السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

صنّاع الفن العالمي تحت سقف واحد

صنّاع الفن العالمي تحت سقف واحد
29 سبتمبر 2010 21:02
بابلو بيكاسو، سلفادور دالي، بيير أوجست رينوار، كلود مونيه، ماكس إيرنست، هنري ماتيس، وعشرات غيرهم، ممن صنعوا تاريخ الفن المعاصر في القرنين التاسع عشر والعشرين، نلتقي بأعمال أصلية لهم في معرض استعادي من مقتنيات “أوبرا غاليري” في دبي، هذا الغاليري الذي يمتلك فروعاً في اثني عشر بلداً حول العالم، من باريس ونيويورك حتى هونغ كونغ وجنيف وسنغافورة، وصولاً إلى دبي البلد العربي الوحيد الذي يحتضن فرعاً لهذا الغاليري. ثلاثمائة فنان في هذا العرض الذي تقدمه صالة أوبرا، الفنانون من مختلف دول العالم: كوبا، وإيران، وسوريا، والبرازيل، وأروجواي، والبحرين، والهند، واليابان، والصين، وكوريا الجنوبية، وكندا، وفرنسا، واليونان، وسبق وقدمتهم في عدد من الصالات الخليجية والعربية، كثير منهم نجهل تجاربهم، ولا يعرفهم سوى الراسخين في عالم الفن، لكن أعمالهم تقدم صورة واسعة لمشهد فني عالمي ينتمي إلى تيارات ومدارس واتجاهات متعددة وشديدة التنوع والاختلاف. مشهد لا تلم به قراءة واحدة ولا أكثر، لذا نكتفي هنا بإلقاء الضوء على الأعمال الأصلية التي تقتنيها “أوبرا” لعدد من كبار الفنانين في العالم ممن ذكرنا وسواهم. الطبيعة والانطباعيون رينوار (1841- 1919) هو أول من يواجهنا، في “الغرفة السوداء” المخصصة لأعمال المشاهير، في هذه الغرفة تتجمع أعمال عدد كبير من مشاهير الفن العالمي المذكورين أعلاه، لكن رينوار يتصدر هؤلاء بلوحته الطبيعية، اللوحة التي تنتمي إلى عالمه الطبيعي في علاقة حميمة بين الطبيعة والبشر، اللوحة تحمل عنواناً معبراً تماماً عن الموضوع الأبرز حضوراً في عمل هذا الفنان “دخول القرية مع الزوجة والطفل”، حيث عالم الريف بسهوله وأشجاره وشمسه الساطعة المائلة إلى الحمرة، فهو العالم المحبب لدى رينوار، وأمثاله من الانطباعيين في العالم، فقد كان يمضي أوقاتاً طويلة في الريف الفرنسي خصوصاً، وفي أرياف أوروبا وطبيعتها عموماً. بعد لوحة رينوار هذه، ندخل إلى الطبيعة من باب الفنان الفرد سيسلي الفرنسي ((1839- 1899، الرسام الانطباعي الذي عُرف برسم المناظر الطبيعية، وذلك عبر لوحة خريفية هي من بين الأعمال التي جذبت الانتباه إلى عمله الذي يمزج فيه التنوع والتناقض، الذي ينعكس في مناظره الطبيعية التي تتراوح بين البهجة والمرح، إلى النزوع للحزن والانقباض. وكان أفضل لوحاته ما تم تلوينها بصورة مرهفة تنم عن ذوق رفيع وأحاسيس رقيقة، وبهذا تميزت عن لوحات رفقائه الانطباعيين الآخرين. وفي عمل كلود مونيه أيضاً (1840- 1926) نجد الانطباعية عبر عدد من لوحاته، فقد كان منذ بداياته، وعبر مشاهد “شروق الشمس” من أوائل الانطباعيين في العالم. بابلو بيكاسو (1881- 1973) يحضر في المعرض عبر عمل متميز، حيث تستوقفنا لوحة للفنان رائد التكعيبية الأول من مرحلة مختلفة، لوحة توحي بمرور زمن طويل من خلال لون الورق الباهت الذي رسمت عليه، وهي عبارة عن بورتريه لشخص بلا عنوان، اشتغل