السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احتشام المرأة عند خروجها من البيت سد للذرائع

16 يوليو 2014 22:29
أحمد شعبان (القاهرة) سد الذرائع من مصطلحات أصول الفقه الإسلامي والذريعة وسيلة وحجة إلى الشيء، وتكون في الأوامر والنواهي كأمر يتوسل به إلى أمر آخر مثل السعي لصلاة الجمعة والتزوج للإحصان أو أمر يتوسل به إلى نهي مثل البيع، فإنه قد يتوسل به إلى محرم كما في بيع العينة، وهو أن يبيع سلعة بثمن مؤجل ثم يشتريها منه بأقل من الثمن أو نهي يتوسل به إلى نهي مثل النميمة يتوسل بها إلى القتل أو نهي يتوسل به إلى أمر مثل شهادة الزور يتوسل بها إلى إثبات بعض الحقوق. ويقول الدكتور السيد أبو الحمايل، أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر: من المتفق عليه أن وسيلة المحرم محرمة ووسيلة الواجب واجبة فالفاحشة حرام والنظر إلى عورة الأجنبية حرام؛ لأنها تؤدي إلى الفاحشة والجمعة فرض والسعي إليها فرض وترك البيع لأجل السعي إلى الجمعة فرض والسعي إلى البيت الحرام وسائر مناسك الحج لأجله؛ لأن الشارع إذا كلف العباد بأمر فكل وسيلة له مطلوبة وإذا نهى الشارع عن أمر فكل ما يؤدي إلى الوقوع فيه حرام فالشارع ينهى عن الشيء وينهى عن كل ما يوصل إليه ويأمر بالشيء. ويأمر بكل ما يوصل إليه فقد أمر بالمحبة بين الناس ونهى عن التباغض والفرقة ونهى عن كل ما يؤدي إليها ونهى عن أن يخطب الرجل على خطبة أخيه أو يبتاع على بيعه كما جاء في الحديث الشريف عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبيع حاضر لباد ولا تناجشوا ولا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفي ما في إنائها». المصلحة ولا خلاف بين العلماء على أن ما يؤدى إلى إيذاء المسلمين ويلحق بهم ضرراً ممنوع كحفر البئر في الطريق أو وضع السم في الطعام وما أشبه مما يؤذي المسلمين كما أنه لا خلاف بين العلماء على أن كل ما يحقق مصلحة غالبة للأمة يكون مباحا كزرع ثمار العنب فإنه يؤدي إلى صنع الخمر ولكن زرعه ليس لذلك أصلاً، وإنما المقصد الأصلي من زرعه إنما هو الانتفاع المباح ولذلك يقول الله تعالى: (وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)، «سورة النحل: الآية 67»، فالعبرة هنا للغالب والشائع والمعروف لا للنادر. واستدل العلماء بآيات من القرآن الكريم على اعتبار الذرائع من تشريع الأحكام ومنه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، «سورة البقرة: الآية 104»، والمراعاة هنا هي الإنظار والإمهال وأصلها الرعاية والنظر في مصالح الإنسان وقد حرفها اليهود فجعلوها كلمة سب مشتقة من الرعونة والحمق ولذلك نهي عنها المؤمنون لئلا يكون ذلك ذريعة إلى أن يقولها اليهود للنبي - صلى الله عليه وسلم - تشبها بالمسلمين وقوله تعالى: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ...)، «سورة الأنعام: الآية 108»، فقد نهى الله تعالى عن سب آلهة المشركين لأنها ذريعة لسب المشركين لله تعالى وقوله تعالى: (... وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ...)، «سورة النور: الآية 31»، فقد نهى النساء عن أن يضربن الأرض بأرجلهن في مشيتهن ليسمع الرجال صوت خلخالهن؛ لأن هذا ذريعة إلى تطلع الرجال إليهن فتتحرك فيهم الشهوة وفي هذا مفسدة كبيرة ومثل ذلك التزين الزائد على الحد والتعطر عند الخروج من البيوت ولو كان ذلك للخروج للصلاة ولذلك قال الرسول - صلى الله عليه وسلم: «إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً». حجية الذرائع ومن الأحاديث الدالة على حجية الذرائع ما رواه مسلم عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: ثلاث ساعات كان ينهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن أمواتنا حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تميل الشمس للغروب والحكمة من ذلك أنها أوقات سجود المشركين للشمس فالنهي عن الصلاة في هذه الأوقات سد لذريعة المشابهة الظاهرة التي هي ذريعة إلى المشابهة في القصد من فعل المشركين ومن الأدلة أيضاً قوله - صلى الله عليه وسلم: «إن الحلال بين وإن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه». ومن الأحاديث عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما أن عمر - رضي الله عنه - حمل على فرس في سبيل الله فوجده يباع فأراد أن يبتاعه فسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: «لا تبتع ولا تعد في صدقتك»، فنهي النبي - صلى الله عليه وسلم عن شراء الصدقة إنما كان سداً لذريعة عودة الإنسان فيما خرج منه ولو بعوض؛ لأنه قد يكون ذلك وسيلة للتحايل على الفقير بأن يدفع إليه صدقة ماله ثم يستردها بطريق الشراء بغبن فاحش. سد الذرائع استدل العلماء على سد الذرائع بما وقع من الصحابة - رضي الله عنهم - من أعمال وأقوال كثيرة تدل على هذا الاعتبار ومنها ما روي أن الناس بعد وفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم- وفي خلافة عمر كانوا يأتون إلى الشجرة التي كانت بيعة الرضوان تحتها فيصلون عندها، فقال عمر: أراكم أيها الناس رجعتم إلى العزى ألا لا أوتي منذ اليوم بأحد عاد لمثلها إلا قتلته بالسيف كما يقتل المرتد ثم أمر بها فقطعت، فقد خاف عمر من أن يرجع الناس إلى عبادة الأوثان بالتدرج وبخاصة من يأتي بعدهم فيسيرون على هذا النهج.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©