السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الجمعيات التعاونية.. تراجع الدور الاجتماعي بحجة الأرباح ومنافـسة «عمالقة التجزئة»

الجمعيات التعاونية.. تراجع الدور الاجتماعي بحجة الأرباح ومنافـسة «عمالقة التجزئة»
9 سبتمبر 2018 01:36

تحقيق فهد الأميري:

ينتقد مستهلكون، الاتجاه العام الذي تتبناه الجمعيات التعاونية بالدولة، ويؤكدون أنها تخلت فعلياً عن دورها الأساسي في المحافظة على توازن الأسواق وتوفير السلع بأسعار معقولة، بل إن بعض الجمعيات تخطت ذلك لترفع أسعار العديد من السلع بما يفوق محال الهايبر ماركت الأخرى بالدولة، في الوقت الذي يؤكد فيه مسؤولون بجمعيات تعاونية التقتهم «الاتحاد» أنهم يسعون للمحافظة على أدوارهم الاجتماعية، مع تعظيم الربح والمكاسب للمساهمين، والتعامل مع التحديات المختلفة في سوق يتمتع بالكثير من المنافسة في قطاع التجزئة.
ويرى مستهلكون أن بعض الجمعيات، أضحت تنتهج سياسة الربح التجاري على حساب دورها الرئيس في خدمة المستهلك، موضحين أن أسعار السلع والمنتجات في هذه الجمعيات تفوق نظيرتها في منافذ البيع الأخرى، فضلاً عن تباين الأسعار وجودة السلع في الجمعيات التعاونية ذاتها على مستوى الدولة، ما أدى إلى إحجام العديد منهم عن التسوق في هذه الجمعيات واستبدالها بمنافذ بيع بديلة تتناسب وميزانيات الأسر.
في المقابل، أكد الاتحاد التعاوني الاستهلاكي أن التعاونيات الاستهلاكية صمام أمان أسواق التجزئة، وتعمل على استقرار أسعار السلع، وداعم للمجتمعات التي تعمل فيها، بما تقدمه من أعمال خيرية وإنسانية، منوهاً بأنه يتم التنسيق مع التعاونيات الاستهلاكية المنتشرة في الدولة بشكل دوري للتأكد من التزامها بأهدافها التي قامت من أجلها.

