هالة الخياط (أبوظبي)
كل طفل جدير بأن يحيا حياة خالية من شلل الأطفال، وبفضل حملات التطعيم العالمية، يتم سنوياً تطعيم ما يربو على 400 مليون طفل ضد شلل الأطفال، رغم العديد من الحواجز التي تقف حائلاً بين الطفل والوصول إلى اللقاح، منها التضاريس الوعرة والطقس السيئ، والإشاعات التي تحوم حول سلامة اللقاحات، وضعف الخدمات الصحية والنزاعات وانعدام الأمن.
وفي اليوم العالمي لشلل الأطفال الذي يصادف اليوم، تؤكد النتائج أن كل الجهود التي تبذلها الشعوب في العالم قاطبة تسير باتجاه دحر المرض مرة واحدة وإلى الأبد، والتأكد من أنه لم يتم ترك أي طفل ليتخلف عن الركب، وتساعد منظمة الصحة العالمية في أكثر من 70 بلداً على استمرار إعطاء اللقاحات ضد المرض، وأصبح حماية أطفالنا من شلل الأطفال في المستقبل أمراً ممكناً.وتساهم دولة الإمارات بشكل موسع في هذه الجهود من خلال تعزيز البرامج الصحية والعلاجية، وتوفير اللقاحات والأمصال، وتنفيذ حملات التطعيم في مختلف دول العالم.
الإمارات للتطعيم
وأعلن عبدالله خليفة الغفلي، مدير المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان، في تصريحات خاصة لـ «الاتحاد»، أن حملة الإمارات للتطعيم ستستمر العام المقبل، وفي إطار استراتيجية مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لاستئصال مرض شلل الأطفال في العالم، في أداء دورها بدعم المبادرة العالمية التي أقرتها الجمعية العامة للصحة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، من خلال تنظيم حملات التطعيم في الأقاليم والمناطق التي تقع ضمن نطاق الحملة الجغرافي.
وقال: «نستهدف العام المقبل ما يقارب 12 مليوناً، و622 ألف طفل أو أكثر بحملات شهرية متواصلة، كما نعمل على تطوير وتحديث خطط التنفيذ وأساليب العمل الميداني بالتواصل مع الشركاء الرئيسيين والارتقاء بمستوى تدريب وأداء فرق التطعيم في جميع المستويات، ومتابعة جهود التوعية والإقناع للمجتمع بمختلف فئاته».
الأولوية العالمية
ولتحقيق الأولوية العالمية للوصول إلى كل طفل في العالم وإعطائه لقاح شلل الأطفال، أشار الغفلي إلى أن تحقيق ذلك يحتاج لجهد كبير من خلال رسم الاستراتيجية الصحيحة وتوفير مصادر ثابتة للتمويل وتطوير برامج تنفيذ المبادرات، ووضع أنظمة حديثة للمراقبة والتسجيل والتحليل، وكذلك الاهتمام بمعالجة العوامل المسببة للمرض وأبرزها نقص المناعة وسوء التغذية وضعف الرعاية الصحية.كما يحتاج هذا الطريق إلى تعاون دولي ودعم متواصل من قبل جميع الدول والمنظمات لتمكين حملات التطعيم وفرقها من أداء واجبها الإنساني لحماية أطفال العالم من المرض، والقضاء عليها نهائياً في المستقبل القريب.
دور رئيس
وقال الغفلي: «لدولة الإمارات دور رئيس ومؤثر في دعم المبادرات والجهود التي تبذلها المنظمات الدولية والمؤسسات الإنسانية والخيرية لحماية صحة شعوب العالم، حيث إن القيادة السياسية لدولة الإمارات ومنذ زمن المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قدمت الدعم والمساهمات المالية والخبرات التنفيذية والإدارية لمختلف هذه المنظمات والمؤسسات الدولية، وتمكن الدول والمنظمات التابعة للأمم المتحدة من القضاء على الأمراض التي تهدد البشرية، إضافة إلى المساهمات التمويلية التي تقدمها دولة الإمارات لمراكز الأبحاث الطبية العالمية لمساعدتها على النجاح في تطوير الأدوية والعلاجات التي تقضي على الأمراض.
القضاء على شلل الأطفال
وأوضح أن حملة الإمارات للتطعيم بدأت في عام 2014 بفضل التوجيهات والمبادرة الكريمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبالمتابعة الحثيثة لسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، أطلقت لدعم الجهود الدولية للقضاء على شلل الأطفال في جمهورية باكستان الإسلامية.