بيكاسو عليها بالفحم مع تركيز على الملامح البارزة في الوجه، الرأس والعينان بنظرتهما الحادة والأنف، وهي لوحة من مرحلة ما بعد التكعيبية في تجربة الفنان. أما سلفادور دالي (1904 - 1989) فيحضر عبر لوحات تعبيرية، منها منحوتة برونزية حملت عنوان “حصان بسراج الزمن”، حين كان بدأ في استخدام أسلوب جديد أطلق عليه “الغموض النووي” ومزج فيه بين عناصر علمية، وأخرى غامضة ليعبّر من خلاله عما كان يسمّيه بـ “القوّة المقدّسة”. فـ”طفل الجيوبوليتيك” لوحة مثيرة للتفكير والتأمّل. وهي تحتمل أكثر من معنى. وقد قيل في بعض الأحيان إن الرجل الخارج من البيضة يمثل روح العصر الجديد أو الإنسان الجديد. ودالي كما نعلم من أشهر رسامي ونحاتي القرن العشرين، ويعرف أكثر بأعماله السريالية المميزة بصورها الغريبة التي تأثر فيها بالنظريات الفيزيائية في عصره، حيث نجد الساعات المنصهرة المرتخية علامة على نسبية الزمن، لكنه هنا رسام ونحات مختلف. وبالنسبة إلى الفنان الأسباني خوان ميرو (1893 - 1983) فهو يحضر في هذا العرض بلوحة (بدون عنوان 1967) وهي بالحبر على الورق الياباني، وميرو كما تقول سيرته كان مصوراً ونحاتاً وخزافاً كتالونياً إسبانياً، ولد في برشلونة، طور أسلوباً واسع الخيال وشخصياً للغاية، توحي أشكاله البالغة التجريد بأناس حقيقيين، وحيوانات حقيقية، وبمخلوقات وأجسام خيالية أيضاً، ويحوي الكثير من لوحات ميرو قصصاً أو مشاهد يخفيها التجريد الظاهر للأشكال والألوان. طور ميرو أسلوبه المتميز خلال العشرينات وأوائل الثلاثينات من القرن العشرين. وتصور أعماله عالماً من الخيال، صوره في أشكال زاهية الألوان وخطوط معبرة مفعمة بالحياة. كما أبدع في أشكال فنية أخرى تشمل الخزف، والنحت، والطباعة الحجرية. نحت القوة وقوة النحت أميديو موديلياني (1884 – 1920) المولود في مقاطعة توسكاني بإيطاليا، والتي كانت لا تزال حديثة النشأة بحسب المعايير الإيطالية في ذاك الوقت، يبدو هنا اهتمامه الكبير بالنحت، حيث ينخرط عمله في طابعه التعبيري الشخصي المميز باستطالة الأشكال وإيقاعها الخطي القوي، ومنحوتة الرأس تمثل أعماله النحتية التي تشكلت غالباً من رؤوس، ومن ثم بشكل أقل، الأجساد كاملة. وتختلط في عمله الأقنعة الأفريقية في النحت الذي يبقى ظاهراً مع رسوم البورتريهات، خاصةً في معالجته لوجه الشخصيات التي تشبه الرسومات المصرية الموغلة في القدم حيث الوجه له شكل مسطح وقريب من كونه قناعاً بعينين بارزتين كاللوز، وأنف مشدود وشفاه مزمومة ورقبة ممدودة. وعلى الرغم من اقتصارها على خلفيات محايدة فإن بورتريهاته تحمل وتبلِّغُ رسالة حادة الوضوح عن شخصية الجالس في الصورة. بلا أي اتجاه أما الروسي مارك شاغال (1887 - 1985)، الذي لا يزال يشكل للكثيرين لغزاً وظاهرة خاصة، فيبدو اختلافه في كونه قادراً على خلق مجموعة غير عادية من الأعمال، إذ يقدم لوحات خارج العادي والمألوف، وبعيداً جداً عن الاتجاهات في زمنه. يأخذنا شاغال إلى ما هو أبعد من الحدود المعتادة لأراضي السحرية التي تتدفق في حلم يقظة دائمة. فهو لم ينتظر التحليل النفسي