وأكدت إدارات بعض الجمعيات التعاونية بالدولة أنها تعمل على استقرار الأسواق، لكونها توفر منتجات التعاون ذات الجودة العالية وبأسعار تقل 20-30% عن أسعار المنتجات المماثلة لها في الجودة التي تباع في أماكن أخرى.
من جانبهم، طالب خبراء بدعم هذه الجمعيات لتحقيق الهدف الأساسي الذي أنشأت من أجله، المتمثل في تقديم سلع أساسية للمستهلك بأسعار مشجعة ومقبولة، مؤكدين أنه في ظل عدم توافر الدعم المناسب لهذه الجمعيات، فإنها ستفتقد التوازن الذي يجعلها تنافس محال الهايبر ماركت.
وحسب الاتحاد التعاوني الاستهلاكي، تستحوذ الجمعيات التعاونية الاستهلاكية على ما بين 20% إلى 25% من سوق تجارة التجزئة في الإمارات، ويبلغ عدد فروعها بنهاية العام الجاري 180 فرعاً، ووصل عدد المساهمين في الجمعيات التعاونية الاستهلاكية بالدولة إلى 77331 مساهماً بنهاية 2017، برأسمال مليار درهم بنهاية 2016.
أسعار أعلى
وتفصيلاً، قال عبدالرحمن العطار أحد المستهلكين، إنه كان يتوجه سابقاً إلى الجمعيات التعاونية لشراء جميع مستلزمات أفراد أسرته ومنزله، بما فيها مستلزمات المدارس الخاصة بأبنائه مثل القرطاسية والأقلام والدفاتر وحقائب المدارس، إلا أنه ومع الأسعار التي بدأت الجمعيات تعرضها على معظم السلع المعروضة فيها، أصبح يفضل التوجه إلى المتاجر الأخرى لشراء جميع السلع الاستهلاكية التي يحتاجها، لكون أسعار الجمعيات التعاونية أصبحت بمستوى أسعار هذه المتاجر، بل وتفوقها في بعض السلع، وتحديداً السلع الغذائية.
وأشار إلى أنه وفي ظل قلة إقبال المستهلكين على شراء سلعهم من الجمعيات التعاونية، عملت هذه الجمعيات على تقديم عروض على سلعها لإقناع المستهلك بالشراء، منها تقديم خصومات بنسب قد تزيد أحياناً على 40% لبعض السلع، كما تخصص عينات مجانية من بعض السلع للمستهلك تتمثل في تقديم عبوة له من مواد تنظيف أو معلبات أو مواد غذائية في حال اشترى عدداً محدداً منها، لافتاً إلى أن هذه العروض غير مجدية، لكون هذه الجمعيات تستوفي أرباحاً مضاعفة من سلع أخرى، كما أنه وفي أحيان أخرى يتفاجأ المستهلك بأن الأسعار على السلع المعروضة على أرفف الجمعيات تقل عن التي تحسب عليه في الفاتورة، ما يفقد ثقته بهذه الجمعيات ويعتبرها مجرد جهات ربحية فقط.
وشدد على أهمية تكثيف حملات التوعية الخاصة بالمستهلكين والتجار على حد سواء، وزيادة معرفتهم بحقوقهم التي يكفلها لهم قانون حماية المستهلك في الإمارات.
وطالب وزارة الاقتصاد بضرورة تثبيت أسعار السلع المعروضة في الجمعيات التعاونية، وتخصيص مفتشين للتأكد من تطبيق هذا النظام، وفي الوقت ذاته اتخاذ الإجراءات اللازمة كافة للحيلولة دون استغلال أصحاب محال البقالة و«السوبر ماركت» لعملية تثبيت الأسعار في جمعيات تعاونية، بشراء السلع بالأسعار المنخفضة، ومن ثم بيعها بأسعار مرتفعة في محالهم.

أرباح للمساهمين
وقالت ناعمة الكتبي إحدى مستهلكات الجمعيات التعاونية: «لاحظت تبايناً كبيراً بين أسعار السلع في الجمعيات التعاونية، فضلاً عن تباين جودة السلع، فالجمعيات التي تعتمد على بيع المنتجات التعاونية أو الوطنية تكون أسعارها مرتفعة مقارنة بالتي تبيع سلعاً مستوردة أو أجنبية».
ولفتت إلى أن المستهلكين كانوا يقبلون على الشراء من الجمعيات التعاونية، بغية الحصول على سلع بأسعار تتناسب وميزانيات الأسر، إلا أنه وفي ظل تحول هذه الجمعيات إلى مؤسسات تجارية تسعى بالدرجة الأولى للحصول على ربح مادي على حساب تقديم سلع بأسعار مناسبة، هذا الأمر جعل المستهلكين يتوجهون إلى محال «الهايبر ماركت» التي أصبحت منتشرة في معظم المناطق السكنية بالدولة، كما أنها تقدم عروضاً رائعة على السلع تتمثل في تقديم خصومات أو سلع مجانية عند شراء عدد محدد من بعض المنتجات، كما أن أسعارها تنافسية مقارنة بما تقدمه الجمعيات التعاونية، بل إنها أضحت تتفوق عليها.
وناشدت الجهات المختصة بالدولة الرقابة على أسعار السلع والمنتجات التي تباع في الجمعيات التعاونية وإلزامها بطلب ترخيص عند عزمها على رفع الأسعار، حتى تكون بقيم تتناسب وميزانيات المستهلكين.
ولفتت إلى أن بعض المساهمين في هذه الجمعيات يقنعون أقرباءهم وأصدقاءهم بالتوجه للشراء منها، بغية زيادة أرباحهم السنوية التي يحصلون عليها من إدارات هذه الجمعيات، ما يجعل العملية غير متوازنة أبداً، ففرق الأسعار التي تُحصلها هذه الجمعيات من بعض المستهلكين تسلمها لهم على هيئة أرباح سنوية.

