الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا.. مَن حلفاؤها في العراق؟!

29 يونيو 2015 23:56
في يوم الاثنين الماضي، نشرت خدمة «بلومبيرج» الإخبارية قصة نقلاً عن «مسؤولَيْن من إدارة أوباما» لم تشر إليهما بالاسم تشير إلى أن جنوداً أميركيين، يتقاسمون قاعدة عسكرية في محافظة الأنبار العراقية مع مليشيتين شيعيتين. وهنا يقفز إلى الذهن سؤالان: هل هذا صحيح؟ وما دلالاته إذا تبين أنه صحيح فعلاً؟ تقول الولايات المتحدة إن التقرير خاطئ في معظمه، وليس في كله. وفي هذا السياق، قال العقيد «ستيف وارن»، المتحدث باسم البنتاجون، للصحافيين هذا الأسبوع إن أحد الشروط الأميركية لإرسال 450 جندياً إلى قاعدة «التقدم» الجوية في الأنبار -الواقعة في منتصف الطريق بين الفلوجة التي يسيطر عليها تنظيم داعش والرمادي- كان إزالة معظم المليشيات الشيعية وأي ضباط أو جنود إيرانيين موجودين هناك. وقد بقي بعض ضباط الاتصال، ولكن القوات الأميركية منفصلة عنهم والحكومة العراقية «تساعد من أجل تنسيق فصل المجموعتين»، وفق العقيد «وارن». إنه تذكير بالخيارات غير المريحة التي يفرضها العراق على الولايات المتحدة منذ 2003. فغزوه وخلع صدام حسين ساعد على وصول السياسيين الشيعة إلى السلطة، وكان كثير منهم يعيشون في المنفى تحت الرعاية الإيرانية قبل سقوط صدام. وقد ساعد هؤلاء السياسيون على تمويل إنشاء جيش وشرطة عراقيين جديدين يعجّان برجال المليشيات الشيعية. ثم هناك أيضاً رجال القبائل السنية الذين أقنعتهم الولايات المتحدة لاحقاً بتغيير معسكرهم ومحاربة تنظيم «القاعدة» في العراق، الذي تحوّل إلى تنظيم «داعش». وكان من نتائج ذلك أن الجنود الأميركيين عملوا في أحيان كثيرة إلى جانب السنة والشيعة العراقيين، الذين كانوا يحاولون قتلهم بالأمس القريب. وفي 2005، كنتُ في قاعدة صغيرة بمحافظة الأنبار، حيث كانت قوات «المارينز» الأميركية بصدد استعادة مدينة هيت من تنظيم «القاعدة» في العراق. فوصلت مجموعة من الجنود العراقيين الجدد إلى القاعدة بعد أن تم تجنيدهم وتدريبهم من قبل القوات الأميركية. وقد كان قائد قوات «المارينز» في الموقع متأثراً جداً جراء هؤلاء الجنود الجدد، الذين بدوا مستعدين للقتال. وتبين أنهم كانوا جميعاً شيعة من الجنوب، فقد كان لدى الكثير منهم شعارات طائفية على أسلحتهم. وبعضهم تحدث بشكل جيد عن السياسيين الشيعة، الذين كانوا يسيطرون على المليشيات. وأنا على يقين أن كثيرين منهم استُقدموا من المليشيات الشيعية المدعومة من إيران. واليوم، تبحر الولايات المتحدة في مياه خطرة جداً في العراق. فرئيس الوزراء الشيعي حيدر العبادي يعتمد على المليشيات الشيعية، التي خضع كثير منها للتدريب والتجهيز والتوجيه على يد إيران من أجل محاربة تنظيم «داعش». ولما كانت الضربات الجوية الأميركية كثيراً ما تنفذ بتنسيق مع الهجمات الميدانية من أجل استعادة مدن مثل تكريت، فإن الولايات المتحدة عملياً تتعاون مع إيران! واليوم، تروّج أميركا لضرورة تسليح وتدريب مقاتلي العشائر من أجل استعادة مدن مثل الفلوجة والرمادي، ثم مدينة الموصل الأكبر في نهاية المطاف. بيد أن احتمال ألا يكون أي من المقاتلين، الذين ينضمون إلى هذا الجهد، إن كتب له أن يتم، قد تورط في المقاومة المسلحة ضد القوات الأميركية يظل ضئيلاً للغاية. والواقع أن هذا لم يكن مشكلة في العراق فحسب. ففي أفغانستان، كانت ثمة 58 هجوماً من قبل الجنود ورجال الشرطة الأفغان على الجنود الأميركيين ضمن قوات «الناتو»، ما أسفر عن مقتل 75 شخصاً في 2012-2013، وإنْ كانت المشكلة قد قلت منذ ذلك الوقت. ولكن عملياً كان الجنود الأميركيون يرابطون أحياناً في قواعد مع متعاطفين مع «طالبان». إن حقيقة تعريض الجنود الأميركيين للقتل على أيدي حلفاء سابقين، يمكن أن تُستعمل للحجاج ضد المشاركة في النزاعات أصلًا، غير أنه حالما تنخرط الولايات المتحدة، يصبح التعرض للخطر -وأحياناً التعاون– أمراً لا مفر منه تقريباً. دان ميرفي* * محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©