الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العبرية حمّالة الفكر التلمودي والصهيوني

العبرية حمّالة الفكر التلمودي والصهيوني
29 سبتمبر 2010 20:21
صدر مؤخراً للدكتور والباحث المغربي بلقاسم مكَريني كتابه الجديد تحت عنوان: “كيف أغنى اليهود لغتهم: دراسة في وسائل إنماء اللغة العبرية”. وهذا الكتاب هو ثمرة جهد استثنائي قام به الدكتور بلقاسم ليلفت الأنظار إلى ما تعرفه اللغة العبرية التي تجندت كل القوى والأجهزة داخل إسرائيل وخارجها لجعل اللغة العبرية الحديثة لغة حية قادرة على مسايرة العصر ومواكبة مستجداته. ويقول الدكتور بلقاسم مكَريني لقد “تمت عملية “الإحياء” والإنماء وفق خطة محكمة وذكاء نافذ ربما لا يدركه سوى الذين سبروا غور هذه اللغة ووقفوا على ميكانيزماتها الداخلية.. ولا أدلّ على ذلك من تمكن المسؤولين والعلماء والباحثين اليهود من تحويل الثغرات والهنات وعيوب النطق والتوليد إلى مستويات صوابية ومعايير لسانية لا ينبغي تجاوزها أو خرقها”. كما كانت المساهمة في التخطيط والسياسة اللغويين في إسرائيل مشتركة بين كل من علماء اللغة من أليعزار بن يهودا إلى موشي باراشير، ورجال السياسة من ديفيد بن غوريون إلى أرييل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق الذي قال عنه المؤلف “أدهشني ما قرأت مؤخراً عن دعوته “الوقائية” لحماية اللغة والمتمثلة في احتجاجه على استعمال الإسرائيليين لعبارة “Yalla – bye” المركبة من العامية العربية “يَلاَ” (لنذهب) والانجليزية المختصرة “Goodbye” (مع السلامة) ويتساءل مستغرباً: “كيف لهذا التعبير الهجين أن يقوم بديلاً عن اللفظة الجميلة “شَلُومْ”؟. ويقول الدكتور بلقاسم “إننا ـ نحن العرب ـ لفي أمس الحاجة إلى قرارات سياسية وجيهة من شأنها أن تساهم في حماية لغتنا العربية. بيْد أن رجال السياسة وأصحاب القرار في الوطن العربي يفتقرون إلى كثير من الأسس المعرفية اللغوية النظرية والتطبيقية، أما الباحثون والعلماء الذين يمتلكون كفاءة التنظير والممارسة فتظل جهودهم الفردية والمشتركة مفرغة من أهدافها ومراميها لقصر ذات اليد وفي ظل غياب قرار سياسي مساعد على التنفيذ والتطبيق. فمتى يلتقي الطرفان، من علماء وساسة، لأجل العمل على خلق تهيئة لغوية وطنية وعربية تليق بهذه الأمة؟”. وقد جاء هذا الكتاب في ثلاثة فصول، الفصل الأول عبارة عن مدخل نظري تاريخي وصفي متعلق بوضعية اللغة العبرية عبر العصور، وهذا الفصل يقول عنه المؤلف “اعتمدتُ فيه آراء ومواقف أبرز العلماء والباحثين والمؤرخين الذين تتبعوا حالة هذه اللغة منذ نشأتها الأولى مع الوقوف عند أبرز المحطات التي شكلت تغيرات على مستوى المتن اللغوي العبري في توسعه وغناه أو تقلصه وفقره. وقد أجمع أكثر من أرخوا للغة العبرية على مرورها بأربع مراحل كبرى هي العبرية التوراتية وعبرية المشنا أو العبرية الربانية والعبرية الوسيطية ثم العبرية الحديثة أو العبرية الإسرائيلية”. أما الفصل الثاني فقد أفرده المؤلف للحديث “عن ظاهرة الاقتراض اللغوي باعتبارها أكثر الوسائل مساهمة في إغناء المعجم