العروض التجارية
ووافقتها الرأي المستهلكة فاطمة محمد التي أكدت أن العروض والتخفيضات التي تقدمها بعض الجمعيات على أنواع محددة من السلع والمنتجات، تقتصر على مواسم ومناسبات سنوية مثل شهر رمضان أو الأعياد، إلا أنها وفي الوقت ذاته ترفع أسعار بعض السلع التي كانت معروضة لديها سابقاً، دون وجود دافع أو مبرر لهذه الزيادة في الأسعار.
وأضافت أن معظم الجمعيات تخزن كميات كبيرة من المنتجات والبضائع في مستودعاتها الخاصة بها، ومع بدء مواسم محددة تبدأ في استبدال الأسعار السابقة بأخرى أكبر قيمة من سابقتها، فمثلاً مع اقتراب بدء العام الدراسي نلاحظ ارتفاع أسعار الحقائب المدرسية والمستلزمات المدارس التي تباع في الجمعيات التعاونية، على الرغم من أن السلع ذاتها كانت تعرض قبل هذه الفترة بأسعار أقل قيمة ومناسبة لمعظم المستهلكين، ما يؤكد أن معظم الجمعيات حولت أعمالها إلى تجارية ربحية بحتة لسد الخسائر التي تتعرض لها، وفي المقابل توجد جمعيات تعاونية ما زالت ملتزمة بالهدف الذي أسست من أجله، وهو تقديم منتجات وسلع متنوعة بسعر مناسب لمعظم المستهلكين.
وقالت: «ما يؤخذ على بعض الجمعيات التعاونية، لاسيما الصغيرة منها التي توجد في المناطق السكنية البعيدة، أنها تعرض بعض منتجات مثل الألبان والأجبان واللحوم لأيام متواصلة في البرادات الخاصة بها وتكتب عليها (طازجة) وهي خلاف ذلك تماماً».

