الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاستفتاء... ماذا بعد؟

29 سبتمبر 2010 20:11
استبقت وزيرة الخارجية الأميركية اجتماعها المغلق بنائبي الرئيس السوداني (سيلفا كير وعلي عثمان طه، بتصريح صحفي، أذيع على نطاق واسع، مفاده: "أن موضوع الاستفتاء وتقرير المصير المقرر إجراؤه في يناير العام القادم، هو الموضوع الأول الذي يسبق ما سواه بالنسبة للمجتمع الدولي، سيكون محور المحادثات الخاصة مع المسؤولين السودانيين". صدر هذا التصريح قبل أن يتوجه سيلفا وعثمان لمقابلتها والاجتماع المرتب له منذ أسابيع. وعندما يقرأ المرء بإمعان ما نشر وأذيع، وصدر عن "الاجتماع الأممي" بشأن السودان الذي عقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة على عجل، وشارك فيه الأمين العام للمنظمة الدولية الى جانب الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء البريطاني والرئيس الفرنسي ورئيس وزراء كندا ومسؤولين كبار من أوروبا وأفريقيا... الخ، سيلحظ أن وزيرة الخارجية الأميركية قد حددت أجندة "الاجتماع الأممي" والجمعية العامة، ومن ثم مجلس الأمن في الأسابيع المقبلة بالنسبة للسودان. وعندما يعيد المرء قراءة تصريحات الأمين العام للمنظمة الدولية بعد الاجتماع مقرونة مع تصريحات رئيس "الحركة الشعبية" رئيس حكومة الجنوب والنائب الأول "سيلفاكير" يصح له القول: "لقد قضي الأمر الذي فيه تستفتيان". فسيلفا قد بشَّر قبل وبعد وصوله الولايات المتحدة "بأن كل الاستطلاعات تؤكد أن الجنوب سيقرر في الاستفتاء (الانفصال) عن الشمال وإقامة دولته المستقلة". وعندما يمعن المرء في المواكب المنظمة والمرتبة (حتى في ملابس روادها) والشعارات التي رفعت فيها والهتافات التي ملأت الأجواء ليس في جوبا وحدها، ولكن في كثير من مدن الجنوب، يجد ما يؤكد إصرار (الجنوبيين) على تحقيق "حلم الانفصاليين" في تقسيم السودان، ذلك الحلم الذي خفت صوته بعد اتفاقية أديس أبابا-دكار، وبدأ يخبو عند صعود نجم "الحركة الشعبية لتحرير السودان"، وإنشاء أول وأوسع تحالف سياسي سوداني بانضمام "الحركة الشعبية" للتجمع الديمقراطي السوداني، الذي ضم ونظم حركة المعارضة ضد حكومة "الجبهة القومية الإسلامية"، التي سطت على الديمقراطية وقطعت الطريق أمام "المؤتمر القومي الدستوري" التي توافقت كل القوى السياسية السودانية على انعقاده في يوليو عام 1989 وسبقت "الجبهة القومية الإسلامية" اجتماع ممثلي حكومة الوحدة الوطنية مع قيادة "الحركة الشعبية"، الذي كان مقرراً عقده في الرابع من يوليو المشؤوم. استعادة التاريخ الذي ما يزال في ذاكرة السودان لن يفيد الآن في شيء، وتكرر القول إن حكومة "الإنقاذ" وسياستها وحربها الضروس التي خاضتها ضد "الحركة الشعبية"، وأهدرت فيها الكثير من الدماء والأموال إنها المسؤولة عن إحياء حركة الانفصاليين الجنوبيين، بل أكثر من ذلك عن "خلق" حركة انفصالية في الشمال لها منابرها وزعماؤها ودعوتها لـ"فصل الشمال" عن الجنوب! الحديث عن التاريخ الملطخ بالدماء، والأخطاء الآن لا يجدي ولن يفيد، لكن قطعاً سيأتي اليوم الذي ستبدأ محاكمة التاريخ صفحاتها مهما طال الزمن. وثمة قلق وخوف على مصائر "الوحدويين الجنوبيين"، الذين كما أعلنوا وصرخوا وناشدوا إخوانهم في الشمال والشرق والغرب أن ينتهوا الى إهدار حقوقهم واضطهادهم من قبل سلطات حكومة "الحركة الشعبية" في الجنوب. لكن قد يكون من المفيد والأصح الآن أن نفكر ونعمل، كما وأن انفصال الجنوب وتجزئة السودان قد أصبحت أمراً مقرراً، وإن علينا، أي على جميع الوحدويين في الجنوب والشمال، أن نبدأ مرحلة جديدة من النضال ستكون أشق مما سبقها من مراحل، أولاً ليتم الاستفتاء ونتائجه في أجواء من المسؤولية الشعبية والحكومية، ولا أن نسمح للذين يريدون أن يجعلوا قضية الاستفتاء حرباً أهلية جديدة، ستكون أشد ضرورة من ما سبقتها. وهذا هو في واقع الأمر مضمون وهدف تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة التي أطلقها بعد انعقاد الاجتماع الأممي بشأن السودان. والسؤال الآن: ماذا بعد الاستفتاء؟ و"الانفصال"؟... وذلك موضوع آخر. عبدالله عبيد حسن
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©