من أسلوبه، أو كلامه بطريقة مباشرة، بدلاً من تركه في حيرة، فهذا يختصر الكثير من الوقت، ويسهل تعامل الطرف الآخر معك مباشرة، ويشعره بالارتياح، لأنك كنت صريحةً معه من البداية. - اتفقا على أن يأخذ كل واحد منكما دوره في المبادرة بالصلح في أي مرة تختلفان فيها، بصرف النظر عن من الذي بدأ فإذا كانت قاعدة (خيركما من يبدأ بالسلام) التي أرسى قواعدها الرسول الكريم، قائمة بين الأشخاص في العموم، فمن الأولى والأحق أن تستخدم في العلاقة الزوجية. ? تجنبا إطالة فترة الخلاف حتى لا يزيد التباعد بينكما من تضخيم المشكلة مهما كانت صغيرة، واحرصا دائماً على حل مشكلاتكما والقضاء على ما يعكر صفوكما أولاً بأول، ولا تدعا اليوم يمر دون حل الخلاف، حرصاً على مشاعركما، وعلاقتكما، فالصلح والغفران هما ضمان نجاح حياتكما، فأنتما شريكان في الحياة بكل أحزانها وأفراحها. ? قبول النفس وقبول شريك الحياة يقي من الوقوع في دائرة الخلاف أو الخصام، فأنت من البداية تعرف عيوب الطرف الآخر وتعرف كيف تتعامل معها. سنة أولى زواج بالحديث عن السنوات الأولى من الحياة الزوجية، باعتبارها الأكثر عرضة للمشاكل والخلافات بين الزوجين، توضح الاختصاصية النفسية كريمة العيداني أن هذه الفترة غالباً ما تأخذ سمات التعارف بين الزوجين واكتشاف كل منهما للآخر، من حيث الأفكار والأخلاقيات والمبادئ والقيم، وهذه الفترة تعتبر مرحلة حرجة في الحياة الزوجية، ويفضل أن يكون هناك دائماً من الأسرتين أن يحاول الصلح بينهما، وتوضيح موقف كل منهما للآخر والسعي إلى التقريب بينهما حتى تصل سفينتهم إلى بر الأمان، وتعبر من المشكلات العديدة التي تظهر في السنوات الأولى للزواج. وتوجه العيداني النصح للمتزوجات حديثاً بضرورة التحلي بثقافة الاعتذار وطاعة أزواجهن كون ذلك يعد من مفاتيح السعادة الزوجية، لأن التجربة والواقع العملي أثبتا ذلك عبر التاريخ، فقديماً قالت إحدى الصحابيات لابنتها المقبلة على الزواج :”كوني له أمة يكن لكِ عبداً”، أما في العصر الحديث فهناك إقبال متزايد من الرجال في الغرب على الزواج من نساء جنوب شرق آسيا لما يتسمن به من طاعة ومرونة عالية في معاملة أزواجهن، ما يجعلهن بعد سنوات قلائل ملكات متوجات على قلوب أزواجهن، فيسارع الأزواج ببذل كل ما لديهم من أجل تحقيق سعادتهن، كنوع من العرفان بالجميل والرغبة في الحفاظ على الحياة السعيدة والاستقرار الأسري الذي ينعمان به.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©