عروض مفرحة
في المقابل، أكد سهيل البستكي، مدير إدارة السعادة والتسويق في تعاونية الاتحاد، أن تعاونية الاتحاد مستمرة في تقديم أفضل السلع والمنتجات لأفراد المجتمع وبأسعار تنافسية، مشيراً إلى أن تعاونية الاتحاد في دبي أنفقت أكثر من 114 مليوناً و743 ألف درهم، لتنفيذ 40 حملة ترويجية ضمن «عروض مفرحة» منذ بداية العام الجاري ولغاية نهاية شهر يوليو الماضي، منها 75 مليون درهم تم رصدها لخفض أسعار 15 ألف سلعة غذائية واستهلاكية أساسية خلال شهر رمضان الماضي، في إطار أهدافها الاستراتيجية الرامية إلى تنفيذ برامج تسوق جذابة وذات قيمة عالية، تعود بالفائدة على المساهمين والمستهلكين، وتطوير خدماتها التي تسهم في تقديم الأفضل لهم وفق أحدث المعايير العالمية، إضافة إلى دعم وخدمة المجتمع بما يخدم أهداف الدولة الاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف أن التعاونية تعتمد أساليب مختلفة لتقليل تكلفة السلع وتوفرها، حيث تتبع نظام الاستيراد المباشر، إضافة إلى التعاقد مع مصدري السلع والمنتجات من بلد المنشأ، ما يلغي الطرف الثالث وينعكس على تكلفة السلع، إلى جانب التعاقد مع المزارعين المحليين وتقديم الدعم والتوجيه لهم، بما يسهم في توفير كميات كافية من الخضراوات والفواكه بأسعار تنافسية ومقبولة.
وأشار إلى أن تعاونية الاتحاد كانت وما زالت تعمل لمصلحة الجمهور، باذلةً كل ما بوسعها من جهد ووقت ومال للحد من غلاء الأسعار، بل وفي كثير من الأحيان لتخفيض الأسعار من خلال عملها مع وزارة الاقتصاد والدوائر الاقتصادية بضخ مبالغ وصلت لـ75 مليون درهم.
وأضاف: من حق المستهلك أن يعرف أن التعاونية تعامل معاملة بقية المنافذ العالمية المنافسة من حيث الرسوم والمصاريف المختلفة، فلا توجد امتيازات خاصة بالتعاونية لدعمها مادياً، مطالباً الجهات المعنية بأخذ هذه المسألة بعين الاعتبار والنظر في الدور المجتمعي الكبير الذي تقوم به التعاونية لتحسين شؤون المنطقة في مختلف القطاعات مثل الصحي، الطبي، الأمني، التعليمي، الخيري وغيرها.
وأوضح البستكي: «إن تعاونية الاتحاد أكبر التعاونيات الاستهلاكية على مستوى الدولة بفروعها البالغة 13 فرعاً، كما تملك مركزي تسوق هما اتحاد مول والبرشاء مول، إضافة إلى استحداثها سلسلتي متاجر الأولى تحت مسمى (كووب coop)، والثانية تحت مسمى فريش ان 1 الوقفية، وتعتبر الأولى من نوعها على مستوى العالم، والسلسلة الأخرى تمثل مفهوماً جديداً للتسوق، كما أنها أول تعاونية استهلاكية في الشرق الأوسط، أدرجت مفهوم التسوق الذكي في عدد من فروعها، وتسهم تعاونية الاتحاد بشكل مباشر بدعم استقرار الأسعار من خلال الحملات الترويجية التي تنفذها».

صمام الأمان
من جهته، أكد سعيد بن خلفان مطر الرميثي، نائب رئيس مجلس الإدارة جمعية بني ياس التعاونية، أن وجود الجمعيات التعاونية في السوق تعتبر هي صمام الأمان بالنسبة للمستهلك، لكونها توفر منتجات التعاون ذات الجودة العالية وبأسعار تقل 20-30% عن أسعار المنتجات المماثلة لها في الجودة التي تباع في أماكن أخرى، فضلاً عن أن أي جمعية تعاونية هي مؤسسة وطنية بنسبة 100%، لذا فإن ما تحققه من أرباح يعود بالنفع علي مساهميها؛ إذ تسهم الجمعية بـ 10% من صافي الأرباح السنوية في شؤون تحسين المنطقة التابعة لها، فضلاً عن مساهمتها في الأعمال الخيرية.
وأضاف: «تعد الجمعيات التعاونية أداة للتواصل الفعال مع الجهات الحكومية المختلفة فيما يتعلق بالمساهمات الخيرية مثل هيئة الهلال الأحمر ومؤسسة خليفة للأعمال الخيرية وصندوق الزكاة، بالإضافة إلى أن الجمعيات، تتولى سنوياً تدريب بعض طلاب المدارس علي العمل التعاوني بفروعها المختلفة بالتعاون مع إدارة التعاونيات بوزارة الاقتصاد».
وأشار الرميثي إلى أن جمعية بني ياس التعاونية تم إشهارها بمقتضي قرار وزاري قبل نحو 28 عاماً، وذلك نظراً لما تقتضيه المصلحة العامة وبغرض الارتقاء ورفع مستوى أعضائها اقتصادياً واجتماعياً، والذين بلغ عددهم حالياً 396 عضواً جميعهم من مواطني دولة الإمارات، كما أن من ضمن أهداف تأسيس الجمعية تحسين شؤون المنطقة التي تتبعها من الناحيتين المادية والاجتماعية، فضلاً عن مساهمات الجمعية المستمرة في الأعمال الخيرية المختلفة، وذلك طبقاً لطبيعة الأغراض التي تأسست من أجلها والمقررة بموجب القانون الاتحادي رقم 13 لسنة 1976 في شأن الجمعيات التعاونية، كما تهدف الجمعية إلى حماية المستهلك، وتقديم السلع والخدمات بأسعار منافسة للمواطنين والمقيمين علي أرض الدولة.
وقال: «تمتلك الجمعية خمسة فروع موزعة على مناطق اختصاص عمل الجمعية، كما ستقوم الجمعية بافتتاح فرعين جديدين ببني ياس والمفرق مع نهاية عام 2019، كما تخضع للإشراف الكامل من قبل إدارة التعاونيات بوزارة الاقتصاد، علاوة على أن الجمعية هي عضو في الاتحاد التعاوني الاستهلاكي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وتعرض في فروعها العلامة الخاصة بالاتحاد التعاوني، وهي منتجات التعاون والتي تباع فقط في فروع الجمعيات التعاونية بالدولة، وقد اكتسبت علامة التعاون ثقة المستهلكين على مدى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، ويتم تصنيعها من خامات عالية الجودة وبواسطة منتجين ذوي سمعة جيدة وموثوق بهم، سواء في الداخل أو الخارج، وأن منتجات التعاون تغطي الاحتياجات اليومية للمستهلكين والتي بلغ عددها حوالي 600 سلعة تحمل شعار التعاون».