وأشار إلى أن البداية لم تكن سهلة والتحديات كانت كبيرة جداً وفي جميع الجوانب، بداية من مرحلة التخطيط، مروراً بمرحلة التنفيذ والمراقبة، وانتهاءً بمرحلة الإحصاء وتسجيل النتائج وتحليلها، التحدي الإداري الأول كان في إعداد الخطط العملية، حيث كانت باكستان ميدان المعركة الرئيسية للقضاء على المرض بسبب تسجيلها نسبة 85% من عدد حالات الإصابة المسجلة في العالم، وتحتاج لجهد استثنائي وأسلوب جديد وحديث في إدارة وتنظيم الحملات الميدانية، ومنهجية علمية في الاستفادة من البيانات والمعلومات الأساسية المتوفرة ووضع أوليات خطط التنفيذ وتركيز الجهد باتجاه أكثر المناطق الجغرافية التي تحتضن أكثر نسبة من الإصابة بالفيروس، وكذلك وضع خطط التنسيق والتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف والجيش الباكستاني ووزارة الداخلية وزارة الصحة الباكستانية وحكومات الأقاليم، لمعالجة المعاضل الميدانية والأمنية والتهديدات التي تواجه فرق التطعيم.
كما تم الاهتمام بتوفير اللقاحات بالمعايير الفنية الصحيحة وبالكمية المطلوبة حسب أعداد الأطفال المستهدفين في كل شهر، بالإضافة إلى وضع برنامج لتدريب وتنظيم توزيع فرق التطعيم على مستوى الأقاليم والمناطق، نزولاً لمستوى المدن والقرى، وصولاً للمنزل والطفل المستهدف، كما نجحنا في اتباع منهجية جديدة في التوعية والإقناع للفئات التي ترفض قبول تطعيم أبنائها من خلال تغيير المفاهيم وتصحيح المعلومات المغلوطة، والتعريف بالآثار السلبية التي يتسبب بها المرض على صحة ومستقبل الأطفال، جميع هذه الجوانب كانت الأسس والمبادئ التي اعتمدنا عليها في تنظيم وإدارة حملة الإمارات للتطعيم وكانت.
نتائج حملة الإمارات
وعن أهم النتائج التي حققتها حملة الإمارات للتطعيم منذ 2014، قال الغفلي: «انطلقت حملة الإمارات للتطعيم وسط تحديات كبيرة في مسار الجهود الدولية للقضاء على مرض شلل الأطفال الذي سجل 359 حالة إصابة به في 9 دول بالعالم، وكانت جمهورية باكستان الإسلامية إحدى أكثر الدول المتضررة من ارتفاع عدد حالات الإصابة بشلل الأطفال بـ 306 حالات، وبنسبة 85% من عدد الحالات المسجلة على مستوى العالم.واستطاعت حملة الإمارات للتطعيم أن تسجل نجاحات متواصلة على مدى أربع سنوات منذ انطلاقها، حيث نجحت الحملة من بداية عام 2014 ولغاية نهاية عام 2016، في الوصول إلى نحو 31 مليوناً و695 ألف طفل، وقدمت لهم 158 مليوناً، و180 ألفاً، و840 جرعة تطعيم ضد مرض شلل الأطفال، كما سجلت الحملة نتائج إيجابية كبيرة في عام 2017، وسيعلن عن نتائجها رسمياً في الفترة المقبلة.
خمس حالات خلال العام
وخلال التنفيذ الميداني تمت تغطية 66 منطقة بإقليم خيبر بختونخوا وإقليم المناطق القبلية فتح وإقليم بلوشستان وإقليم السند، والتي تعتبر من المناطق الصعبة والعالية الخطورة والحاضنة لنسبة 90% من عدد الإصابات المسجلة في باكستان، والنتيجة الميدانية الكبرى التي حققتها الحملة خلال السنوات الماضية هي أننا اليوم نسجل انخفاضاً كبيراً وبنسبة تصل إلى 98% في عدد حالات الإصابة بشلل الأطفال في باكستان، حيث سجلت في أول تسعة أشهر من عام 2107 / 5 حالات إصابة فقط، وتمثل هذه النتيجة الإيجابية مؤشراً إيجابياً في تحقيق أهداف منظمة الأمم المتحدة ودول العالم بالقضاء نهائياً على وباء شلل الأطفال في المستقبل القريب.
المشاريع التنموية
وعن إنجازات المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان في مجال المشاريع التنموية، قال الغفلي، إنه «بتوجيهات من قائد مسيرة الخير والعطاء، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وبالمتابعة الحثيثة لسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، نجح المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان في تنفيذ والانتهاء من إنجاز 165 مشروعاً في عدة مجالات تنموية وإنسانية في جمهورية باكستان الإسلامية، حيث كانت الغاية من تنفيذ هذه المشاريع مساعدة أبناء الشعب الباكستاني، والمساهمة في تنمية الأقاليم والمناطق النائية والفقيرة والارتقاء بمستوى الخدمات الأساسية، وتطوير البنية التحتية في مجالات الطرق والجسور والتعليم والصحة وتوفير المياه النقية، وكذلك تقديم المساعدات الإنسانية للمحتاجين والفقراء والنازحين واللاجئين من خلال توزيع المواد الغذائية والحقائب المدرسية، وكذلك تنفيذ حملات التطعيم لحماية الأطفال الأبرياء من خطر الإصابة بفيروس شلل الأطفال.وبلغت التكلفة الإجمالية للمشاريع التي نفذها المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان خلال الأعوام الماضية 356 مليوناً، و663 ألف دولار أميركي.
