الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإنسان والتفكير والذاكرة (1)

2 يوليو 2011 21:34
جعل المولى عز وجل للإنسان أجهزة حسية تساعده على فهم العالم من حوله؛ لأنه عندما يولد لا يعلم شيئاً عنه، ولكي يتكيف ويتعامل معه بالصورة التي تتناسب مع خلقه، جعل له الحواس الخمس (أدوات العملية العقلية) الظاهرة التي نعتبرها مداخل وبوابات لاستقبال المعلومات من العالم الخارجي، حيث قال تعالى: (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(النحل:78). فمن خلال تلك الحواس يبدأ عقل الإنسان يتلقى المعلومات والمؤثرات من البيئة المحيطة والخارجية، حيث يقوم بمعالجة ما يصل إليه من المدخلات من خلال العمليات الذهنية (التخزين والفهم والتفسير والتنظيم والتقبل أو الرفض والتحليل والربط وغيرها) فتحتفظ ذاكرته بكل ما يسمعه ويراه ويشعر به ويلمسه ويتذوقه ويشمه، ومن هنا تبدأ تتكون لديه المعلومة والمعرفة ويزيدها تطوراً عندما يقوم بتحليل المعطيات وتفنيدها وربطها وتخيلها، وبناءً عليها يبني أفكاراً وتصورات ذهنية وتوقعات ومعتقدات جديدة ومتطورة وهذا يجره إلى توليد مشاعر جديدة حيال ذلك كله وفقاً لنوعية المعلومات الخارجية والداخلية، وبالتالي ينتج مخرجات كردات فعل نتيجة لذلك كالاسترجاع وإظهار نتائج التحليل والتركيب والاستنباط والتقويم وغيرها فيظهر ذلك على شكل مخرجات لفظية وسلوكية وتصرفات وإطلاق الأحكام وغيرها. ولكون الإنسان لديه احتياجات ولديه معلومات وفي الوقت نفسه تنقصه كثير من المعطيات والخبرة والمفاهيم، فإنه يستخدم عقله في التفكير والشك والظن والاعتقاد واليقين والاستبصار والتخيل والتصور والتخطيط والفهم والتحليل وغيرها للوصول إلى حاجته. ومع مرور السنين وتنوع التجارب والخبرات والمعلومات والمؤثرات يصبح لديه مفاهيمه وفلسفته ونظرته ومعتقداته وأفكاره الخاصة به التي على ضوئها يتخذ قراراته وأحكامه على كل شيء طالما لديه الخبرة والقدرة العقلية التي يراها مناسبة للموقف الذي هو فيه. وتستمر مراحل التغيير وعلى إثرها تتغير أمور عديدة في الإنسان من ضمنها الجسد وذاكرته ومكوناته وكيميائيته وبنائه. إن معظم الأجهزة الداخلية للإنسان والعمليات البنائية تعمل بتلقائية؛ لأنها برمجت بالفطرة، فالعقل الباطن يعمل على إدارتها فيحافظ على درجة حرارة الجسد وينظم عمليات الهضم وامتصاص المواد الغذائية وتوزيعها في الجسد وإعطاء كل خلية وكل عضو الكمية التي يحتاج لها من الفيتامينات والمعادن التي تناسبه. قد جلست ذات يوم منذ سنوات طويلة مع أحد الأجانب الباحثين في علوم الدماغ، فقال: “إن الإنسان يولد والخلايا العصبية لدماغه غير متصلة إلا ما نسبته 2% تقريباً لحاجة المولود لها في هذا العمر”. هذه النسبة من التشابكات العصبية هي التي تجعل المولود يبكي عند الجوع، ويتجه إلى ثدي أمه ويرضع، وهي التي تجعله يبكي حين يتألم وحين يخاف وحين يتبلل، وغيرها من الأمور الأساسية لحماية ونمو جسد المولود والتي لا تحتاج للإدراك الواعي والتفكير. dralazazi@yahoo.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©