دور مهم في كبح جماح ارتفاع الأسعار

من جانبه، أكد الاتحاد التعاوني الاستهلاكي أن التعاونيات الاستهلاكية صمام أمان استقرار أسعار السلع في أسواق الدولة، وداعم رئيس لقطاع المساهمات المجتمعية والأعمال الخيرية وخدمة المجتمع.
وأضاف أن التعاونيات الاستهلاكية تلعب دوراً مهماً في كبح جماح ارتفاع الأسعار، إلى جانب مراقبتها ورصدها بشكل يومي، مشيراً إلى أن التعاونيات في كثير من الأحيان تبيع السلع والمنتجات بسعر التكلفة أو أقل حفاظاً على استقرار أسواق الدولة، وإسهاماً منها ككيانات وطنية اقتصادية على تحقيق الأمن الغذائي في الدولة.
وأشار الاتحاد التعاوني الاستهلاكي «إلى أنه يتم الاجتماع والتنسيق مع التعاونيات الاستهلاكية المنتشرة في مختلف إمارات الدولة بشكل دوري للتأكيد على التزامها بعدم بيع السلع المقلدة أو عرضها في منافذها وسحب السلع التي قاربت على الانتهاء من رفوفها بهدف تقديم سلع ذات جودة عالية وبأسعار تنافسية، إضافة إلى إعداد دراسات ميدانية وخطط تضمن تحقيق الأهداف الأساسية للتعاونيات الاستهلاكية».
وأكد أن التعاونيات الاستهلاكية تتبع نهج العمل التعاوني بعيداً عن نهج الربح المادي البحت من خلال اتباع سياسة أفضل الأسعار، والحفاظ على استقرارها، إلى جانب توفير السلع الغذائية وغير الغذائية بكميات كافية للمستهلكين والحرص على توافرها بشكل دائم، مضيفاً إلى أن التعاونيات الاستهلاكية تخصص بنداً من ميزانياتها سنوياً يقدر بملايين الدراهم يصرف على المسؤولية المجتمعية ويشمل الصحة والتعليم والشأن الاجتماعي التي تسهم في تحقيق رؤية القيادة الرشيدة بإنشاء مجتمع محب للعمل التعاوني والخيري».
وأبان أن الاتحاد التعاوني الاستهلاكي يعمل بتنسيق عالٍ مع وزارة الاقتصاد – حماية المستهلك – والدوائر الاقتصادية في مختلف الإمارات على حماية المستهلك من ارتفاع الأسعار والسلع المقلدة، مشيراً إلى أن التعاونيات تثبت أسعار العديد من السلع الأساسية كخطوة من خطواته الرامية لتخفيف الأعباء عن أفراد المجتمع.

