الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غدا في وجهات نظر..مسلسل التدمير

غدا في وجهات نظر..مسلسل التدمير
30 يونيو 2015 19:03

مسلسل التدمير
يقول د. علي الطراح: لم يكن انفجار مسجد الصادق في الكويت مفاجأة، فمن يتابع الأحداث ودائرة انتشارها يدرك أن ثمة مسلسلا ينفَّذ على مراحل للوصول إلى الهدف. قبل مسجد الصادق كان تفجير مسجد بلدة القديحي في القطيف بالمملكة العربية السعودية، الذي أعقبه بأسبوع واحد تفجير آخر في مسجد بالدمام. وفي وقت متزامن تقريباً شهد العالم يوم الجمعة الماضي ثلاثة انفجارات في تونس والكويت وفرنسا، وكل المؤشرات تدل على أن الفاعل واحد. الحدث يتجاوز إمكانات الإخراج الفردي ويقترب من العمل التنظيمي المنسق والمرتبط بخيوط متشابكة. ورغم حالة التعقد الشديدة التي يشهدها العالم العربي، فإنه لا توجد تصورات مشتركة جادة تتصدى لما يبدو أنه مخطط لإعادة تقسيم المنطقة العربية على أسس طائفية وعرقية ودينية. التفكير مازال محصوراً ضمن أطره التقليدية، مما يثير تساؤلات كثيرة حول حالة التردد العربي.
هناك أزمة حقيقية تعدى ما يظهر على أنه صراع مذهبي أو ديني أو عرقي، تتمثل في هذا التوظيف السافر للملف الديني بغية تحقيق أهداف سياسية. فالكويت دولة عرفت بتسامحها الديني والفكري، إلا أنها لم تنج من الإرهاب الذي يسيطر على سماء المنطقة العربية.

«تحولات» السياسة الخارجية السعودية

يقول د. بهجت قرني: يعود اهتمامي بالسياسة الخارجية السعودية إلى ما يزيد على ربع قرن، وذلك لاهتمامي بمفهوم «القوة الناعمة» الذي كان حديثاً نسبياً بعد إطلاقه على يد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة هارفارد «جوزيف ناي» في بداية الثمانينيات.
في بداية السبعينيات ومع طفرة أسعار البترول -والتي ارتفعت ثلاثة أضعاف في سنة 1974- أضافت السعودية قوة مادية ضخمة إلى قوتها الناعمة الفريدة. لكن ما كان يُحيرني هو أن السياسة الخارجية السعودية -عالمياً- هادئة مقارنة بهذه الإمكانيات الهائلة. وقلت هذا بكل صراحة في الطبعات الإنجليزية المختلفة لكتاب «السياسات الخارجية العربية» منذ ظهوره في الولايات المتحدة عام 1984 وحتى طبعته الثالثة في عام 2008، وكذلك في الترجمة العربية التي هي على وشك الظهور من الهيئة العامة للكتاب في مصر.
وقد تابعت باهتمام التحرك السعودي الأخير نحو باريس وموسكو، بتنسيق أو عدم تنسيق مع الحليف الأميركي التقليدي، على الرغم من أن هذا التحرك تضمن اتفاقات بمليارات الدولارات، خاصة في مجال التسليح والدفاع، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يشغلنا عن الهدف الرئيسي لهذا التحرك، وهو هدف سياسي في المقام الأول والأخير، ويرتبط بعدة قضايا، في مقدمتها موضوع إيران والحرب الأهلية في سوريا. فالمعروف أن باريس هي واحدة من العواصم الغربية المتشددة فيما يتعلق بموضوع الضمانات والتفتيش تجاه إيران، كما أنها أيضاً من المطالبين برحيل الأسد في سوريا.
وتبدو مواقف موسكو في هذا الصدد مختلفة، فبالنسبة لموقفها حيال سوريا، فهي حليفة لبشار الأسد وعلى استعداد لاستخدام الفيتو أكثر من مرة في مجلس الأمن لإنقاذ نظامه، وفيما يتعلق بإيران فهي عضو مجموعة (5+1) وضد إنتاج سلاح نووي إيراني، لكنها على تواصل مع طهران، وقد تكون قادرة على القيام بدور حلقة الوصل فيما يتعلق بالحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في اليمن. لكن الاتفاق على الموضوعات الرئيسية مع موسكو أصعب من التنسيق مع باريس، ومع ذلك لا يمكن إهمال روسيا وتأثيرها، فهي مثلاً إذا امتنعت عن تأييد بشار، فقد يسقط نظامه في وقت أقصر مما يتوقعه كثيرون. موقف موسكو حيوي إذن. لكن ما هي أوراق الرياض للتأثير عليها؟
هناك القوة الناعمة السعودية فيما يتصل بالعلاقات بين موسكو ومسلميها في الداخل، خاصة الحرب الكامنة في الشيشان، إذ تستطيع موسكو الاستفادة من تطور علاقاتها مع الرياض لتوضح أنها ليست ضد الإسلام كدين وأنها على علاقة وثيقة مع أهم دولة إسلامية.
الورقة الثانية والأهم تأتي من قوة السعودية المادية كأكبر مصدر للبترول وكأكبر متحكم في أسعاره العالمية. فالسعودية تستطيع زيادة الإنتاج أو تخفيضه، وبالتالي فهي تتحكم في الكمية المعروضة عالمياً ومستوى أسعارها، وهذا يهم موسكو جداً لأن انخفاض أسعار صادراتها البترولية يزيد من مصاعبها الاقتصادية.

