الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ترتيب القنوات في التلفزيون

ترتيب القنوات في التلفزيون
1 يوليو 2011 21:50
«قل لي ما هو ترتيب القنوات في تلفزيونك، أقل لك مَن أنت»، هذا ما توصّلت إليه فجأة أثناء ممارسة هوايتي المفضّلة في التنقل بين القنوات الفضائية، وهوايتي الأخرى في تحديث القائمة بين الحين والآخر، وتقديم وتأخير وإيجاد وإلغاء القنوات، فأنا لا أترك جهاز التحكّم أبداً ولو جلست أمام التلفزيون 24 ساعة، وفي أحد المرات قمت من مكاني متجهاً إلى المطبخ، وفتحت باب الثلاجة وفوجئت بالجهاز في يدي، فوضعته على الرف مع البيض وأخذت علبة عصير وعدت إلى مكاني أبحث عن الجهاز أسفل المقاعد. وحين أتذكر مشواري مع «الرسيفر» الذي ظُلم كثيراً حين عُرِّب إلى عبارة طويلة بشعة هي «جهاز اللاقط الفضائي»، أجد أن الترتيب الذي كنت أضع فيه القنوات يعبّر عن شخصيتي تماماً، وكل تغيير شهده «الرسيفر»، شهد تغييراً مماثلاً في شخصيتي، أو بالأحرى في مزاجي وتوجهاتي وظروف حياتي. أذكر جيداً انبهاري بقناة «الجزيرة» الإخبارية في سنواتها الأولى في غرفتي الصغيرة في بيت الأسرة، فقد كانت «الجزيرة» أول قناة في القائمة، كما كانت القناة العاشرة، والعشرين، والثلاثين، فبين كل دفعة قنوات كنت أضع «الجزيرة» لئلا يفوتني أي شيء مما تعرضه أثناء تنقلي بين القنوات. هذا يعني أنني كنت قد غسلت يدي بالماء والصابون والمطهّرات من الإعلام العربي الرسمي بكامله، وأتوق إلى سماع الرأي الآخر، وإلى أمور أكثر أهمية من استقبل وودّع وسلّم وصافح وأكّد ونفى. وكانت قنوات «الهشك بشك» المفعمة بالحياة والملابس القصيرة المزركشة في قائمة القنوات العشر الأولى في جهازي، فساعة لأخبار الجزيرة وساعة للفساتين المثيرة. وفي المقابل، كانت القنوات العلمية والتربوية والثقافية في آخر القائمة، ولا أتردد عليها إلا في السنة مرة، وهذا طبيعي، لأنني لم أكن متزوجاً وكنت بحاجة إلى كوادر نسائية أحلم بها. وبعد زواجي، أبعدت تلك القنوات الهدّامة لأبعد الشبهة عني، إذ لا يمكن أن تجتمع الزوجة وقناة «فرايحية» تحت سقف واحد، وفي المقابل سحبت جميع قنوات الأفلام ورتّبتها في قائمة القنوات العشر الأولى، بهدف قضاء السهرة مع شريكة حياتي ونحن نتابع الأفلام ونأكل الفشار، لكن فشلت كل محاولاتي في الظهور بمظهر الزوج الراقي الذي يستمتع بمشاهدة الأفلام مع زوجته، إذ إنني أعيش الفيلم ولا أرفع عيني لحظة عن الترجمة، وأرفض أن أقول كلمة واحدة، أو أسمع كلمة واحدة إلا في فترات الإعلانات. عدت أحشد من جديد القنوات الإخبارية في القائمة الأولى، لكن تراجعت «الجزيرة» إلى المركز الثاني بظهور قناة «العربية» وتقدمي في السن قليلاً، وهذا يعطي الانطباع بأنني سئمت الصراخ ولم أعد أصدق المؤامرات كثيراً، وبتّ في حاجة إلى قناة أكثر هدوءاً، وتوازناً. كما أنني دسست بعض القنوات الهدّامة في أماكن قريبة، بعد أن اكتشفت أن الزواج شيء ممل. بانضمام طفليّ إلى جمهور التلفزيون في بيتي، صارت قنوات الكرتون هي الأولى، ثم القنوات الإخبارية، ثم قنوات المنوّعات، ثم الأفلام. ومع بلوغهم سن الفهم والإدراك ثم التمييز، والذي تزامن مع ظهور قناة «ناشيونال جيوغرافيك أبوظبي»، وحرصي على تنمية معارفهم، فقد أصبحت هذه القناة هي القناة الأولى بعد قنوات الكرتون. مع اندلاع الاحتجاجات العربية مؤخراً، اكتسحت القنوات الإخبارية لاقطي الفضائي وأصبحت أول قناة منوّعات في الترتيب الثلاثين من القائمة بعد عشرات القنوات المتخصصة في نقل صور المتظاهرين وهتافات «ارحل»، وخطابات اكتشاف الجرذان والجراثيم ولعب الشطرنج باليدين. أحمد أميري me@ahmedamiri.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©