الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

العراق والدول المانحة سراب الوعود يعطل إعادة الإعمار

22 يونيو 2006 01:42
بعثت الولايات المتحدة في الآونة الأخير برسالة واضحة ومباشرة إلى كافة الدول التي تعهدت في السابق بالمساهمة في إعادة إعمار العراق مفادها أنه حان الوقت لإخراج دفتر الشيكات والوفاء بتعهداتكم· ففي الأيام الأخيرة جدد المسؤولون الأميركيون بدءاً من الرئيس الأميركي وانتهاء بموظفي الإدارة الأميركية إصرارهم على ضرورة وفاء الدول المانحة بالتزاماتها المالية تجاه بغداد التي قطعتها على نفسها في ·2003 هذا الإصرار بدا واضحاً في خطاب الرئيس بوش الذي ألقاه في حفل تخرج ضباط الأكاديمية البحرية التجارية، حيث قال ''لقد تعهد المجتمع الدولي برصد 13 مليار دولار للحكومة العراقية الجديدة، لكن ما وصل منها إلى حد الآن لا يتعدى 3,5 مليار دولار''· ويرجع تباطؤ تدفق المساعدات المالية إلى العنف المستشري في البلاد وعدم رغبة الدول المانحة في ضخ الأموال لكي لا تقع في يد الجماعات المسلحة، أو تنفق على شراء السلاح واستدامة الصراع· ولا يجدي أيضاً صرف الأموال على بناء المستشفيات في حين تتعرض يومياً للقصف والتفجير· ومن ناحيته يجادل البيت الأبيض بأن إزاحة ''أبو مصعب الزرقاوي'' عن الساحة يدل على تحسن الوضع الأمني في العراق وانحسار وتيرة العنف· وتأتي الضغوط الجديدة على المساهمين الدوليين للوفاء بتعهداتهم المالية في وقت أصبحت فيه الولايات المتحدة تعي جيداً التكلفة العالية لجهود إعادة الإعمار والأموال الهائلة التي تحتاجها للاستمرار والنجاح· وفي هذا السياق يقول الخبير الدولي في مجال الأمن الدولي ''روبرت فالتزجراف'': ''لقد تضافرت العديد من العوامل لتسفر عن هذا الضغط على الدول المانحة''· وحسب المسؤولين الأميركيين، حان الوقت كي تضطلع المؤسسات الدولية والبلدان المساهمة الأخرى إلى جانب الولايات المتحدة بدورها الفاعل في إعادة إعمار العراق وتقديم الأموال اللازمة لذلك، لاسيما وأن ما خصصته الولايات المتحدة من أموال ضمن صندوق إعادة الإعمار الخاص بالعراق بدأت تنضب وتتراجع· يذكر أن الأمم المتحدة سبق وأن وافقت على تكثيف نشاطها في العراق، حيث أعلن الأمين العام كوفي عنان في معرض رده على طلب المسؤولين العراقيين المساعدة عن استعداده لتقديم العون في مجال تنظيم الدعم الاقتصادي والسياسي الدولي الموجه إلى بلادهم· وبالنظر إلى التطورات المستجدة على الساحة العراقية من تشكيل الحكومة الجديدة ومقتل ''أبو مصعب الزرقاوي'' يلح الرئيس بوش على ضرورة إنجاح الزخم الناتج على العملية السياسية عبر مسارعة الدول المساهمة في ضخ الأموال التي تعهدت بتقديمها إلى العراق· ورغم الوعود السابقة والنوايا الحسنة التي أبدتها الدول المانحة في السابق تصر واشنطن على ضرورة ترجمة تلك الوعود على أرض الواقع ليستفيد منها العراق· وبالإضافة إلى الإلحاح الأميركي على إيصال الأموال إلى العراق قامت الإدارة الأميركية بإيفاد نائب وزير المالية ''روبرت كيميت''، ومستشار وزارة الخارجية فيليب زيليكو إلى عواصم الدول المانحة لتحريك الأمور والدفع بها في اتجاه الإفراج على الأموال وتوجيهها إلى العراق· وفي لقاء له مع الصحفيين في الأسبوع الماضي أكد مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي قائلاً ''إن ما نحتاجه الآن هو حث الدول المانحة على إيصال أموالها إلى العراق، ثم ننظر بعدها في المبالغ التي سنحتاجها لاستكمال عملية إعادة الإعمار في المستقبل''· وبينما يقر المراقبون من خارج الإدارة الأميركية بإمكانية رفع المنتظم الدولي من حجم مساعدته للعراق، يؤكدون في المقابل أن العملية ليست بالبساطة المتصورة· فمن بين 13,6 مليار دولار التي تعهدت بها الدول المانحة في مؤتمر مدريد سنة 3003 تم تخصيص 4 مليارات دولار كمنح خالصة، فيما خصص الباقي، أي 9,6 مليار دولار، كقروض تسترد في وقت لاحق· والواقع أن الأموال التي أفرج عنها لم تتعدَّ 25% من المبلغ الإجمالي الذي تعهدت به الدول المانحة أي 3,5 مليار دولار حسب ما أفاد به المفتش الأميركي العام لجهود إعادة الإعمار في العراق· وفي الآونة الأخيرة شرعت المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في ضخ بعض من الأموال التي تعهدت بها في السابق· وحسب تقرير أخير أصدره الكونجرس الأميركي توجد فعلاً بعض الدول التي سارعت إلى الوفاء بالتزاماتها المالية وعملت على إيصال المبالغ المرصودة إلى العراق دون إبطاء، لاسيما اليابان وبريطانيا· فقد أنفقت اليابان التي تعد ثاني أكبر دولة مانحة للعراق بعد الولايات المتحدة جل المبلغ المخصص للعراق والبالغ 1,5 مليار دولار من المنح غير المستردة، وهي على وشك البدء في المرحلة الأولى من الإفراج عن قرضها البالغ 3,5 مليار دولار· يشار أن التمويل الياباني وجه بالأساس لبناء محطات توليد الطاقة، وتجهيز صهاريج المياه، فضلاً عن توفير معدات الدفاع المدني وأجهزة الري· ومن جانبها تولت بريطانيا إعادة تأهيل الجهاز القضائي في العراق وإمداده بالتجهيزات والمعدات الأساسية· وفي المقابل أبدت دول أخرى، لاسيما الدول المجاورة للعراق بطئاً شديداً في الوفاء بالتزاماتها المالية· ويعزى هذا التردد في الوفاء بالتعهدات المالية إلى الحالة الأمنية المتدهورة في العراق، خاصة وأن جزءاً غير بسيط من تلك الأموال التي تتراوح بين 16 و22% ترصد لتغطية التكاليف الأمنية· والحال أن العديد من الدول المساهمة لا تريد أن توجه مساعداتها المالية إلى المجهود الحربي وتوسيع بؤرة الصراع· والأكثر من ذلك أن السياسة العراقية الداخلية ساهمت هي أيضاً في خلق نوع من الحذر لدى دول الجوار ذات الأغلبية السُّنية التي تنتظر ما ستسفر عنه العملية السياسية اتجاه السُّنة، وما إذا كان سيتم إشراكهم في السلطة، أم إقصاؤهم منها· بيتر جراير محرر الشؤون الخارجية بصحيفة كريستيان ساينس مونيتور ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©