السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الطريق إلى حرب.. بالمصادفة!

23 أكتوبر 2017 21:33
تنتشر مخاوف داخل «البنتاجون» وخارجها من أن تؤدي التوترات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة إلى نشوب صراع بالمصادفة في شبه الجزيرة الكورية بسبب سوء تقدير محتمل أو خطأ فني. وخطر نشوب صراع لا يمكن تفاديه يؤججه زعيمان مندفعان مسلحان نووياً ويتبادلان علناً التهديدات، كما يحفز عليه أيضاً عدم التكافؤ الهش بين التفوق العسكري الساحق للولايات المتحدة والنظام المنعزل في بيونج يانج. والحرب الكلامية في الآونة الأخيرة قد تستحث الخطى نحو نشوب صراع. فقد وُضعت القوات الأميركية الموجودة في المنطقة في حالة تأهب عالية. وصرح مصدر عسكري لمجلة «فورين بوليسي» بأنه بعد الاختبار الصاروخي الذي أجرته كوريا الشمالية في منتصف سبتمبر، تلقت سفينة حربية أميركية تقوم بالحراسة في بحر اليابان «أمر تنبيه» بأن تستعد لإطلاق صواريخ «توماهاوك» على أهداف في كوريا الشمالية. وذكر مسؤول سابق رفيع في وزارة الدفاع أن أمر الاستعداد لإطلاق الصواريخ «ليس شيئاً غريباً، ولكنه مؤشر مهم إلى حدٍ كبير على تصاعد احتمال استخدام صواريخ توماهوك». وأمر التنبيه هو في الأساس إخطار للقوات بأن تكون مستعدة في حالة صدور أمر لها بالتحرك. وبالنسبة لصواريخ «توماهاوك»، فهذا يعني إعداد السلاح وتوجيهه ناحية هدف. والسفن البحرية والغواصات في المنطقة مسلحة بعشرات الصواريخ. وقد رفض مسؤولون عسكريون التكهن بالاحتمالات التي يمكن أن تتمخض عن إطلاق الصواريخ التي استخدمت هذا الصيف ضد مطار سوري استُخدم كقاعدة لإطلاق هجمات بالأسلحة الكيماوية. ويرى المسؤول البارز السابق في وزارة الدفاع أن كوريا الشمالية إذا أطلقت صواريخ على جزيرة جوام واليابان أو كوريا الجنوبية «يتعين بالتأكيد أن تكون صواريخ توماهاوك جاهزة في ظل تطور سريع الإيقاع، مثل هذا، إذا كان على الرئيس أو وزير الدفاع أن يتخذ قراراً بالرد على ضربة هجومية». وذكر مسؤولون عسكريون سابقون أن هذا قد لا يعني بالضرورة اقتراب وقوع عمل عسكري أميركي، بل يعني فحسب أن القادة يتخذون إجراءات احترازية ليكونوا مستعدين بمجموعة من الأسلحة إذا نشب صراع. ويرى المسؤولون السابقون أن الولايات المتحدة ستبحث على الأرجح الخيارات الأقل حدة، بما في ذلك الحرب الرقمية أو الحصار البحري قبل أن تفكر في إطلاق الصواريخ. ويعتقد تيد جونسون، القائد البحري السابق والباحث الحالي في مركز «نيو أميركا» البحثي غير الحزبي، أن «الهدف من أمر التنبيه هو دفع القيادات إلى التفكير في المشكلات، وليس في الواقع فعل أي شيء سوى التفكير. وشن ضربة بصواريخ توماهاوك يبدو مشؤوماً، ولكنني أظن أن الأمر يتعلق بالرد بضربة سريعة إذا اتخذ رجل الصواريخ قراراً غير عقلاني، وأقدم على استفزاز صريح». وقد رفضت وزارة الدفاع التحدث عن خطط الطوارئ أو حال صواريخ «توماهاوك» أو أي أنظمة صاروخية أخرى في شمال شرق آسيا. وصرح مسؤول بأنه «يتعين على الجيش الأميركي أن يحافظ دوماً على حالة مرتفعة من الاستعداد للتصدي لأي تهديد، بما في ذلك تهديدات كوريا الشمالية». ويأتي الأمر بتأهب القوات الأميركية في أعقاب سلسلة من الإطلاق الاستفزازي للصواريخ واختبار نووي أجرته كوريا الشمالية. ففي الثالث من يوليو، أطلقت بيونج يانج صاروخاً باليستياً عابراً للقارات