الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دَفعة للاتحاد الأوروبي.. هزيمة اليمين النمساوي المتطرف

10 ديسمبر 2016 00:18
حبست أوروبا أنفاسها يوم الأحد واستعدت لما كان يمكن أن يكون انتخاب أول رئيس يميني متطرف في القارة منذ الحرب العالمية الثانية، لكن الفوز في النهاية كان من نصيب مرشح يسار الوسط ألكسندر فان دير بيلن، حيث أظهرت توقعات التصويت تقدمه على منافسه اليميني المتطرف نوربرت هوفر بـ53.6? مقابل 46.4?. وكان المرشح المستقل «بيلن»، المدعوم من حزب الخضر، قد فاز في الجولة السابقة من الانتخابات التي أُعلنت باطلةً لاحقاً بسبب اختلالات شابتها، ما استوجب اللجوء لجولة انتخابات ثانية. ومع ذلك، ساد خلال الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية نوعٌ من الاستسلام بين أنصار بيلن، الذين كانوا يخشون فوز هوفر. فمنذ الجولة الأولى في مايو الماضي، اكتسح الشعبويون الانتخابات عبر أوروبا وأماكن أخرى، إذ صوتت بريطانيا لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي، وانتُخب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في نوفمبر. وبالنسبة لبعض النمساويين، فإن «تأثير ترامب» كان يبدو حتمياً؛ إذ كان هوفر، السياسي اليميني المتطرف، يتمتع بجاذبية بين التيار الغالب وتعهدَ بموقف أكثر تشدداً حيال اللاجئين. غير أنه يوم الأحد تبددت كل المخاوف من إمكانية أن تجعل التأثيرات السياسية لـ2016 هوفر رئيساً، حيث فاز بيلن أخيراً. تلك النتيجة ربما تمثل أكبر دفعة يتلقاها الاتحاد الأوروبي منذ مدة؛ وهذا لأن النمساويين يعتبرون أكبر متشكك في الاتحاد الأوروبي مقارنةً بالعديد من جيرانهم، وفق استطلاع للرأي أجرته «داليا ريسورتش»، إذ يميل النمساويون لمعارضة توسيع الاتحاد الأوروبي بنسبة كبيرة (25? مقارنةً بـ15? عبر الاتحاد). كما أن ثمة معارضة قوية بينهم لاتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة، والتي كانت تُعتبر حتى عهد قريب أحد أكثر مشاريع الاتحاد الأوروبي طموحاً. وعموماً يحمل 38? من النمساويين تصوراً سلبياً جداً أو سلبياً بعض الشيء حول الاتحاد الأوروبي، بينما النسبة عبر أوروبا 33?. ومن أبرز وعود هوفر الانتخابية معارضته لمزيد من هجرة المسلمين والتجارة الحرة، وكلاهما موضوع يحمّل الكثيرون في النمسا مسؤوليتهما للاتحاد الأوروبي خصوصاً ألمانيا. ورغم أن صلاحيات الرئيس في النمسا رمزية، فإن هوفر كان قد طالب سابقاً باستفتاء حول عضوية الاتحاد الأوروبي، شبيه بالتصويت الذي أُجري في بريطانيا حول البقاء في الاتحاد. غير أنه بُعيد تصويت هذه الأخيرة لصالح الانسحاب، عمد هوفر إلى تخفيف حدة خطابه وسط مخاوف من أن تؤدي حالة عدم اليقين الاقتصادي التي أفرزتها نتيجة الاستفتاء في بريطانيا إلى تغير في الرأي العام في النمسا يكلّفه أصواتاً مهمة في الانتخابات، حيث قال قبل يوم الاقتراع إنه لا يؤيد استفتاءً إلا في حال أصبح الاتحاد أكثر مركزية. ورغم أن الاتحاد الأوروبي يُعتبر الخصم الرئيسي للشعبويين عبر القارة، فإن تصويت الأحد يشير إلى أن مجرد معارضة كل ما يرمز إليه الاتحاد (بأعضائه الـ28) لا يضمن مكاسب سياسية بالضرورة. ولأن الاتحاد الأوروبي منخرط في تشكيلة متنوعة من السياسات، فإن النمساويين غير متفقين بالضرورة حول ما لا يعجبهم في الاتحاد، وحول ما ينبغي القيام به لتغييره. هذا، ويمكن أن تمثل نتيجة الأحد مؤشراً آخر على أن الرغبة في مزيد من الاستفتاءات حول الاتحاد الأوروبي باتت في تراجع عبر القارة، وذلك بعد التداعيات السلبية للاستفتاء البريطاني. بل إن معدلات التأييد الشعبي للاتحاد الأوروبي آخذة في الارتفاع في خمسة من أصل بلدان الاتحاد الستة الأكبر سكانياً. البلد الوحيد الذي تراجع فيه التأييد هو إسبانيا. وفي المقابل، فإن أغلبية السكان كانت ستصوّت الآن لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، مثلما تشير بيانات «مؤسسة بيرتلسمان». أما النمسا، فلم يشملها هذا الاستطلاع. نتيجة الانتخابات النمساوية يمكن أيضاً أن تقوّي الآمال في برلين، التي أعلنت فيها المستشارة أنجيلا ميركل ترشحها للانتخابات العام المقبل. فألمانيا، وعلى غرار النمسا، احتضنت عدداً كبيراً من اللاجئين قياساً بجيرانها العام الماضي. ومع أن أزمة اللاجئين ساعدت هوفر على نيل دعم من كل ألوان الطيف السياسي، فإن النمساويين اختاروا التصويت أخيراً لرئيس طالبهم مراراً وتكراراً بإبداء مزيد من التعاطف والتضامن تجاه اللاجئين. *ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©