الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التلوث البيئي يهدد شواطئ لبنان ويدمر الطبيعة

التلوث البيئي يهدد شواطئ لبنان ويدمر الطبيعة
30 يونيو 2013 20:48
لا همّ ولا حديث للناس هذه الأيام، سوى التطرق إلى قضية التلوث البيئي، الذي يعتبر الشغل الشاغل للمجتمعات والدول والمؤسسات الحكومية في العالم كله. وإذا كان الماضي والحاضر مسكوناً بهاجسين، هما أسلحة الدمار الشامل وتلوث البيئة حالياً، فإنه قبل عقود ثلاثة، وتحديداً في الستينيات، كان هاجس الحرب العالمية الثالثة يقلق العالم والبشرية، إلى أن زال هذا الخطر من جراء تعادل وتوازن القوى. عماد ملاح (بيروت) - على الرغم من انحسار احتمال نشوب حرب كونية، فإن الأسلحة النووية والكيميائية المخزونة هنا وهناك، تشكل هماً يعصر قلب هذا العالم، مخافة أن تتسرب من مخازنها، كما حدث في مفاعل «تشيرنوبل» (سيبيريا). الآن نرى الرأي العام العالمي يبدي اهتماماً متزايداً بسرطان هذا العصر المخيف، المعروف بـ«التلوث البيئي». ولتلوث البيئة أسباب عديدة ومتنوعة، ومتفاوتة التأثير، تبدأ من لبنان لتنتهي في العالم بأسره. الأنهار والبحار والمحيطات تشهد الأنهار اللبنانية والمصبات والبحار في كل عام، أزمة نفايات كبيرة، نتيجة ما يقذف فيها من نفايات، ولا يعلم الإنسان أنه بذلك يتسبب بالضرر لنفسه، وأن تسعين بالمئة من هذه النفايات، تلتصق بالشواطئ وتهدد البيئة البحرية، كما أنها تتسبب في قتل الأسماك، والبحر المتوسط يعد أكثر بحار العالم تأثراً بالتلوث، حيث يصب فيه ما يعادل، ربع النفايات النفطية العالمية. كما أن الزراعة الصناعية اليوم تعتمد بشكل خاص، على استعمال السماد والأدوات المقاومة الطفيلية، كالرش ضد الحشرات والحيوانات الزاحفة، وإذا كانت هذه الوسيلة تحمي الزراعة بشكل عام، فإنها تضر بالبيئة والجو وتلوثهما، ويضاف إلى ذلك كميات النفايات التي يتم دفنها في الأرض بعد حرقها أو من دون ذلك أحياناً. الغابات لا تشكل حرائق الغابات تهديداً للبيئة فحسب، بل إنها تساهم في تدمير جمال الطبيعة، ولبنان أكثر بلد في نسبة الحرائق التي تقضي على كل أخضر فيه. ولابد من الإشارة إلى أن مداخن المعامل والمصانع والسيارات ومياه الأمطار الحمضية، تؤثر على جمال الأشجار والغابات، وتسبب لها الأمراض الكثيرة. ومثالاً على ذلك فقد فقدت أفريقيا خلال الثلاثين سنة الماضية، حوالي ثمانين بالمئة من ثروتها الحرجية، وفي لبنان إذا استمر الأمر على حاله، فإن غاباته والأشجار الحرجية فيه، والتي تعتبر «صيدلية» طبيعية كبيرة لمعظم الأمراض المنتشرة، ستتعرض للدمار بكل تأكيد، ويجب ألا ننسى، وكما يقول خبراء البيئة، إن الوظيفة العامة للغابات تكمن في أنها تلعب دوراً مهماً في تنظيم المناخ وضبط درجة الحرارة. المياه والنفايات والسيارات وكلنا يعلم أن لا حياة للإنسان والكائنات الحية من دون المياه، لكن مخاطر تلوث المياه الطبيعية تتزايد بوجود أسمدة تحتوي على مركبات فتاكة تهدد حياة الإنسان، في الوقت نفسه يزداد إنتاج النفايات بنسبة متزايدة سنوياً، ويمكن القول إن جميع نفايات العالم، يمكن أن تملأ قطاراً طويلاً، يتألف من ثلاثين مليون مقصورة. والى جانب التقدم التكنولوجي والاستخدام الواسع للسيارات في كل مكان من لبنان، والازدحام الذي يحدث في المدن الكبرى، فإن