منطقة مخصصة للحديث عن جهود الإمارات لاستئصال شلل الأطفال
أبوظبي (الاتحاد)
خصص المعرض الدولي التفاعلي «العد التنازلي: القضاء على الأمراض التي تهدد البشرية» الذي تستمر فعالياته في أبوظبي حتى 14 نوفمبر المقبل، منطقة مخصصة لتسليط الضوء على مرض شلل الأطفال وجهود الإمارات في دعم حملة استئصال شلل الأطفال.
ومن خلال المعرض، أصبح المجال متاحاً أمام الجميع للتعرف الجهود العالمية وجهود دولة الإمارات في حملة استئصال شلل الأطفال، من خلال عرض أفلام قصيرة حول هذا الموضوع ضمن مسرح مصغر تضمنه المعرض.
ويسلط المعرض الذي يقام بجزيرة المارية بأبوظبي الضوء على المكتسبات الكبيرة والمنجزات المهمة التي حققتها الجهود العالمية في القضاء على الأمراض، وتعريف زواره بالتقدم الذي تحقق في مكافحة مرض «دودة غينيا» والتصدي للأمراض الأخرى، إلى جانب إبراز الدور الريادي الذي تلعبه القيادة الحكيمة بدولة الإمارات العربية المتحدة، والتزامها المتواصل في مجال القضاء على الأمراض في جميع أنحاء العالم.
ويشار إلى أن ديوان ولي عهد أبوظبي ينظم هذا المعرض في سياق تحضيرات استضافة أبوظبي لمنتدى الصحة العالمي «بلوغ آخر ميل.. العمل معاً من أجل القضاء على الأمراض المعدية» الذي يعقد في نوفمبر المقبل، تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
حقائق في تنفيذ حملة الإمارات للتطعيم
أبوظبي (الاتحاد)
استطاعت حملة الإمارات للتطعيم النجاح في إعطاء جرعات التطعيم للأطفال الباكستانيين في العديد من المناطق التي لم تنجح أي حملة دولية في دخولها منذ 5 سنوات، مثل منطقة بارا ومنطقة شارصدا، وكذلك في أصعب المناطق ذات التوترات الأمنية والطبيعة الجغرافية القاسية، مثل شمال وجنوب وزيرستان ومناطق كراتشي وكويتا وقلعة عبدالله.
قدمت الحملة نموذجاً متميزاً في التخطيط والتنفيذ والمتابعة والإشراف، وبذلت إدارة المشروع الإماراتي، بالتعاون مع جميع الشركاء جهداً كبيراً لتطوير معايير تسجيل البيانات والإحصائيات والتدقيق على النماذج المالية وتوحيدها، وتفعيل خطة الضبط والسيطرة في جميع المستويات.
تزامن مع بدء تنفيذ حملة الإمارات التطعيم إطلاق حملة إعلامية موسعة ومكثفة، من خلال مختلف وسائل الإعلام الباكستانية لتوعية السكان وحثهم على الاستجابة لفرق التطعيم.
وتزامناً مع تنفيذ حملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال ولمواجهة مشاكل النزوح السكاني وسوء التغذية للأطفال، قامت إدارة المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان بتوزيع 193 ألف سلة من المساعدات الغذائية يبلغ وزنها 15.000 طن وبتكلفة وقدرها 11.618 مليون دولار و55 طناً من التمور على الأسر الفقيرة والمحتاجة في مختلف الأقاليم والمناطق الباكستانية خلال الأعوام الماضية. وتم الاهتمام بتوفير المياه النقية الصالحة للشرب لوقاية السكان من الأمراض التي تتسبب بها الفيروسات والبكتيريا والفطريات الناجمة عن المياه الراكدة والملوثة، والتي يطلق عليها مصطلح ميكروبيولوجيا المياه مثل مرض التهاب الكبد ومرض الكوليرا والتيفود والسارس وشلل الأطفال، حيث تم إنشاء 76 محطة لمعالجة وتنقية المياه ومد شبكات التوصيل للمدن والقرى النائية في باكستان، بتكلفة بلغت نحو 7 ملايين دولار أميركي.