الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«فن أبوظبي» جسر إلى العالم

«فن أبوظبي» جسر إلى العالم
23 أكتوبر 2017 21:34
بقلم : سيف سعيد غباش* يشير تقرير اليونسكو العالمي الذي حمل عنوان «الاستثمار في التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات» إلى الفنون كإحدى الوسائل الفعَّالة للتصدي لوجهات النظر الأحادية والتكيف مع بيئة اجتماعية متنوعة ثقافياً، ومن خلال الفنون يتم تنمية فهم وإدراك الناس للتنوع الثقافي وتقبله. لذلك تأخذ الفنون حيزاً كبيراً من اهتمامات دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي. تُوازن خططنا الداعمة للفنون على مختلف أنواعها وأنماطها، ما بين المزج بين التوجهات العالمية، والعمل على توفير الإمكانيات والوسائل والبيئة المناسبة لنمو وازدهار الحركة الفنية في المجتمع المحلي، بالإضافة إلى رعاية ونشر الفنون التراثية الأصيلة، فهناك العديد من البرامج التي تحاكي التنوع في التوجهات الثقافية والفنية والتعليمية، وهي برامج تبني القدرات، وفي الوقت نفسه ترفد سكان الإمارة وزوارها بتجربة ثقافية فريدة. ولا يخفى على أحد الدور الريادي الذي لعبه عدد كبير من الفنانين الإماراتيين، خصوصاً الراحل الكبير حسن شريف الذي يعد عراب الفن المفاهيمي في الخليج العربي في نشر فكرة التنوع الثقافي والفني وإقامة جسر بين الفنون المحلية، وتلك العالمية، وجذب اهتمام الجمهور للأشكال الفنية الجديدة وجعلهم ينخرطون في النقاشات حول مضامين الفن وأشكاله وعلاقتها بالمجتمع، ومن هنا كانت دائرة الثقافة والسياحة حريصة على دعم الاتجاهات الفنية الإماراتية، ولا سيما الشبابية منها، إدراكاً منها للدور الكبير الذي تؤديه في إثراء المشهد الثقافي الإماراتي وربطه بالعالم. نموّ الذوق الفني لعل إطلاق مركز متخصص للتصوير الفوتوغرافي في «منارة السعديات» هو من أحدث المبادرات لدعم الحركة الفنية النشطة، غير أن هناك مشاريع سابقة كانت قد ترسخت عبر الزمن، مثل «المرسم الحر» الذي يعد معهداً فنيا متخصصاً في تعليم الفنون، وكان له دور فاعل في تأهيل وصقل مواهب العديد من الفنانين الذين أصبحت لهم مكانة مرموقة محلياً وإقليمياً، كما أن تنظيم سلسلة المعارض الاحترافية والعروض والأعمال الفنية والمسابقات التفاعلية والجلسات الحوارية المصاحبة للمهرجانات والفعاليات التي تنظمها الدائرة على مدار العام، قد كشفت عن تفاعل الجمهور مع مثل هذه الأعمال الفنية والإبداعية، وهذا أمر يدل على نمو الذوق الفني عند الجمهور، ولا يخفى على أحد أن ذلك يعد أحد محفزات الحراك الفني، بما يسهم في ترسيخ مكانة إمارة أبوظبي كوجهة مستدامة للفن والثقافة، كترجمة عملية لمبادئ السياحة الثقافية القائمة على جذب السائح النوعي الباحث عن المعرفة. أكثر من سوق ومن التجارب الفنية المميزة، نعتقد أن «فن أبوظبي» هو إحدى التظاهرات الثقافية الأساسية في العاصمة، فهو ليس مجرد سوق فني فحسب، بل يعد من أبرز الفعاليات الثقافية التي تترك أثرها على المدينة كلها، وفي الوقت الذي تحتضن فيه منارة السعديات أعمالاً فنية عالمية من 47 صالة فنية