ليقدم رؤيته العصرية للإنسان، وكان بالفعل يقدم في أعماله ما يقارب دراسة اللاوعي. فقد مزج بين مدارس وتيارات عدة، بين التكعيبية ومحاولاته التعبيرية والسريالية. ففي عمله “تبدو الألوان المتقاربة في درجاتها جميلة عندما تتجاور مع بعضها بعضاً، بينما تكون أكثر جمالاً عندما تتجاور مع أضداها” كما يقول، كما يؤكد أن الفن العظيم يبدأ من حيث تنتهي الطبيعة”. أبرز الدادائيين ارتبط اسم الفنان الألماني ماكس إرنست (1891- 1976) بتطوير الحركتين الدادائية والسريالية، وعمل مع كُتَّاب وفنانين آخرين، وشارك في أنشطة السرياليين في وقت مبكر مع برتولد بريخت وأندريه بروتون. وأصبح زعيماً للحركة الدادية التي أنشئت عام 1916 بدمج صور وتوضيحات علمية وتقنية وقصاصات من الصحف في ملصقات. وهو يقدم هنا عملاً بعنوان “تكوين القمر والشمس” (1960). وأخيراً، يحضر هنري ماتيس (1869 - 1954) عبر لوحته الشهيرة “بورتريه لوسيان برنارد”، التي رسمها بالقلم الرصاص على الورق، وتعود إلى عام 1946، وتنتمي إلى آخر مراحل عمر الفنان، والتي كان يميل فيها إلى تبسيط الأشكال، وقطع فيها شوطاً كبيراً في تصوير البورتريهات، وإنشاء المدرسة الوحشية التي حفلت بربيع الألوان، وذاك الربيع اللوني هو ما تفتقده اللوحة، وهو من كبار أساتذة المدرسة الوحشية، تفوق في أعماله على أقرانه، واستعمل تدرجات واسعة من الألوان المنتظمة، في رسوماته الإهليلجية (التي تُعنى بالشكل العام للمواضيع، مهملة التفاصيل الدقيقة)، فقد كان يقول “كل ما يهمني قبل أي شيء آخر هو التعبير”، إذ أراد أن يعبر عن عالمه الخاص، والمهم دائماً هو التعبير عن الإحساس الذي تولده الألوان في الشعور الذي توقظه والعلاقات التي تنشأ بين الأشياء. تعدد في عوالم الشرق في واحد من أجنحة المعرض، نشاهد أعمالاً لفنانين من آسيا، الصين وكوريا وسواهما، فالفنان “كون” يرسم بألوان الزيت صورة طفل ضخم يبدو كالنبتة الصغيرة، بينما يرسم “ياو جونزونج” صبياً يظهر بحلة عسكري يقف على قبعة ضخمة ليجسد وجهاً آخر للبطولة، ولوحة بعنوان “مكتبة” لتاي كيو يم وهي بالحبر الهندي على الورق الكوري، و”النهاية” لإيكومي ناجازوا بألوان الأكريليك، و”ألعاب نارية” لبوتشي موب بألوان الزيت على الكنفا، و”بدون عنوان” لدونج أول لي بألوان الزيت على الكنفا، و”اللعب على الرمال” لشانج يونج كيم، ولوحة لوونجي يان بألوان الأكريليك مع ألوان الزيت على الكنفا، و”حصان” لسانج تاي بارك بالرسم على الخشب. وفي عالم آخر يقارب العالم العربي نشاهد لوحة بعنوان “جمارت” للفنان نجا مهداوي رسمت بالحبر مع ألوان الإكريليك على القماش الكتان، ولوحة بعنوان “المنارات” لناتو مانس وهي بألوان الزيت على الكنفا، وصورة “عرب” لفدريكو يوريت وهو تمثال مزين من المسامير، وصورة فوتوغرافية بعنوان “عن قريب” لفينسنت روير، و”فاطمة” لجان فرانسوا لاريو بألوان الأكريليك على الكنفا و”هلس” لتوماس لانجراند، وهو عمل نحتي بقطع الرخام وبذور القبقب، و”ساعة عمل بغرابة” لماري كيم واستخدم فيها الطباعة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©