الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حراك جديد.. في اقتصادات آسيا والباسيفيك

25 أكتوبر 2017 22:52
مع وضوح الأمور بعد أن أثار صندوق النقد والبنك الدوليان الآمال خلال اجتماعاتهما السنوية، في العاصمة واشنطن، بأن انتعاش النمو الذي طال انتظاره قد بدأ الآن يتجسد، تلقى الاقتصاد العالمي أيضاً أخباراً تحظى بترحيب كبير من الجانب الآخر من العالم مؤداها حدوث تحول هناك أيضاً. وخلال اجتماع في مدينة «هوي آن» الساحلية في وسط فيتنام، أكد وزراء مالية الدول الـ21 الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي «آبيك»، أن التوقعات تدعو للتفاؤل بالفعل. وخلافاً للاجتماعات السابقة التي كانت أقل تفاؤلًا، قدم وزراء المالية، الذين تمثل يلدانهم 40% من سكان العالم واقتصاداتهم 60% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، صورة من تراجع المخاطر السلبية، وارتفاع معدل النمو، وتوقعات مشجعة في المدى القريب. وتشير الثقة الاقتصادية، التي تعززها تقييمات مواتية للبيانات من داخل المنطقة، إلى أن الانتعاش الذي دام عقداً من الزمن من الأزمة المالية العالمية قد وصل إلى نقطة تحول مشروعة، على رغم مخاطر السوق. والأمر الأقل وضوحاً هو إلى متى ستستمر هذه الظروف، وإلى أي درجة يمكن استمرار الانتعاش من دون حدوث بعض التغييرات الهيكلية الرئيسة التي تمس لب ما يجعل «آبيك» هي المحرك للاقتصاد العالمي، وهو الأمر الذي سيسعى قادتها إلى معالجته خلال قمتهم المقرر عقدها الشهر القادم في مدينة «دا نانج» الفيتنامية، التي تبعد 30 ميلاً عن «هوي آن». فما الذي يقود هذا التحول؟ هناك عامل رئيس يتمثل في انتعاش النمو التجاري في المنطقة بعد عدة سنوات من التراجع غير المعهود، مدعوماً بالاستهلاك بين الشرائح الآخذة في الاتساع من الطبقة المتوسطة في الأسواق الناشئة مثل الصين والمكسيك وفيتنام. وقد أدى التكامل الأكثر عمقاً بين اقتصادات دول «آبيك» إلى خلق روابط تسمح للصناعات الأساسية في مجالات مثل الزراعة والسيارات والطاقة وسلاسل الإنتاج والإمداد التي تدعمها، ومئات الملايين من فرص العمل التي توفرها في منطقة آسيا والباسيفيك، بأن تستفيد من الفرص التجارية الجديدة. وبالمثل، فإن العمال والشركات في كوريا الجنوبية واليابان ونيوزيلندا والولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات المتقدمة في منظمة «آبيك» هما الأكثر استفادة من هذه الديناميات والتحسينات في الصادرات والنمو الاقتصادي وفرص العمل التي ساعدت على تحقيقها. وهذا التقدم هو نتاج جهود متواصلة لجعل التجارة أسهل وأرخص وأسرع وأكثر قوة في المنطقة -بدءاً من تحديث الاتفاقات التجارية والإبقاء على التدابير التقييدية تحت المراقبة، إلى التعاون التقني لتخفيف حواجز الحدود في عصر التحول الرقمي السريع. ومن الأمثلة القليلة على ذلك أيضاً تنسيق معايير خصوصية البيانات لتسهيل التجارة الإلكترونية، وتيسير الإجراءات الجمركية للسلع العابرة للحدود، وفتح التجارة في قطاعات الخدمات مثل التعليم والرعاية الصحية والسياحة لتلبية الطلب المتزايد في هذه المجالات. ولكي تتمكن الاقتصادات في دول «آبيك»، وبالتالي في سائر أنحاء العالم، من تحقيق أقصى استفادة والمحافظة على العودة إلى النمو، من الضروري أن يستمر هذا العمل غير المكتمل، ويذهب إلى أبعد من ذلك لتمكين أولئك الذين لا يشعرون بالاستفادة من الانتعاش، ويثيرون قلقاً حقيقياً بشأن المساواة والعدل في الاقتصاد العالمي. إن الخطوات التي يتخذها وزراء المالية لتمكين الاستثمار في البنية التحتية من قبل القطاع الخاص وذلك لدعم الشرائح المحرومة من الخدمات في المنطقة، وتوسيع نطاق الوصول إلى التمويل من خلال تحسين تبادل المعلومات ونظم الدفع الرقمية، ما هي إلا خطوات مطلوبة في هذا الاتجاه. وكذلك، الحال مع الإصلاحات الرامية للقضاء على الثغرات الضريبية في الشركات التي تنقل التكاليف بشكل غير عادل إلى الشركات الصغيرة والجمهور، وتحسين تمويل مخاطر الكوارث والتأمين للتخفيف من الأخطار الطبيعية التي تهدد بشكل غير متناسب صغار المنتجين والموردين. وفي مدينة «دا نانج»، ستكون أمام القادة، الشهر المقبل، فرصة لاتخاذ خطوات أخرى مهمة في مجالات مثل التجارة الرقمية وتنمية اقتصادات الإنترنت التي تربط الشركاء التجاريين والعملاء عبر الحدود بوسائل لم تكن ممكنة في الماضي خارج قبضة الشركات الدولية الكبرى. ويعد منتجو صوف حيوان اللاما في جبال الأنديز في البيرو، ومنتجو القهوة في مرتفعات بابوا- غينيا الجديدة، ومطورو التطبيقات في «هو شي منه» وكانبيرا وكليفلاند وكوالالمبور كلهم من بين مجموعة واسعة من تجار الجيل القادم الذي يستعد للاستفادة من هذه الشبكات الموسعة. وفي الوقت نفسه، سيواجه القادة أيضاً الحاجة الملحة لبذل المزيد من الجهد لمساعدة القوى العاملة على التنافس في السوق والتشغيل التلقائي «الأتمتة» وإحداث تغييرات في الطلب وتعزيز الإنتاجية. * المدير التنفيذي للأمانة العامة لمنظمة «آبيك» ينشر بترتيب خاص خدمة «تريبيون نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©