الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كيف نظر فلاسفتنا القدماء إلى التراث الفلسفي اليوناني؟

8 فبراير 2008 23:59
بدأت الفلسفة اليونانية من عام 585 قبل الميلاد، وهو العام الذي تنبأ فيه طاليس بكسوف الشمس واستمرت إلى عام 529 ميلادية عندما أغلق الإمبراطور الروماني جيستان المدارس الفلسفية ما عدا المدارس التي تسمح بها الكنيسة· ناقش هؤلاء الفلاسفة موضوعات متعدِّدة ومتباينة كالوجود والإنسان، والحيوان والنبات والجماد، وآراءهم في مثل هذه الموضوعات إلى الآن تفعل فعلها وموضع نقاش وجدل بين الفلاسفة والمفكرين· كانت ظروف العرب الأوائل لم تسمح بقيام فلسفة، لذا اتصلوا بالأمم الأخرى، وكان الاتصال يتم عن طريق التجارة وإنشاء المدن المتاخمة لفارس والروم، أما الثقافات التي عرفها العرب الأوائل فتتمثل في النصرانية واليهودية والمجوسية والمانوية والزُّرادشتية والصابئة والمزْدكية و أصحاب الروحانيات والفلسفة اليونانية· ونتيجة لاتصال العرب بالأمم الأخرى أنشأت مدارس ثقافية في البيئة العربية هي: ''مدرسة إنطاكية'' في حلب و''مدرستي الرها ونُصيبين'' في العراق، ومدرسة الإسكندرية، لم يكن لدينا دليل على ترجمة اليونانية إلى العربية في هذه المدارس، لكن يمكن التأكيد على تبلور وجهات نظر حول الإنسان والكون في هذه المدارس الثقافية· ولما جاء الإسلام، كان التوجُّه في الترجمة إلى الكتب الفلسفية أكثر من الكتب الأدبية، وباعتقادي أنهم ليسوا بحاجة إلى الأدب بقدر ما كانوا بحاجة إلى الفلسفة، وأن الفلسفة هي نقص في فكرهم يحاولون ملئه؛ فالكندي مثلاً ترجم الكتب الفلسفية اليونانية، وأصلح الترجمات السيئة، وعمل ملخصات لها، لكنه لم يترجم للأدب· تابع الفلاسفة المسلمون الفلسفة اليونانية وأعجبوا بها وأيدوا بعضها، لكن السؤال هو هل استطاعت الحضارة الإسلامية استيعاب الحضارة اليونانية؟· هذا ما أختلف بشأنه الباحثين وهو موضع حوار ونقاش؛ ففي تأويل قبول الفلسفة اليونانية في البيئة العربية يرى الكندي: بأن الدعوة إلى صرف النظر عن علوم الأوائل والاستفادة منها أمر غير مقبول ومرفوض، وهو أيضاً لا يفرِّق بين طلب الحق من أي قوم وأي جهة· أما الفارابي الذي يعد من ابرز المشائين في الفلسفة الإسلامية، فهو يدرك بأنه يعيش في تجربة حضارية غير التجربة اليونانية، لكنه وثق ثقة شبه مطلقة بالفلسفة اليونانية وتحديداً بأفلاطون وأرسطو، وقدَّم كتابه ''الجمع بين رأيي الحكيمين'' كثمرة لهذه الثقة· لم يطلع الغزالي على الفلسفة اليونانية مثل الكندي والفارابي، بل كان يعتمد على ابن سينا في معلوماته عن اليونانية، ومعلوماته أغلبها مشوشة لأنه لم يستقها من مصادرها الأصلية، لذا فهو يرفض الفلسفة اليونانية، لكن ما هي الفلسفة اليونانية التي يرفضها؟ إنه يحصرها بأفلاطون وأرسطو، ويترك كل التراث الفلسفي اليوناني الآخر· بينما كان ابن رشد مطلعاً جيداً على الفلسفة اليونانية، بل هو يمثل الحداثة العقلانية في الفكر العربي، ويدعو للرجوع إلى الفلسفة اليونانية، والاعتماد عليها، خصوصاً عندما يعد البرهان العقلي هو أفضل أنواع البراهين، لأنه يعد البحث في العقل قد سبقنا فيه القدماء، وسواء هؤلاء شاركونا في الملة أو لم يشاركوننا·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©