السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الساعات السويسرية ومكافحة الفساد!

29 يونيو 2015 23:57
قد يصدّق البعض القول إن الانخفاض بنسبة 8,9% في صادرات الساعات السويسرية في شهر مايو الماضي مرتبط بإطلاق ساعات «أبل» الذكية، ولكن هذا زعم غير مؤكد ورد فعل غير محسوب. وعلى الرغم من ذلك، فربما يكون من الأجدر إلقاء اللوم على الحملة الصينية ضد الفساد. وتشير المؤشرات الأولية إلى أن ساعة «أبل» ليست من بين نجاحات الشركة الجامحة. ووفقاً لشركة أبحاث «سلايس إنتيليجينس»، فإن الشركة قد باعت نحو 2,8 مليون ساعة منذ شهر أبريل . وإذا كان هذا صحيحاً، فإن الشركة تسير بمعدل 1,5 مليون قطعة تقريباً في الشهر. وليس هذا بالقدر الكبير مقارنة بهواتف أيفون الذكية -التي باعت 61,2 مليون هاتف في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام- وحتى مع أجهزة «آيباد» (تم بيع 12,6 مليون وحدة في الفترة المذكورة). وبطبيعة الحال، فإن هذا لا يزال كثيراً مقارنة بصناعة الساعات السويسرية، التي تصدر أكثر قليلاً من مليوني ساعة شهرياً، في حين تنتج الصين 175 مليون ساعة شهرياً. ومن السهل تفسير ضعف أداء الصناعة من خلال الإشارة إلى أن أيام العمل في شهر مايو 2015 كانت أقل بيومين منها في مايو 2014، وهذا النقص يعادل تقريباً صادرات يومين. وفي أوروبا، على الرغم من عامل التقويم، حققت صادرات الساعات زيادة بنسبة 3% في مايو، و9% في خلال عام حتى اليوم، حيث ساهم ضعف «اليورو» في زيادة عدد السائحين. ولم تعرقل ساعات «أبل» هذا النمو، ولا حتى الفرنك السويسري القوي. ولكن على المستوى العالمي، فإن تجارة الساعات السويسرية لا تنمو. ويرجع هذا إلى الانخفاض الحاد في المبيعات في هونج كونج، أكبر أسواق التصدير. فقد انخفضت الصادرات إلى هذه المنطقة الإدارية الخاصة بنسبة 33,6% في مايو، بعد انخفاض نسبته 30% في أبريل. ولا يمكن تفسير هذا النوع من الكوارث من خلال تقلبات معدل الصرف أو حتى التراجع العام في تجارة التجزئة في هونج كونج، والناجم عن تناقص عدد السياح القادمين من الصين. وربما يكون أفضل تفسير له علاقة بالدور الذي تلعبه الساعات السويسرية في الفساد في شرق آسيا! ففي 2013، اكتشف «شياوهوان لان» و«وي لي»، خريجا كلية تشونج كونج للأعمال، أن واردات الساعات الفاخرة تزيد بصورة كبيرة في كل مرة تقوم فيها الصين بتغيير شاغلي المناصب العليا، وهو ما يحدث كل خمس سنوات. وأضاف الباحثان أنه «خلال فترات تغيير المراكز القيادية، فإن الموظفين المؤهلين للترقية يكون لديهم الدافع لإرسال هدايا أو أموال إلى المسؤولين الذين لديهم نفوذ على هذه العملية. وعندما يكون من المتوقع تثبيت فريق جديد، يكون أصحاب الأعمال، والمسؤولون، في حاجة أيضاً إلى إقامة علاقات وثيقة ومشاريع جديدة بين القطاع الرسمي وقطاع الأعمال». وتلعب الساعات دوراً كبيراً في هذه التبادلات لأنها صغيرة (ولذلك فمن السهل تقديمها دون لفت الأنظار) لكنها باهظة الثمن -ويبلغ متوسط سعر الساعات الفاخرة في الصين 5000 دولار- ومن السهل بيعها عند الضرورة. وقد كتب «شياوهوان» و«لي» عن الساعات السويسرية: «نظراً لختم العلامة التجارية الخاصة بها، فإنه غالباً ما يتم تزوريها. وفي حين أن هذا قد يكون غير متوقع، إلا أن الوجود الواضح لعمليات التزوير ربما يزيد في الواقع من الرغبة في الحصول على الساعات الأصلية باعتبارها وسيلة محتملة لتبادلات الفساد». ومن بين الخطط التي تم طرحها على منتديات الإنترنت أن تقدم ساعتين، إحداهما أصلية، والأخرى مزورة. وإذا ما حدث تحقيق في هذا الأمر، فإن المتلقي يبرز الساعة المزورة، التي تقل قيمتها عادة عن 200 «يوان». وفي عهد الرئيس «شي جينبينج»، فإن حملة مكافحة الفساد بلا هوادة -والتي تحظر حتى تقديم ساعات الإعلانات كهدايا للقادة– قد أضرت بمبيعات العديد من القطع الفاخرة. وعلى الرغم من ذلك، يعاني بائعو الساعات الفاخرة أكثر من أي شخص آخر. وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال «جون أيدول»، الرئيس التنفيذي لشركة منتجات «مايكل كورس»: «إن (الأيفون) وغيره من الهواتف الذكية، وليس ساعات (أبل)، يؤدي إلى تدهور مبيعات الساعات في الولايات المتحدة». وأضاف: «من الواضح أن هناك عملاء أصغر، ولاسيما في الولايات المتحدة ممن يرتدون ساعات أقل لأنهم يرون أن بإمكانهم معرفة الوقت من الأيفون». وينبغي أن يشعر صانعو الساعات السويسرية بالقلق من مكافحي الفساد على الأقل بنفس قدر قلقهم من «أبل». وقد تكون حملات مكافحة الفساد في بعض أسواق الصناعة الكبرى، مثل إيطاليا أو إسبانيا، مؤلمة. ليونيد بيرشيدسكي* *كاتب روسي مقيم في برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©