السيارات تلعب دوراً رئيسياً في انتشار التلوث، وتتسبب في كثير من الأحيان في الاختناق وضيق النفس ومرض الربو. ولا شك في أن التخفيف من استخدام السيارات يساهم في تخفيف التلوث. والجدير بالذكر أن السلطات اليونانية طبقت نظاماً خاصاً، قضى باستخدام السيارة مرة كل يومين، على أساس الرقم الفردي أو المزدوج، لتحديد جواز استخدام السيارة الخاصة، وربما اعتبر المحرك الكهربائي، إحدى وسائل التخفيف من التلوث، وتجري الشركات الأوروبية تجاربها، حول استخدام ذاك المحرك، بل إن بعضها بدأ الاستخدام الفعلي له. ولبنان طبق صيغة المفرد والمزدوج لناحية استعمال السيارة فيما مضى، للحدّ من التلوث و»زحمة السير»، إلا أن هذا القانون لم يدم استعماله طويلاً لأسباب مجهولة. الضغط الجوي إن معظم المكونات الطبيعية من خشب وفحم ونفط، تبعث في الهواء مليارات الأطنان من الغاز، مما يكون من شأنه إحداث تغييرات في الجو، لكن العلماء ومنذ بداية القرن الماضي، وجدوا زيادة ملحوظة في غاز الكربون، ويعني ذلك احتمال زيادة الحرارة والضغط الجوي، كما أن الأشعة الشمسية تحت الحمراء التي تقذفها الأرض في الجو، تستطيع حرق طبقات الجو كما يقول علماء الطقس الجيولوجيين في لبنان والعالم، وهذا ما يزيد الأمر خطورة على حياة الإنسان، وقد أكد هؤلاء العلماء، أنه كلما زادت كثافة الغاز، كلما زادت الحرارة المتوقعة على الكرة الأرضية، مما يهدد بارتفاع درجة الحرارة، وذوبان القمم الثلجية في القطبين الشمالي والجنوبي، وفي ارتفاع مياه المحيطات. وعلى الرغم من أن هذه الحســابات لا تزال فرضـية، فإن من الضــروري أن يبدأ المواطن بالتقليل من اسـتهلاك البنزين والفحم، لأجل التخفـيف من احتمال نشوب الحرائق في الغابات، والتي تندلع خاصة في فصـل الصيف. الأدوات المنزلية إن جميع الأدوات المنزلية كما يشير الخبراء المعنيون، يمكن اعتبارها أدوات كيميائية، وتشكل سبباً رئيسياً لتلوث البيئة، وتتسابق المصانع والشركات بإنزال منتجاتها المتنوعة إلى الأسواق المحلية والعالمية، فتصل إلى حوالي ألفي صنف من الإنتاج الكيميائي. ومن الواضح أن المخاطر تتزايد حين نعلم أن ذرات هذه الأدوات تتفاعل فيما بينها، لتشكل مادة جديدة. وإلى جانب ذلك فإن تســرب دخان المصانع يتجمع في شكل غيوم سامة، ويؤدي إلى تسمم المياه الطبيعية، ويضاف إلى ذلك الحـرائق الكيميائية والمواد المطاطية، تزيد في تلوث البيئي، وتترك آثارهـا في الجو والأرض. نمو الكثافة السكانية ربما تشكل مسألة الكثافة السكانية أهم أسباب تلوث البيئة، ويعود ذلك إلى زيادة النمو السكاني والديموغرافي. فقد وصل تعداد سكان العالم نهاية 2009 إلى نحو 6.9 مليار نسمة، بينما يقدر تعداد سكان العالم الآن بنحو حوالى 7.104 مليار نسمة، وتقدر الأمم المتحدة زيادة عدد سكان الأرض بمعدل 79 مليون نسمة سنويا بين عامي 2005 و 2015. ولا شك في أن الحد من النسل، يتطلب وعياً ثقافياً وخدمات إنسانية كبيرة، فضلاً عن ضرورة تحسين الأوضاع الاجتماعية للمرأة، ويحتاج كل ذلك إلى مبالغ ضخمة، توجه نحو الحياة الاجتماعية والثقافية والإنسانية، بدل توجيهها نحو صناعة الأسلحة والطاقة التدميرية، علماً بأن العالم ينفق ما يزيد على خمسة وثلاثين مليون دولار على التسلح «كل عشر دقائق».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©