24.8 مليار دولار إنفاق المستهلكين على الغذاء

أكدت دراسة لغرفة تجارة وصناعة دبي أن الإمارات تعتبر ثاني أكبر سوق للمستهلك في منطقة مجلس التعاون الخليجي، حيث بلغ عدد سكانها 9.6 مليون نسمة في 2016 وتأتي بعد السعودية التي بلغ عدد سكانها 31.7 مليون نسمة، ويعادل عدد سكان الإمارات الضعف تقريباً لعدد السكان في الكويت وعُمان معاً و7 أضعاف عدد سكان البحرين.
وأوضحت أنه على مدى الأعوام الخمسة الماضية، سجل متوسط إنفاق المستهلك في الإمارات 45% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي وذلك مقارنة بمتوسط الإنفاق في دول مجلس التعاون، والذي بلغ 39%، وآسيا النامية 45%، ودول الاتحاد الأوروبي 56% والولايات المتحدة 68%، ويؤكد ذلك أن إنفاق المستهلك في الإمارات يتفوق على متوسط دول مجلس التعاون، وفيما يعادل معدل الأسواق الآسيوية نفسها، في حين يقل عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
وأوضحت «أنه خلال الأشهر الماضية من العام الجاري بلغ إجمالي إنفاق المستهلكين في الإمارات حوالي 206.5 مليار دولار، أما في العام الماضي فبلغ 194.5 مليار دولار، ويتوقع أن يسجل معدل نمو سنوياً تراكمياً قدره حوالي 7.5% في الفترة من 2016 -2021».
وأضافت الغرفة «بدراسة نمط إنفاق المستهلكين حسب الفئة في العام قبل الماضي، تبين أن الإنفاق الخاص على السكن يعتبر أعلى فئة حيث بلغ 75.7 مليار دولار، ويعني ذلك نسبة 41% تقريباً من إجمالي إنفاق المستهلك خلال الفترة المشار إليها، في حين يعد السكن من بين أوجه الإنفاق غير البذخي إلا أنه يتميز بالارتفاع في الإمارات مقارنة بمتوسط المنطقة والعالم، وذلك بسبب التكلفة المالية العالية للسكن في الدولة»، مضيفة «وفي المرتبة الثانية للإنفاق تأتي المواد الغذائية بقيمة بلغت 24.8 مليار دولار، وتشكل بذلك حصة قدرها 13.6% من إجمالي إنفاق المستهلك، أما في المرتبة الثالثة جاء الإنفاق على النقل بقيمة إجمالية بلغت 16.7 مليار دولار بحصة مئوية قدرها 9.2%. وجاء الإنفاق على الاتصالات في المرتبة الرابعة بقيمة 15.1 مليار.