في نوفمبر المقبل، فإن بعض الأعمال الفنية ستعرض في أماكن متفرقة من المدينة كما جرت العادة، مثل الكورنيش، الموقع الحيوي على شاطئ البحر، أو في عدد من المواقع المختارة من الأماكن العامة، لتكون الأعمال الفنية في متناول الجميع، كما سيجري تنظيم بعض الفعاليات التفاعلية المصاحبة داخل صالات وساحات المدينة برنامج فالأعمال الفنية بذلك تتخطى جدران المعرض، في خطوة لإثارة اهتمام رجل الشارع العادي وتشجيعه على المشاركة في أعمال فنية تفاعلية، تثير الدهشة والتساؤل وتنمي الوعي بمختلف القضايا الإنسانية، أو تناقش قضايا مألوفة وفق تصورات جديدة، ليثير الفن وفقاً لهذا المفهوم قدراً عالياً من النقاش والتفاعل يفضي إلى التأمل والبحث في دوافع هذا الفن وتأويلاته، خاصة أن الفنون لم تعد اليوم مجرد أعمال جمالية فقط، بل أصبحت تكشف عن أعماق الإنسان المعاصر وعلاقته بما حوله وموقفه منها. تفاعل هناك ظاهرتان ترتبطان بـ«فن أبوظبي» بشكل خاص استطعنا أن نرصدهما في السنوات الماضية، ممثلتان في تعطُّش الجمهور للتعلم بالفن، وتقبل الأعمال التي توصف بالغرائبية، فطوال أيام المعرض لا ينقطع سيل صغار السن المتدفقين على القاعات المخصصة للبرنامج التعليمي المصاحب، وبذلك نكون قد نجحنا في توفير حدث عائلي لا يهم المتخصصين فقط أو النخبة وجامعي الأعمال الفنية فقط، بل نكون قد خلقنا الاهتمام لدى غير المتخصصين، والأهم من ذلك أن الآباء والمعلمين أصبحوا يثقون في هذا الحدث لتعليم الصغار فنوناً من عصرنا، أو اكتساب مهارات غير التي يتعلمونها في مناهجهم الدراسية. والحال نفسه ينطبق على الجلسات الحوارية الفنية المتخصصة التي تصاحب الحدث، فهي دائماً مكتظة بالحضور المشغولين بالأسئلة العميقة التي يطرحها الفن المعاصر. أما برنامج «دروب الطوايا» الذي بدأنا تقديمه منذ 4 سنوات، فقد شهد تفاعلاً حميماً فاق توقعاتنا، حيث نجح التحدي الذي خضناه في إثارة اهتمام الجمهور عند عرض الفنون غير المألوفة، فكانت كل فنون الأداء بمختلف مفاهيمها محط اهتمام الجمهور بتنوع جنسياته وثقافاته، بما في ذلك عرض الفنانة اليابانية الافتراضية «هاتسوني ميكو» على الشاطئ، والتي تمثل تياراً خاصاً في التأليف الفني المنبثق عن العوالم الافتراضية المتنامية، وقبلها «ريموت أبوظبي» الذي صُمِّم خصيصاً لاستكشاف معالم المدينة بشكل عام موجه من قبل صوت مبرمج، ونتوقع أن تكون استجابة الجمهور هذا العام أكثر ترحيباً وتقبلاً، ومع تطوير قسم جديد لفن الشارع، في خطوة نود منها أن نستكشف مع الجمهور هذا الفن العفوي الذي يمارسه الكثير من الفنانين في الخفاء لكنهم يعبرون فيه عن عنفوان التفاعل مع القضايا الإنسانية الأساسية. وفي المجتمعات المتعددة الجنسيات، فإنه من الحكمة توفير وتهيئة مناخ عام لنمو وتطور الفنون وإتاحة فرصة التعبير الحر من خلالها، فهي تكشف عن آثار التغيرات الشديدة التي يعيشها الأفراد، حيث لا يمكن لأدوات القياس العادية تحديدها، فالوعي المتغير لا يترك أثراً واضحاً إلا أنه يمكنك تتبع أثره من خلال الإبداع. * مدير عام دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©