الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سمكة "هيمنغواي" التي أكلها النقاد

سمكة "هيمنغواي" التي أكلها النقاد
11 سبتمبر 2018 00:02

فاطمة عطفة (أبوظبي)

في شبابنا كنا نحب قراءة هيمنغواي، خاصة أن معظم رواياته تحولت إلى أفلام سينمائية، تحظى بمكانة عالمية، من «وداع للسلاح» إلى «لمن تقرع الأجراس»، وصولاً إلى «الشيخ والبحر»، نظراً لأهمية موضوعها في صراع الإنسان مع الطبيعة، وصلابة بطلها الصياد العجوز سانتياغو، وإصراره على أن لا يعود من رحلة الصيد خائباً. ومع أنها رواية قصيرة، إلا أنها حافلة بالمغامرة والتشويق والأخطار التي واجهت البطل طوال أيام عدة حتى ظفر بما أراد وعاد بصيد سمكة كبيرة أطول من قاربه، لكن لم يصل منها إلى الشاطئ غير هيكل عظمي.
وتأتي أهمية هذا العمل الأدبي الجميل بأنه يصور الكفاح الإنساني الشاق من أجل العيش، ويدعو إلى الصبر والتحدي في سبيل تحقيق الأمل الذي يتطلع إليه كل إنسان. وتشير بعض الدراسات إلى أن هيمنغواي كان يرمز بالسمكة الكبيرة إلى أعماله الأدبية التي أنجزها في حياته، كما أنه يرمز للنقاد الذين هاجموه ولم يقدروا أهمية إبداعه، بأنهم مثل أسماك القرش التي التهمت سمكته وأضاعت جهده الكبير. وهناك دراسات تشبه ما عاناه سانتياغو بآلام السيد المسيح. وأياً كانت التأويلات، تظل رواية «الشيخ والبحر» من الأعمال الأدبية الخالدة التي تمجد جهد الإنسان وصبره وكفاحه في سبيل الخير والعيش الكريم. هذا العمل الروائي الجميل عدت إلى قراءته من جديد، واستمتعت بقصة الصياد العجوز الذي أمضى في محاولات اكتساب رزقه 84 يوماً ولم يحالفه الحظ طوال هذه المدة حتى صار معروفاً بين الصيادين بأنه «سيئ الحظ». وفي اليوم الخامس والثمانين، دفع التحدي وقوة الإرادة بالصياد سانتياغو أن يغامر بالذهاب في عرض البحر إلى منطقة أبعد مما اعتاد أن يصطاد فيها. وقد تمكن بعد الجهد والسهر والمثابرة أن يصطاد سمكة ضخمة أطول من قاربه بقدمين، وقد خاض معها صراعاً مستميتاً، جرحت يديه وهو يخاطبها قائلاً: «لا بد أن يصرع أحدنا الآخر». وأخيراً تمكن من سحبها نحو القارب، فطعنها بالحربة طعنة نافذة وأجبرها على الاستسلام، ليحقق بذلك انتصاره المأمول، ثم رفع الشراع ليعود ظافراً مسروراً بصيده الثمين. وفي طريق العودة، كان حظه العاثر يقف له بالمرصاد. لقد فاجأته أسماك القرش، بعد أن اجتذبتها رائحة الدم، وبدأت بالتهام السمكة، وهو يقاومها بشدة، واستطاع أن يقتل عدداً منها، لكنه فقد الحربة والسكين وتحطم المجداف. وبعد صراع طويل وجهد كبير وصل أخيراً إلى الميناء ليلاً، ولم يبقَ من سمكته الكبيرة إلا الرأس والهيكل العظمي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©