اللعب على الزمن.. في أزمة اليمن
يرى محمد أبوكريشة أنه ليس لدى «الحوثيين» ما يخسرونه في اليمن، لكن لدى التحالف العربي ما يخسره كل يوم. والوضع الحالي بالنسبة للحوثي مثالي للغاية، بينما هو وضع سيء للشرعية اليمنية وللتحالف العربي - فالتحالف والشرعية يريدان دولة مستقرة ووطنية في اليمن والحوثي وصالح يريدان اليمن مقبرة جماعية - التحالف يتبنى قضية سياسية في اليمن، لكن الحوثي وصالح يسعيان وأخشى أنهما نجحا بالفعل في تحويل اليمن إلى قضية إنسانية، وألمح هذا النجاح في ارتفاع وتيرة الخطاب الإنساني الإغاثي على حساب الخطاب السياسي باليمن - والعالم كله أو ما يسمى المجتمع الدولي يتجه شيئاً فشيئاً إلى التعامل مع اليمن على أنه بلد منكوب إنسانياً، ولا بد من إغاثته، وهذا يتطلب بالطبع مناشدة كل الأطراف بما فيها التحالف العربي والمقاومة اليمنية وقف النار من أجل السماح بوصول المساعدات الإغاثية إلى ملايين اليمنيين المشردين والنازحين والذين يهددهم الجوع.
هذا بالضبط ما سعى إليه «الحوثيون» وصالح وأزعم أنهم نجحوا في الوصول إليه بدرجة كبيرة وأعني خطف اليمنيين كرهائن وتحويلهم إلى نازحين للمساومة بهم في قضية إنسانية لا علاقة لها بالأزمة السياسية التي صنعوها في اليمن.
وأزمة أو أزمات العالم العربي كلها تتحول مع الزمن واللعب بعامل الوقت من قضايا سياسية إلى قضية لاجئين ونازحين وقوافل إغاثة وقصص إنسانية موجعة - وهكذا تختلط الأوراق وتتوارى الشرعية والدولة الوطنية والمسائل السياسية لمصلحة الدراما الإنسانية والمواكب الإغاثية وندخل دوامة (كل الأطراف) التي اخترعتها الأمم المتحدة (كل الأطراف مسؤولة عن تفاقم الأزمة الإنسانية - كل الأطراف عليها وقف النار من أجل قوافل الإغاثة).. حدث هذا التحول من السياسي إلى الإغاثي والإنساني في سوريا وليبيا والعراق واليمن - وحدث في فلسطين التي تحولت إلى قضية لجوء ولاجئين ووكالة لغوثهم وتشغيلهم - وأسلوب تحويل القضايا من سياسية إلى إغاثية تجيده إيران وتركيا وأميركا وإسرائيل بامتياز - وبهذا الأسلوب تم الإجهاز على كل القضايا المصيرية العربية وآخرها قضية اليمن التي تحولت إلى إغاثية بدلاً من سياسية ويوشك الحوثيون وصالح أن يربحوا في مباراة اللعب على عامل الزمن في اليمن!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©