الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سن التقاعد: سجال فرنسي

28 سبتمبر 2010 22:22
أنيتا إيلاش - باريس خرج العمال الفرنسيون يوم الخميس الماضي للمرة الثانية هذا الشهر في مظاهرات احتجاجية ضخمة وحاشدة مناوئة لمخططات الحكومة لرفع الحد الأدنى لسن التقاعد من 60 إلى 62 عاماً. وفي العاصمة باريس، شق عشرات الآلاف من المتظاهرين من مختلف الأعمار طريقهم عبر وسط المدينة هاتفين أناشيد احتجاجية ورافعين لافتات تحمل شعارات من قبيل "سجناء العمل" و"حان الوقت لإحالة ساركوزي إلى المعاش"، في إشارة إلى الجدل الذي أثير حول طرد الغجر. كما شهدت مدن وبلدات أخرى عبر فرنسا مسيرات مماثلة، وتسببت الإضرابات في المدن الكبيرة في فوضى واضطرابات بالنسبة للمسافرين نتيجة إلغاء حوالي 50 في المئة من القطارات والرحلات الجوية الوطنية والجهوية في المطارات الفرنسية. وقد اعتبر المنظِّمون المسيرات ضرورية وأساسية في معركتهم ضد إصلاح نظام التقاعد، لكن من غير الواضح من فاز في هذه الجولة. فقد أعلنت النقابات أن المشاركة في هذه المظاهرات كانت مكثفة وأعلى من المظاهرات التي نُظمت في وقت سابق من الشهر، عندما خرج ما بين مليون وثلاثة ملايين شخص إلى شوارع المدن الفرنسية؛ ولكن تقديرات الشرطة تضع العدد في مستوى أدنى بكثير، وجاء في بيان صادر عن قصر الإليزيه أن ذلك يُظهر أن الفرنسيين باتوا مستعدين لوضع السجال وراءهم. لكن العديد من العمال يقولون إنهم مستعدون للاستمرار على النهج ذاته، على الرغم من التصورات الشائعة التي ترى أنهم ببساطة أكثر كسلا من أن يقبلوا بما سيكون مع ذلك أصغر سن تقاعد في أوروبا. وفي هذا الإطار، يقول جون بيير ليزويف، مدير قسم الإلكترونيات في عملاق النقل الفرنسي "تاليس"، إنه يعمل منذ 37 عاماً وقد بات منهكاً، ولا يقدر على الاستمرار في العمل إلى الستينيات من عمره، مضيفا: "لقد ضقت ذرعاً... عندما تصبح في سني وتكون قد عملت فترة طويلة مثل تلك التي عملتها، فإنك سترى إذا كنت سترغب في العمل لسنتين إضافيتين". بعض الخبراء يقولون إن الشكاوى من هذا النوع تشرح لماذا يتسبب مقترح إضافة عامين إضافيين إلى حياة العمل الفرنسية في كل هذا الصخب والضجة، إذ تُظهر الدراسات السنوية التي تجرى لحساب المفوضية الأوروبية، وتبحث المواقف تجاه العمل أن الفرنسيين، إلى جانب الإيطاليين والإسبان، هم من بين أكثر العمال تعاسة في القارة الأوروبية. وفي هذا السياق، يشير هنري ستيردينياك، الخبير الاقتصادي بـ"مركز البحث الاقتصادي" في باريس، بأصبع الاتهام إلى هيكلة العمل القائمة على الهرمية داخل الشركات الفرنسية والتي قلما تفسح المجال أمام التطور المهني أو الترقية، ذلك أن تقييمات الأداء نادرة، والمفاوضات حول ظروف العمل قليلة عملياً. ويقول ستيردينياك: "إن العامل في أسفل الهرم يشعر كما لو أنه مضغوط دائماً ولا يُستشار أبداً. وبحلول نهاية مشواره المهني، يكون منهكاً وفاقدا للاهتمام؛ وبالتالي، فلا عجب أنه يرغب في المغادرة". واللافت أن رضا العامل انخفض أيضاً منذ أن تم اعتماد الـ37 ساعة عمل في الأسبوع، وذلك لأن معظم الناس يجبرون على القيام بالمهام ذاتها ولكن في وقت أقل، كما يقول "ستيردينياك". أما العمال مثل دانييا كيتو، التقني المتخصص في التكييف الهوائي، فيعبّرون عن قلقهم وخشيتهم من أن يرغموا على ترك وظائفهم ويصبحوا غير قادرين على إيجاد عمل جديد حتى قبل أن يبلغوا 62 عاما إذ يقول: "أخشى أنه في حال تم رفع سن التقاعد، فسيصبح لديّ عامان إضافيان في البطالة؛ وفي النهاية لن أكون قد عملتُ فترة كافية للاستفادة من معاش كامل". وتعليقا على هذا الموضوع، يقول "ستيردينياك" إن كيتو لديه تخوفات شرعية حيث تُظهر استطلاعات الرأي أن البطالة بين العمال الفرنسيين الذي تفوق أعمارهم 55 عاماً ارتفعت بشكل دراماتيكي بعدما تم خفض سن التقاعد من 65 إلى 60 في 1983، وإنها تعد اليوم من بين الأكثر ارتفاعاً في أوروبا. وعلى الرغم من أن كثيرين يرغبون في العمل حتى سن الستين، فإن العمال الفرنسيين يرغَمون في المتوسط على ترك وظائفهم في سن الثامنة والخمسين. ويقول ستيردينياك: "هناك مشكلة حقيقية تتعلق بالتمييز العمري حالياً في فرنسا؛ وما لم يتغير ذلك مع إصلاح نظام التقاعد، فإننا سنتسبب في مشكلة بطالة جديدة تماما". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©