الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نسائم تحمل منطاداً يستكشف بريّة كينيا بأبعادها الثلاثة

نسائم تحمل منطاداً يستكشف بريّة كينيا بأبعادها الثلاثة
28 سبتمبر 2010 22:07
قد يتراجع المرء في اللحظة الأخيرة ويتساءل “لم أصحو الرابعة فجراً من أجل رحلة في منطاد فوق ماساي مارا في بريّة كينيا الأفريقية؟”، ولكنه حين يخوض هذه التجربة سيعلم أنه سيخسر كثيراً لو سمح لنفسه بتفويتها. ولكن عدم معرفة الأشياء أحياناً يفقدنا الإحساس بأهميتها؛ فالإنسان لا يشعر بقيمة ما يفتقد إليه طالما أنه يفتقد إليه. وهكذا هي التجارب التي تلقب بتجربة العمر. بزوغ الفجر في مخيم تابع للحكومة الكينية، لم يكن الفجر قد بزغ حين توجه الحراس إلى الخيم لحث الراغبين في الالتحاق برحلة في فضاء كينيا في ماساي مارا، على التحرّك، وبعينين شبه مغمضتين بدأت الرحلة من مخيم إلى آخر حيث تنطلق في العادة المناطيد، وللوصول إليها لا بد من عبور نهر مارا بتعرّجاته المدهشة حين تراها وأنت محلّق في السماء، وبمخاطره الجمّة كأن يخطر لتمساح مثلاً أن يمرّ بالقارب الصغير ويقلبه أو ما هو أضخم من مثل حيوان البرنيق Hippopotam s الذي إذا رغب بالتثاؤب وحسب سيقضي بأسنانه الضخمة على القارب الصغير. لكن هذا لا يحصل، فثمة أمثولة رائعة يتعلّمها المرء في أفريقيا، حيث لا يزالون يحاولون المحافظة على البيئة بقدر المستطاع، وهي أن لكل كائن حي في هذا الكوكب قيمته ودوره وضرورته، وأن الحيوان لا يهاجم إلا دفاعاً عن النفس بالغريزة ولا يتناول طعاماً يفيض عن حاجته. ويشرح الكابتن المسؤول عن المنطاد سيباستيان ثام تفاصيل التسلق لدخول السلّة وضرورات الأمانة العامة وكيفية الهبوط، حيث يجب ألا يحيط بالعنق أي شيء لأن السلة تقلب مائلة إلى الأرض عندما يحط المنطاد بعد إطفاء ناره تدريجياً. تفكر بأول رحلة للمنطاد في العالم، وتتساءل إن كان الكوكب حينها أجمل على الرغم من أن ما تراه لا يمكن وصفه بالكلمات.. نهر مارا وسهولها وأشجارها وطيورها المحلقة وحيواناتها المهاجرة أو المستقرة في دائرة معينة.. الأسد يتبختر في مشيته وينظر إلى السماء حين يسمع صوت المنطاد وعشرة أمتار تفصلنا عن الأرض.. ينقل كل قدم كأنه يعلن امتلاكه لتلك المساحة بثقة عالية، وينظر بكل أبهة، ويبدو أنه اصطاد في الليل وشبع مع عائلته فتراه غير مهتم بالاقتراب من قطيع الغزلان أو الوحوش البرية أو الحمير الوحشية المرافقة لها دائماً.. وعائلة الزرافات تبدو هانئة وهي تمضغ ورق الشجر الأخضر، إذ ليس ثمة إحساس بالخطر يدهمها. فهم الطبيعة ليس في المكان إلا الإنسان يعاند الطبيعة وأحياناً يحارب الطبيعة ويقضي عليها بدل أن يفهم كنهها ويسير وفق ناموسها. تحار في هذه الروعة كيف يقضي الإنسان على ما يريحه، فلو كانت الطبيعة غير مريحة لما توافد الناس زرافات للإقامة في خيمة بدل الفندق تحت الخطر وإلى جانبه، فقد يفاجئك فيل ضخم في الصباح خارج خيمتك مباشرة وتسمع في الليل كأن جبلاً يزاح من مكانه وهو وعائلته يتمشون في ممرات المخيم، وأمامك نهر بات البرنيق الصغير فيه ضيفاً شبه دائم على المخيم... لكن إياك أن تقف بين البرنيق والماء.. “إياك أن تكون كحاجز يحول دون وصوله إلى الماء” هذا ما يحذرنا منه حراس المخيم الذين لا يتركون أحداً يتحرك على هواه ومن دون مرافقة.. إنها البرية فعلاً التي قادتنا إليها قناة الـ”ناشيونال جيوجرافيك” كي نتحدث عنها. إنها البرية التي تفاجأ فيها بأنك وإن اكتساك غبار التراب، ستجد بعد أن يحطّ بك المنطاد في “اللامكان” وسطها، حيث تضيع عنك حسابات خطوط الطول والعرض، ويختفي إرسال هاتفك الخلوي كأنها نعمة أن يكف شيء إلكتروني عن الرنين، حيث لا تعرف أين البحر وأين الحدود وأين هي حياة المدينة كلها، تفاجأ بمائدة فاخرة تمدّ لاستقبال المغامرين الصغار الصحفيين القادمين من مختلف أنحاء العالم بدعوة من قناة الـ”ناشيونال جيوجرافيك”، وطباخ ماهر يعدّ البيض المقلي والبانكيك الفرنسي واللحوم على الطريقة الأميركية والحبوب على الطريقة العربية، فيتناولون الفطور ومن ثم ينطلقون إلى مغامرة جديدة ولقاءات مباشرة مع النفس.
المصدر: كينيا
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©