عبدالله العوضي: الشراكات مع مؤسسات عالمية تعزز قدرتها التنافسية

قال د. عبد الله محمد العوضي، الأستاذ بالجامعة الأميركية في دبي والمستشار المالي «إن معظم الجمعيات التعاونية لم تنجح في تحقيق الهدف الذي أنشئت من أجله، كون المبدأ الذي تقوم عليه هو التعاون بين مجموعة من أفراد المجتمع بهدف توفير المواد الغذائية والاستهلاكية أو توفير خدمات معينة بأسعار تكون في متناول جميع أفراد المجتمع، كما أن معظم هذه الجمعيات غير قادرة على منافسة «الهيبر ماركت» الكبرى مثل «كارفور» واللولو وغيرهما، إذ لم تتمكن من جذب المستهلك وإقناع المساهمين، ما يؤكد أنها لم تحقق الأهداف التي أسست من أجلها».
وأرجع ذلك إلى نقص الإمكانات لدى الجمعيات، حيث يقوم جانب آخر بالتحكم في السوق وفِي الاستيراد، ما جعل هذه الجمعيات غير قادرة على جذب وكالات حصرية من ناحية أخرى، حيث إن هذه الجمعيات لا تملك الأدوات التي تجعلها تستطيع توسيع نشاطها خارج الدولة من أجل استقطاب وكالات وأسماء تجارية عالمية.
وحول قدرة الجمعيات التعاونية على عمل توازن في السوق، قال العوضي: إن الجمعيات لا تمتلك التنوع الكافي في المعروض من السلع والمنتجات، وتنحصر في بعض المنتجات القليلة لدرجة أن «الاتحاد التعاوني الاستهلاكي» قدم بعض المنتجات كبدائل وأطلق عليها منتجات تعاونية، بينما هي عبارة عن إعادة تغليف لمنتجات موجودة في السوق، وكان الهدف هو تقديم منتجات بديلة منافسة، إلا أن هذه الفكرة فشلت ولم تتمكن من المنافسة لأنهم قدموا المنتجات الموجودة نفسها في السوق، مثل «حليب تعاون» هو عبارة عن حليب لماركة موجودة في السوق وبأسعار أقل من أسعار هذه السلع، وتالياً أصبحت هذه التعاونيات غير قادرة لوحدها على إقناع المساهم بالانضمام إليها كما لم تقنع المستهلك في أن يراجع ثقافته الاستهلاكية، وينتقل إلى منتجات بديلة تنافسية، مشيراً إلى أنها فشلت في تحقيق هذين الهدفين لأنها لم تقدم المنتج البديل المناسب الذي يرضي ويقنع المستهلك.
وقال العوضي إن الهدف الأول للجمعيات التعاونية أصبح الربح المادي، بينما ينحصر هدفها الأسمى في أمرين رئيسين هما توفير منتجات بسعر تنافسي، وأيضاً توفير أرباح للمساهمين، ولكن وللأسف هناك جمعيات فشلت في تحقيق الربحية المناسبة التي ترضي المساهم، حيث أصبح بعضها طارداً للمساهمين، إذ لم تحقق إلا المستوى الأدنى المستهدف للأرباح، فلا هي حققت توفير منتجات تنافسية بأسعار رمزية للمساهمين والمستهلكين، ولا حققت أرباحاً للمساهمين.
وطالب بتطبيق عدد من المقترحات التي من شأنها المساعدة في تحقيق أهدافها المنشودة كوجود رقابة عليا على أموال المساهمين، لحفظ حقوقهم، وأيضاً إعادة المكانة المرموقة والمعهودة للجمعيات التعاونية، وهذا لا ينفي وجود جمعيات منافسة وتقدم للمساهم عائداً جيداً مثل جمعية الاتحاد التعاونية.
ورأى العوضي أهمية دخول الجمعيات في شراكات استراتيجية وتجارية مع مؤسسات عالمية وجمعيات تعاونية خارج الدولة، مثل الجمعيات التعاونية الكويتية لكونها ناجحة جداً، وتبادل الخبرات معها مهم جداً لتقديم أفضل الممارسات العالمية، مؤكداً أنه لتحقيق هذه الأهداف لابد من تكاتف عدد من الجهات التشريعية في الدولة.

