الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مصريون يرغبون في التحرر من قيد الأمية بالدروس الصيفية

مصريون يرغبون في التحرر من قيد الأمية بالدروس الصيفية
3 يوليو 2011 21:17
تشهد مراكز محو الأمية وتعليم الكبار في مصر خلال فصل الصيف لاسيما في الريف والمناطق الشعبية نشاطا ملحوظا من حيث أعداد المترددين، مع اهتمام كبير من الهيئة العامة لمحو الأمية وتعليم الكبار التابعة لوزارة التربية والتعليم، والتي توفر المدرسين والبرامج التدريبية والدورات والوسائل التعليمية اللازمة لتقليص نسبة الأمية، حيث شنت الحكومة المصرية هذه الأيام حملة لمحو الأمية وخفض النسبة الحالية من 27 في المائة من تعداد الشعب المصري إلى ما دون ذلك. بحسب تقرير حديث صادر عن الهيئة العامة لمحو الأمية فإن قرابة 15 مليون مصري يعانون الأمية، وأن نسبة الأمية بين الإناث تزيد 20 في المئة على الذكور لاسيما في المرحلة العمرية من 15 إلى 35 سنة. كما أفاد التقرير بأن العاملين في محو الأمية ينقسمون إلى فريقين الأول بعقود ثابتة ويتقاضون رواتب شهرية منتظمة، والثاني معلمون يوجدون كنوع من الخدمة الاجتماعية الواجبة عليهم، حيث يتم تكليف طلاب السنوات النهائية بالجامعات والخريجين الجدد ممن تم إعفاؤهم من الخدمة العسكرية بمهمة تعليم عشرة من الأميين، ويحصل بإتمامه لمهمته على شهادة خدمة عامة للمجتمع إلى جانب مكافأة رمزية. فك الطلاسم رغم تلك الجهود يبقى التحرر من الأمية في مصر مسألةً تهم المواطن نفسه، وترتبط بوعيه بأهمية التعليم والتخلص من أميته والذهاب نحو مقاعد الدراسة مهما كان عمره، كما فعلت زينب عبد العال ربة منزل التي لم تثنها سنوات عمرها 56 سنة عن الالتحاق بمقاعد التعليم بقريتها، واكتشاف ذلك العالم الكبير الذي يبدأ بحرف ورقم على السبورة. وقالت إن نشأتها وسط أسرة كبيرة عشرة أبناء مثل عبئا كبيرا على والديها وحال دون التحاق أي منهم بالدراسة، إلى أن تزوجت وهي بعمر السادسة عشرة، وأنجبت خمسة من الأبناء، أربع إناث وولد واحد، حرصت على إلحاقهم بالتعليم، وكافحت إلى جوار زوجها في فلاحة الأرض إلى أن تخرجوا جميعا من كليات الجامعات المختلفة، وهو ما جعلها تشعر بأن القدر قد عوضها جزءاً في التعليم الذي حرمت منه في الطفولة، ورغم كونها أصبحت جدة لسبعة أحفاد إلا أنها تمنت دائما فك الطلاسم التي تراها على الجرائد والكتب المصورة التي تراها بأيدي أحفادها وأبنائهم وقت أن يحضروا لزيارتها، إلى أن علمت بافتتاح مركز لمحو الأمية بقريتها حتى أسرعت لتقديم أوراقها وتحقيق حلم التعليم الذي راودها طيلة سنوات عمرها. إلى ذلك، أضافت “أشعر بسعادة غامرة وأن أتعلم يوميا حرفا جديدا وأتمنى أن أتعلم كل شيء في أسرع وقت كي أستطيع قراءة القرآن الكريم بمفردي”. وأوضحت أن فترة التعليم تستغرق 6 أشهر تستطيع بعدها أن تساعد أحفادها في فهم دروسهم، ولا تشعر أمامهم بالخجل من جهلها. جحا والحمار هناك الكثير مثل عبد العال يذهبون لمراكز محو الأمية بهدف إدراك ما فاتهم؛ مثل أمين أبو الفتوح (47 سنة)، الذي أمضى حياته في لوم والده لأنه لم يعلمه، وفضل أن يعمل معه في ورشة النجارة بدلا من إرساله إلى المدرسة الابتدائية ليتعلم. وقال “أصبحت اليوم نجارا ماهرا لي اسمي بين أبناء المهنة، ولكني اشعر بالحرج البالغ عندما تضطرني الظروف للبصمة على الأوراق بإصبع يدي بدلا من التوقيع بالقلم”، لافتا إلى أنه قاوم شعورا كبيرا بالخجل والحرج انتابه في أيامه الأولى بمركز محو الأمية. وأوضح “كنت أشعر بالحرج لما قد يقوله الناس عني وسخريتهم مما أفعله “بعد ما شاب ودوه الكتاب”، ولكن ابنتي رانيا شجعتني للعلم وهي حاصلة على بكالوريوس تجارة ومتزوجة من محاسب بشركة ملابس. وقالت يا أبي لا تكن مثل جحا الذي احتار مع الناس، ولم يرضهم أبدا كما في واقعة جحا وابنه والحمار فهل تظل تعاني الجهل والحرج طيلة عمرك؟ أم تحسم الأمر وتذهب بضعة شهور لمركز محو الأمية وبعدها تدخل عصر التعليم، وتتمكن من القراءة والتوقيع على العقود والأوراق التي تخص عملك”. وأضاف “كلماتها كانت حاسمة في أن أتغلب على رهبة كلام الناس، وأخصص من وقتي ساعات يوميا أتلقى خلالها ما يفيدني من دروس العلم في قادم الحياة، واكتشفت بعد مضي شهر أن العلم نور كما قال أساتذتنا”. تصحيح المسار حسين شوقي صاحب الثالثة والعشرين عاما قال إنه التحق بمركز محو الأمية كي يستطع استخراج رخصة قيادة حيث يعمل منذ طفولته صبي سائق ميكروباص، وقد أراد فور انتهائه من الخدمة العسكرية أن يرتقي خطوة في مجال عمله ويستخرج رخصة قيادة مهنية ويدخر مالا يدفعه كمقدم لسيارة ميكروباص يعمل عليها ويحقق من خلالها أحلامه. وأضاف “أبي لم يقصر معي في طفولتي فقد أرسلني إلى المدرسة الابتدائية ولكني كنت لا أذاكر دروسي وأتعرض للضرب يوميا من مدرس اللغة العربية، وكنت أهرب من المدرسة وألعب في الشارع إلى أن تركت الدراسة نهائيا وأنا في الصف الثالث الابتدائي، وبمرور الوقت نسيت ما تعلمته في غمرة عملي إلى أن كبرت ووجدت زملائي ممن كانوا معي في الفصل أصبحوا مهندسين ومحامين فشعرت بالندم وها أنا أصحح مسار حياتي من جديد”. وقالت ولاء عبدالرحمن، المعلمة في أحد مراكز محو الأمية “من خلال العمل والاحتكاك اليومي بمن يرغبون في إنهاء أميتهم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة اكتشفت أن الأمر يخضع أولا وأخيرا إلى الإرادة والرغبة الأكيدة في التعلم فإذا كان الطفل لا يدرك الهدف من إرساله إلى المدرسة ويلعب ولا يهتم بدروسه ظنا منه أن المدرسة تقيد حريته وتدفعه للاستيقاظ مبكرا؛ فإن الأمر يختلف هنا فمن أتولى تعليمهم ليسوا أطفالا فالغالبية منهم في عمر جدي وكل منهم يدرك أهمية التعليم في تغيير مسار حياته لذا أجد تجاوبا كبيرا منهم”. القاسم المشترك قالت عبدالرحمن إن تعاملها مع المترددين على المركز قائم على الاحترام المتبادل فلا تنادى أيا منهم لاسيما كبار السن إلا مسبوقا بلقبه أو كنيته يا حاج فلان أو يا أم فلان، مع الحرص على تشجيعهم المستمر، مشيرة إلى أن الشيء المشترك بين تعليم الكبار وتعليم الصغار أن الكل يفرح بالتشجيع. وأوضحت أن هناك قلة قليلة لا تستمر حتى نهاية الفترة الدراسية المحددة لنيل الشهادة بسبب تعارض مواعيد الدراسة مع عملهم، خاصة وأن غالبيتهم فقراء يعملون في حرف يدوية أو لانشغالهم بأمور الحياة الأخرى كالسفر وافتقادهم الإصرار على النجاح. من جهته، قال اللواء محمد أبو حسين، القائم بأعمال رئيس الجهاز التنفيذي لهيئة محو الأمية وتعليم الكبار، إن الفقر وقلة التوعية بأهمية العلم دفعا بعض الأسر إلى إرسال أبنائها للعمل منذ نعومة أظفارهم بدلا من إرسالهم إلى المدارس. وأشار إلى أن هناك 15 مليون مصري غالبيتهم من النساء يعانون الأمية وهي نسبة كبيرة تسعى الحكومة حاليا إلى خفضها بتذليل الصعاب التي تحول دون التحاق الأميين بمقاعد الدراسة تارة بتوفير مراكز التعليم في كل مكان وأخرى بالتعاون مع جمعيات المجتمع المدني المعنية بتقديم خدمات للناس، منوها إلى أن هيئة محو الأمية اتفقت مع الجمعية الشرعية للعاملين بالكتاب والسنة المحمدية والكنيسة الأرثوذكسية على مشاركة الحكومة في تنفيذ برامج محو الأمية وتعليم القراءة والكتابة في كل المحافظات في الفترة المقبلة. وقال إن الخطة تتضمن أيضا تعليم الدارسين مهارات العمل والوعي بالأمراض الجديدة والتعامل مع التكنولوجيا الحديثة كالكمبيوتر والإنترنت.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©