السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيطاليا وأزمة ما بعد الاستفتاء

10 ديسمبر 2016 23:16
صوّت الإيطاليون بأعداد قياسية في استفتاء الأحد الماضي ضد سلسلة من التعديلات المقترحة في الدستور. مؤيدو التعديلات، مثل رئيس الوزراء ماتيو رينزي، كانوا يؤكدون أن من شأن هذه الأخيرة أن تصلح العملية التشريعية البطيئة من خلال إزالة ثلثي مجلس الشيوخ وسلب المناطق صلاحيات في موضوعات مهمة مثل النقل والطاقة والبنى التحتية. وفي المقابل، كان المنتقدون، ومن بينهم مجموعات شعبوية، يقولون إن المقترحات كانت ستركّز صلاحيات أكبر مما ينبغي في أيدي الحكومة. وهذا التصويت كان يُنظر إليه على نطاق واسع باعتباره استفتاء على حكومة رينزي التي يناهز عمرها ثلاث سنوات، وإنْ كان بعض الناخبين مستائين حقاً من التغييرات المقترحة. وكان رينزي قد أغضب بالفعل الكثير من الإيطاليين بسبب ما كانوا يعتبرونه فشلاً من جانبه في تحفيز النمو الاقتصادي ومعالجة البطالة، هذا في حين كان يعتبره آخرون متعجرفاً. والتعديلات الأكثر إثارة للجدل تتعلق بتغييرات كانت ستطال مجلس الشيوخ الذي كان سيصبح جهازاً استشارياً في الغالب يتألف من مسؤولين إقليميين ومحليين، غير أن كثيراً من الخبراء الدستوريين كانوا يريدون الحفاظ على السلطة الحالية لمجلس الشيوخ باعتباره كابحاً ومراقباً للحكومة. وعقب ظهور نتيجة الاستفتاء، أعلن رئيس الوزراء يوم الأحد استقالته، وهي استقالة تُعتبر ضرورية؛ لأنه كان قد رهن مستقبله السياسي بنتيجة الاستفتاء، حيث أعلن في أكثر من مناسبة أنه قد جاء إلى السياسة أصلاً من أجل إحداث التغيير، وليس من أجل «الإبقاء على الكرسي دافئاً». وعندما رُفضت التغييرات التي كان يريدها، وفى بالوعد الذي كان قد قطعه على نفسه وقدّم استقالته. لكن إذا كان رينزي سيغادر الساحة السياسية، فإن سيرجيو فابريني، مدير كلية لويس للإدارة الحكومية في روما، يتوقع ألا يغيب طويلًا حيث قال: «إن خسارة رينزي لا تعني هزيمة على المدى الطويل»، لافتاً إلى أن أولئك الذين دعموا التعديلات الدستورية -حوالي 40 في المئة من الناخبين- شكّلوا ما وصفه بـ«حزب دولة» يدعم رينزي، الذي يواجه مع ذلك معركة من أجل الحفاظ على سيطرته على «الحزب الديمقراطي». وقال فابريني: «إنها حركة ذات زعيم واضح، وبرنامج واضح، ورؤية واضحة لأوروبا». وفي المقابل، فإن مناوئي التعديلات هم عبارة عن تشكيلة متنوعة ومتعددة الألوان من الأحزاب والحركات التي كانت تشترك في رؤية مناوئة للعولمة ومتشككة في الاتحاد الأوروبي، ولا شيء غير ذلك. وأضاف فابريني قائلًا: «على ما يبدو، فإن رينزي خسر المعركة، ولكن الحرب ما زالت طويلة ولم تنته بعد». ورينزي كان من المتوقع أن يقدّم استقالته يوم الاثنين. ويتعين على الرئيس سيرجيو ماتريلا الآن أن يتشاور مع الزعماء السياسيين الإيطاليين من أجل تقييم ما إن كان ثمة تأييد كافٍ لحكومة تصريف أعمال وتحت أي شروط. ولكن على المدى القصير، يجب أن يتم تمرير الميزانية، كما يجب أن يتم تعديل قانون الانتخابات أو تغييره بالكامل. وفي هذا الصدد، يمكن لماتريلا أن يقوم بتعيين حكومة تصريف أعمال تبقى في السلطة حتى الانتخابات في الربيع، أو يمكنه أن يحاول التفاوض حول حل طويل الأمد يتم بمقتضاه إجراء الانتخابات في 2018، تاريخ انتهاء ولاية المجلس التشريعي الحالي. ويقول أنتونيو بوليتو، نائب مدير صحيفة «كوريير ديلا سيرا» الإيطالية، ومقرها ميلانو، إن ثلاثة أشخاص مؤهلون لقيادة حكومة تصريف أعمال: بيير كارلو بادوان، وزير المالية الإيطالي (الذي يحظى بالاحترام على نطاق واسع في أوروبا)، وبيترو جراسو، رئيس مجلس الشيوخ (وهو اختيار دستوري)، وداريو فرانسيتشيني، وزير الثقافة (وهو قيادي من الوزن الثقيل في «الحزب الديمقراطي»). بيد أن التصويت بـ«لا» على التعديلات الدستورية المقترحة فتح فترة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي في إيطاليا وفي أوروبا. ذلك أن فرنسا وألمانيا، العضوين الكبيرين الآخرين في الاتحاد الأوروبي، من المرتقب أن تجريا انتخابات مهمة في 2017، ولاشك في أن إضافة انتخابات أخرى في إيطاليا من شأنه أن يفاقم أكثر حالة عدم اليقين عبر أوروبا. وفضلاً عن ذلك، فإن نتيجة الاستفتاء في إيطاليا يمكن أن تدعم القوى المناوئة للمؤسسة السياسية عبر الاتحاد الأوروبي، الذي يكافح أصلاً للتعاطي مع عواقب التصويت حول خروج بريطانيا من الاتحاد «البريكسيت». أما من الناحية المالية، فعلى رغم أن الأسواق كانت هادئة نسبياً يوم الاثنين، إلا أن ثمة قلقاً بشأن التداعيات السياسية للاستفتاء على المدى الطويل. ويذكر هنا أن «حركة خمسة نجوم» كانت قد تعهدت بإجراء استفتاء حول ما إن كان ينبغي لإيطاليا البقاء في منطقة اليورو في حال وصولها إلى السلطة، وهو ما قد يضعف استقرار العملة الموحدة واستقرار الاتحاد الأوروبي برمته. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©