العبري الحديث”، وهي التي قال عنها الدكتور بلقاسم “تبين لنا من خلال رصدنا لبنيات الألفاظ المقترضة ومقارنتها بأصولها في اللغات المصادر أنها تنتمي إلى طائفتين: ـ طائفة الألفاظ المعبرنَة: وهي التي دخلت المعجم العبري الحديث وقد طرأ تغيير، بشكل من الأشكال، على بنياتها وصورها الأصلية لتلائم قواعد صوتية أو صيغاً وأوزاناً صرفية تختص بها اللغة العبرية من دون اللغات المصادر. كما بيّنا الفرق بين العبرنة الجزئية والعبرنة الكلية (أو الترجمة) مع محاولة رصد أبرز التقنيات والقواعد التي تم اعتمادها من طرف اللغويين اليهود في عبرنة كثير من الألفاظ المقترضة، ومنها: قاعدة الإبدال أو قاعدة الانسجام الصوتي وقاعدة الانسجام الصوفي وقاعدة الإلحاق. ـ طائفة الألفاظ الدخيلة: وهي الألفاظ التي وجدت طريقها إلى المعجم العبري الحديث مع احتفاظها بأصواتها وبُناها ودلالاتها التي وُضعت لها في لغاتها الأصلية ولم يلحقها أي تغيير”. كما سعى الباحث في هذا الفصل إلى “البحث في مصادر الألفاظ المقترضة لغرض تعرّف أبرز اللغات المانحة للعبرية الحديثة”، وذلك في ضوء المنهج المقارن المشار إليه في مقدمة البحث، والذي أسعفه بعرض كثير من الألفاظ والمصطلحات المقترضة على أكبر قدر ممكن من اللغات الأجنبية والأوروبية منها تحديداً، حيث تجاوز عدد تلك اللغات ـ محط المقارنة ـ عشر لغات وهي: الإنجليزية والفرنسية والروسية والألمانية والإيطالية والإسبانية والبرتغالية والبولندية والصربية والسويدية والنرويجية.. وعلى الرغم من صعوبة الحسم في مسألة مصادر المقترض العبري، نظراً لتداخل اللغات المصادر واشتراك العديد منها في سمات صوتية ومورفولوجية، فقد أمكننا الجزم بأن بعض تلك اللغات شكل، أكثر من غيره، معيناً ثرّاً نهلت منه اللغة العبرية الحديثة كالروسية والإنجليزية والألمانية، إلى جانب لغات أوروبية أخرى ساهمت بنصيب أقل في إثراء المعجم العبري الحديث، منها الفرنسية والإيطالية والإسبانية وغيرها.. أما الدكتور عبد الكريم بوفرة أستاذ اللغة العبرية في كلية الآداب ـ وجدة، فقد قال في كلمته التقديمية لهذا الكتاب: “تحيط بالفكر اليهودي والديانة التوراتية واللغة العبرية هالة يلفها كثير من الغموض واللبس والإبهام والأحكام المسبقة في الدراسات اللغوية والفكرية العربية عموماً، خصوصاً في الوقت الراهن، لاعتبارات نفسية أساساً. ولعل مرد هذا الخلط في الفهم والحكم معاً يعود إلى طبيعة اللغة العبرية، حمالة ذلك الفكر التوراتي واليهودي والتلموذي والصهيوني... وحين نذكر اللغة العبرية في المقام الأول فهذا لا يعني إقصاء للغات الأخرى، يهودية أو غير يهودية، عبر بها ذلك الفكر. لذا فإن دراسة اللغة العبرية، القديمة والحديثة، واستيعاب جملة من قضاياها التاريخية والمعرفية والرمزية أضحت تمثل اليوم تحدياً ثقافياً في ربوع الوطن العربي، لما لتلك المعرفة من فائدة في الحكم على الفكر اليهودي كما هو في الواقع (من خلال تاريخ الأفكار مثلاً)، وليس كما نتمنى أن يكون في الواقع الافتراضي”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©