نجيب الشامسي: الجمعيات تحتاج إلى دعم حكومي لمواجهة المنافسة

 اعتبر الدكتور نجيب الشامسي، مستشار اقتصادي في غرفة تجارة وصناعة أبوظبي، أن الأهداف التي نص عليها النظام الأساسي للجمعيات التعاونية مجدية وذات نفع، إلا أن العبرة ليست في النصوص المعمول بها، بل في الدعم المطلوب، ففي دولة الإمارات توجد منافسة أجنبية محتدمة لا تستطيع الجمعيات أن تصمد أمامها مع وجود كل أشكال الاحتكار، خاصة أصحاب محال «السوبر ماركت» الكبيرة، مشيراً إلى وجود محال بقالة كان يملكها مواطنون، ثم أصبح يملكها آسيويون تحولوا من تجار تجزئة إلى أصحاب محال «هيبر ماركت»، في حين أن الجمعيات لا تحظى بالدعم المطلوب الذي تستطيع أن تحقق من خلاله الهدف المنشود من تأسيسها.
وطالب الشامسي بتوفير الدعم لهذه الجمعيات من قبل الجهات الحكومية، من خلال إعطائها أراضي مجانية في مناطق سكنية لإقامة أفرع لها عليها، وإعفاءات من الرسوم المفروضة من قبل الدوائر الحكومية، بحيث لا يتم التعامل مع الجمعيات كما في التعامل مع أي سوبر ماركت آخر، ولا بد أن تكون الخدمات التي تقدمها هيئة الكهرباء والمياه ذات قيم مقبولة، بحيث تشكل دعماً لهذه الجمعيات.
ورأى الشامسي أن الجمعيات التعاونية مطالبة بأن تحقق هدفين أساسيين، الأول هو تقديم سلع أساسية للمستهلك بأسعار مشجعة ومقبولة، أما الهدف الثاني فهو أن يزيد عدد المساهمين لديها عبر تحقيقها لأرباح وعوائد كبيرة تشجع على الانضمام إليها، مؤكداً أنه في ظل توافر الدعم المناسب لهذه الجمعيات سيخلق لديها القدرة على منافسة المحال الكبرى، وتالياً تحقق أرباحاً يستفيد منها الأشخاص المساهمون فيها، إلا أنه حالياً وفي ظل عدم وجود دعم مناسب للجمعيات بالدولة، فإنها لا تستطيع أن تحافظ على التوازن، حيث إن هناك جمعيات تكبدت خسائر كبيرة وخرجت من السوق، إضافة إلى أن إدارات معظمها تفتقد إلى الخبرة والمعرفة، ما يجعلها تفتقد الرقابة المالية وأيضاً الرقابة على السلع المعروضة والمخزن منها، ما يفسح المجال أمام مدير الجمعية غير المواطن لاتخاذ قرارات قد تكبد الجمعية خسائر مالية فادحة.
وعن كيفية عودة الجمعيات التعاونية إلى مسارها الصحيح، قال الشامسي: «يتم ذلك من خلال الدعم الحيوي من قبل كل إمارة ومن قبل هيئات المياه والكهرباء، ما يخلق نقلة نوعية لأن جزءاً كبيراً من دخل هذه الجمعيات يذهب لدعم أنفسهم، حيث يتم التعامل على أن الجمعية سوبر ماركت وليست لأشخاص مساهمين ومستهلكين، متوقعاً أنه في حال حصلت الجمعيات على الدعم المطلوب ستتوسع وتقدم سلعاً للمجتمع بأسعار مقبولة، وتالياً ستحقق أرباحاً ويزيد الطلب علي السلع أكثر، ويساعد ذلك على دخول مساهمين جدد».
وشدد الشامسي على أهمية تفعيل دور الاتحاد التعاوني المشرف على كل الجمعيات، حتى تتمكن هذه الجمعيات من أن تخرج إلى دول المنشأ وتجلب سلعاً أساسية من المصدر وتبيعها بأسعار مقبولة، ما يمكنها من منافسة محال «السوبر ماركت» الكبيرة، وفي الوقت نفسه تكون هذه السلع مضمونة بعيدة عن الغش، ويتحقق ذلك من خلال وجود اتحاد تعاوني مفعل بشكل جيد، ويراقَب ويحضر سلعاً أساسية قوية مهمة ومضمونة وليس فيها أي تلاعب في نوعيتها وأسعارها، إلى جانب أن تقوم جمعية المستهلك بالتدخل وحماية هذه الجمعيات لتقوم بدورها الذي أنشئت من أجله.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©