بوسعه إصابة الأراضي الأميركية. وبعد شهرين، اختبرت أيضاً ما وصفته بأنه سلاح نووي حراري، وإذا صح زعم بيونج يانج، فهذا يعزز بشدة القوة التدميرية للترسانة النووية الكورية الشمالية. وبحلول سبتمبر، اشتبك الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون في تنابز بالألقاب. وينتاب القلق ضباطاً سابقين كباراً في الجيش من أن يؤدي استخفاف واشنطن بكوريا الشمالية إلى إقدام بيونج يانج على عمل أكثر استفزازاً. وقد أعلن وزير الخارجية الكوري الشمالي الشهر الماضي أن كيم يفكر في إطلاق صاروخ مزود بقنبلة نووية على المحيط الهادي، وهو إجراء عدواني قد يؤدي إلى رد عسكري من واشنطن. وقال ضابط سابق من الجيش، إن «الخطاب المثير للغضب قد يتمخض عن فعل ورد فعل، مما يؤدي إلى مبالغة الزعماء في الاستجابة، ويخرج فيه التصعيد عن نطاق السيطرة. وهناك زعماء وقعوا في شرك الحرب من قبل، ولكن لم تقع حرب بين قوتين مسلحتين نووياً قط من قبل». وقد حذر وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس من أن أي تهديد للولايات المتحدة يتضمن «جوام» أو أراضي حلفاء الولايات المتحدة سيقابل «برد عسكري هائل». وذكر ماتيس الشهر الماضي أنه ليس من الضروري أن يعرض الرد الولايات المتحدة أو المدنيين الكوريين في سيؤول لخطر، ولكنه لم يفصح عن نوعية الخيارات العسكرية المحتملة تلك. وكانت واشنطن قد أجرت مناورات عسكرية مع حليفيها كوريا الجنوبية واليابان، وأرسلت غواصات إلى مواني كوريا الجنوبية وحلقت بطائرات قصف استراتيجية فوقها قبالة ساحل كوريا الشمالية. وفي هذا السياق، أشار «يونج سوك لي» نائب المدير المساعد في المركز الجديد الخاص بـ«المهمة الكورية» في وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية «سي. أي. أيه»، إلى أن كيم وأسلافه تجنبوا دائماً الدخول في مواجهة حاسمة على رغم عدد من الاشتباكات المكثفة على مدار أعوام. وهذا يعني أن النظام يريد لنفسه الاستمرار. وأضاف «لي»: «الواقع أن آخر من يريد صراعاً هو كيم جونج أون. إنه يريد أن يحكم في سلام لفترة طويلة ثم يموت». ومن الجدير بالذكر أن الأجواء تلبدت من قبل عدة مرات في شبه الجزيرة الكورية أثناء الحرب الباردة، مما كاد يؤدي إلى اشتعال حرب بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق. ولكن الصراع الأميركي السوفييتي كان بين خصمين متكافئين، بينما الأزمة الكورية تضع أقوى جيش في العالم في مواجهة نظام فقير ومنعزل، ولكنه مسلح نووياً. وفي ظل عدم التكافؤ هذا، قد يرى الجانب الأقوى أن بمقدوره فرض إرادته على الجانب الأضعف الذي قد لا يصبح لديه خيار آخر سوى اللجوء إلى القوة النووية. وتباهى ترامب، على سبيل المثال، في الأيام القليلة الماضية بأن الدفاع الصاروخي الأميركي لا يُقهر، ولكن التكنولوجيا لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كامل. ويرى خبراء أن هذا قد يجعل القيام بضربة استباقية أكثر إغراء. وفي غضون الأزمة الحالية، أكد مسؤولون أميركيون كبار وأيضا رئيس هيئة الأركان الجنرال جوزيف دانفورد، على أن إدارة ترامب تركز على معالجة الأزمة مع كوريا الشمالية من خلال الدبلوماسية. ولكن البيت الأبيض أعلن أن الخيار العسكري غير مستبعد أيضاً. * كتاب صحفيون ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلمبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©