الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اعرف عدوّك

25 أكتوبر 2017 23:08
اعتمدت معظم وسائل الإعلام العربية، خلال العقود المنصرمة، سياسة تحريم الخوض في أي معلومات، مها كان نوعها، عن العدو الصهيوني، وكانت تفرض التعتيم الإعلامي المتعلق به، حتى بتنا لا نسمع ولا نرى إلا ما يريدنا الإعلام المسير أن نراه من سيئات أعدائنا وإظهارهم بمظهر الوحوش الخبيثة التي لا تملك القوة والقدرة على دحر وتدمير أمجادنا العظيمة التي كنا نسمع الكثير من التطبيل والتزمير حولها. وقد ساهمت هذه الأفكار السلبية، مع الأسف الشديد، في قيام وديمومة الكيان الصهيوني لأكثر من سبعة قرون على أرض فلسطين الطاهرة التي باركها الله سبحانه وتعالى وجعلها موضعاً لنزول كتبه السماوية على الرسل والأنبياء. لمواجهة العدو بشكل صحيح علينا معرفة إيجابياته قبل سلبياته، فقراءة العدو هي الخطوة الأولى في فهم استراتيجياته وماذا يخطط لنا، وبالتالي يساعدنا في رسم خطواتنا لمواجهته، وهذا يتطلب بالضرورة اطلاع المواطن العربي على الدراسات والكتب والاستراتيجيات التي يضعها الكيان الصهيوني حول العالم العربي. لأن الوعي بخطط أعدائنا ودراساتهم وتحليلاتهم للأحداث في بلداننا أصبح جزءاً لا يتجزأ من الوعي بالحدث ومعالجته، لا سيما بعد أن أصبحت معظم دولنا العربية تعيش اليوم زمن العولمة، وباتت جزءاً لا يتجزأ منه. وبرغم التعتيم الإعلامي المتقن الذي يتبعه الكيان الصهيوني في التغطية على جرائمه، فقد أصبح واضحاً اليوم أنه المستفيد الأول مما تمت تسميته «الربيع العربي». وإذا كان مبدأ الكشف عن الجرائم يقول «ابحث عن المستفيد» فمن البديهي أن لهذا الكيان اليد الطولى في التخطيط لكلّ الجرائم التي ترتكب في عالمنا العربي، وليس في فلسطين فقط. وقبيل الغزو الأميركي للعراق في عام 2003 صدرت عشرات الدراسات عن هذا الكيان حول الأخطار التي تنتظر العالم بسبب أسلحة الدمار الشامل العراقية، وحول ضرورة وضع حدّ لجنون صدام حسين. وقد تطرقت العديد من الدراسات آنذاك عن خطة إسرائيلية إعلامية متكاملة لتقديم مشروعية، لا بل وضرورة، الحرب على العراق، إلى الرأي العام العالمي. كانت إسرائيل تطلب من العالم اعتبار كلمة «صدام حسين» مرادفاً لكلمة «إرهاب»، كما فعلت قبل اغتيال عرفات عندما روجت، في نصيحة للإعلام الإسرائيلي، أن يتم إلحاق كلمة الإرهاب بالفلسطينيين. واستنتاجاً من قراءة الفكر التدميري المتطرف للصهيونية، يتضح لنا اليوم أن الذي أعطى «داعش» صفة «الإسلاميين التكفيريين» هي الصهيونية نفسها، مستهدفة بذلك تدمير بلداننا وتشويه صورة الإسلام في العالم. ولقد أثبتت الأحداث في سوريا والعراق واليمن وليبيا ومصر، وكلّ التحقيقات التي جرت مع الإرهابيين من مختلف المشارب والجنسيات، أنهم لا يعرفون عن الإسلام شيئاً ولا يقرؤون القرآن ولا يعرفون كيف يقيمون الصلاة، ولا علاقة لهم بالدين الإسلامي السمح لا من قريب ولا من بعيد، ولكن هذه التسمية «الإسلامية» قد أُلصقت بهم، وهم مجرد عصابات قتل مجرمة، لتشويه صورة الإسلام في العالم، وقرن اسم الإسلام بالإرهاب في أذهان العامة من الناس. ويؤكد ذلك دراسة صدرت مؤخراً بقلم ليزي ديدردن لصالح الأمم المتحدة تقول: ترى الأمم المتحدة من خلال هذه الدراسة أن المقاتلين في سوريا يفتقرون إلى الفهم المبدئي للإسلام، وأن العوامل الاقتصادية والتهميش الاجتماعي والوعود البرّاقة بحياة مرفّهة ومال، وحتى زوجات، كان وراء تجنيد المرتزقة من أنحاء مختلفة من العالم. وهذا ما دعا مراكز الأبحاث الصهيونية إلى الدعوة بضرورة استمرار التدخل العميق للولايات المتحدة واستمرار الاستنزاف لسوريا والعراق والمنطقة العربية برمتها، مع التركيز على تقسيم الدول العربية القوية إلى كيانات ضعيفة وعاجزة. ويستمر العدو الصهيوني في التركيز المستمرّ على الدعوة إلى تحويل مجموعات «داعش» إلى ما يشبه منظمة حرب عصابات تنشط في قلب صحراء سوريا والعراق التي انطلقت منها وعلى غرار مجموعاته في شبه جزيرة سيناء. وهذا يُشير بكلّ وضوح إلى أن الكيان الصهيوني هو الراعي لهذه المجموعات في هذه البلدان والحريص على بقائها واستمرارها لتبقى تقضّ مضاجع هذه الدول. نصَّار وديع نصَّار
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©